حادثة فلويد تكشف كذبة "أميركا بوتقة انصهار الثقافات"

تشير الاحتجاجات التي تنتشر في الولايات المتحدة الآن إلى أن أزمة المواطنة لا تتعلق فقط بالشباب في العالم العربي، فأوجه التربية غير الجامعة في المجتمع الأميركي أيضا وقفت عائقا أمام تقبل ذوي الأصول الأفريقية كمواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
ويلقي الكثيرون باللوم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما تشهده الولايات المتحدة من انقسام مجتمعي، وفي طريقة التعامل العنيف للشرطة مع المتظاهرين، لكن الغضب المتصاعد في البلاد له جذور أعمق من ذلك.
وذكرت دويتشه في تقرير لها، أن وصول باراك أوباما كأول رئيس أميركي من أصول أفريقية إلى الحكم في الولايات المتحدة لم يكن أمرا جيدا لدى البعض ممن يكرهون الآخر المختلف، غير الأبيض، غير الأميركي، المهاجر، حتى وإن كان أوباما هو مجرد وجه أسمر لأفكار وقيم الرأسمالية الأميركية التي أصبحت نهجا صريحا للإدارة السياسية على الأقل منذ عهد رونالد ريغان، ليتعزز مع الوقت تمايز حاد بين تيارين في الولايات المتحدة هما نفسيهما يعانيان من انقسامات داخلية: يمين متطرف ويسار يبدو في طريقه إلى ذلك.
وظهرت على سطح الأحداث الأخيرة التي أعقبت مقتل جورج فلويد حركة أنتيفا، لتظهر في المقابل تصريحات على شبكات التواصل الاجتماعي لأنصار ترامب أبدى بعضهم خلالها استعدادا تاما للنزول إلى الشوارع وإنهاء حركات الاحتجاج خلال 24 ساعة في تهديد واضح باستخدام القوة.
وهذا التهديد تلقاه الجميع بقلق شديد تزامن مع تصاعد نبرة الحديث للتيار اليميني في وسائل الإعلام، كما يظهر من تصريحات جاريد تايلور محرر مجلة “النهضة الأميركية” ذات التوجه العنصري.
وبعد أن كانت أميركا هي بوتقة انصهار الثقافات والمعارف المختلفة للمهاجرين، تضاءلت اللحمة الاجتماعية وتعاظم الانقسام المجتمعي وأصبح العدو داخليا مع تصاعد الخطاب العنصري والذي يُتهم ترامب بشكل أساسي أنه المتسبب فيه، إلى جانب عوامل متعددة ساهمت في تراجع تأثير الطبقة الوسطى المتعلمة التي كان يعول عليها أي مرشح للرئاسة في مقابل تنامي التطرف اليميني.
ويخشى مراقبون من أن تهديد ترامب بإعلان حركة أنتيفا المعادية للفاشية واليمين المتطرف والرأسمالية وكل من يستهدف المهمشين والأقليات، “جماعة إرهابية” قد يمهد لمكارثية جديدة في الولايات المتحدة يتم على إثرها إطلاق حملة اعتقالات ضخمة تضم كل من يكرهه ترامب أو يخشاه، لتتكرر كارثة المكارثية التي أخذ المجتمع الأميركي وقتا طويلا ليتعافى من تبعاتها.