"حاجة.. أخرى".. نظرة مسرحية مختلفة للواقعين التونسي والعربي

تونس - عرضت ضمن فعاليات الدورة التأسيسية من المهرجان الوطني للمسرح التونسي “مواسم الإبداع” الذي انعقد من السابع وحتى الرابع عشر من نوفمبر الجاري، مسرحية “حاجة… أخرى” عن نص وإخراج لمحمد كواص وأداء يحيى الفايدي وأصالة كواص.
ودام العرض 60 دقيقة وتدور أحداثه حول “مان” و”كان”، وهما شخصيّتان تُنْسَيانِ خارج محلّ “البوتيك” مِنْ قِبَلِ صاحب المحلّ. يَتَتَبَّعانِهِ في ليلته قبل السّفر. رحلةٌ يكتشف الجمهور معها المدينةَ ليلًا في فضاءاتٍ مختلفةٍ. وباختلافِ الفضاءِ تختلف معه رؤية المتفرج للمدينةِ، للمواطنِ، ولوضع البلادِ وتناقضاتِها.. لتنتهي الرحلة بعودتِهِما إلى المحلِّ دون التفكيرِ في الخروجِ مجدّدًا.
الطريف في هذا العمل أن الشخصيّتيْن في المسرحية هما تمثالان لعرض الملابس على واجهة محلّ. هما شخصيتان جامدتان يطغى عليهما السكون والعدم، لكن المخرج محمد كواص بعث في شخصيتيْ عمله روحا جديدة لتحييهما، فبدأت أجسادهما تنبض حركة متخذة منحًى تصاعديّا فتبدآن في تعلّم اللغة وهي إحدى الخصائص المميّزة للإنسان وبها تتحقق إنسانيته، وبهذا المشهد استهلّت المسرحية لتبدأ معها المسيرة الإنسانية في الحياة.
والعمل المسرحي «حاجة… أخرى» هو فعلا “حاجة أخرى”، مصطلح دارج التونسي يوصف به أيّ شيء مختلف ومبتكر ومميز، فهذه المسرحية تُميّزها كتابة مسرحية جديدة متمرّدة على المألوف، ويمكن اعتبارها تجربة تبحث عن كتابات مسرحية جديدة غير مستهلكة من حيث الاختيار الجمالي سواء في اللعب الدرامي للممثليْن يحيى الفايدي وأصالة كواص أو من حيث بساطة الديكور المتمثل في إطارات من الخشب طوّعها المخرج في الانتقال السلس من مكان إلى آخر وهي أماكن عديدة منها واجهة المحل والمصعد الكهربائي والمستشفى والمطار وغيرها.
ويخطّ المخرج من خلال هذا العمل حكاية ذات أبعاد عميقة في المحتوى رغم بساطتها في الشكل ويثير العديد من القضايا المركزية ذات الصلة بالمجتمع التونسي وحتى العربي.
يذكر أن “المهرجان الوطني للمسرح التونسي – مواسم الإبداع” انتظم احتفاء بالذكرى الأربعين لتأسيس المسرح التونسي، وهو مهرجان مخصّص حصريا للإنتاجات المسرحية التونسية، نابع من الرغبة في إحياء ذاكرة “أسبوع المسرح التونسي” سابقا.