جي5.. إنترنت الحياة يستبدل إنترنت الأشياء

بداية من عام 2020، سيكون العالم قد بدأ بالفعل استخدام الجيل الخامس للإنترنت (جي5) ورغم أن الشركات لم تحسم المسألة بعد، إلا أن كافة التقديرات تشير إلى أننا على أعتاب سرعة غير مسبوقة، سرعة لم ندرك بعد تداعياتها وآثارها على حياتنا اليومية ستفجر حروبا من كافة الأنواع بين القوى العالمية العظمى.
لندن- أكد الكاتب آلان بارلوي في مقال نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن شبكات إنترنت الجيل الخامس (جي5) ستكون أحد مفاتيح حروب المستقبل، حيث يعتقد أن التطبيقات المتعددة لهذه التقنية في المجال المدني ستكون ثورة حقيقية.
وإذا كانت تقنية الجي4، أو الجيل الرابع من الإنترنت، جعلت من الهواتف المحمولة وسيلة لإدارة شؤون الحياة اليومية بمختلف تعقيداتها، وليس فقط أداة لإجراء المكالمات الهاتفية وإرسال الرسائل النصية القصيرة، فإن الجيل الخامس للإنترنت سيجعل من نظم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات والسيارات ذاتية القيادة، من أهم الأدوات التي يستخدمها البشر في حياتهم اليومية في المستقبل القريب، تماما مثلما الهواتف الذكية في الوقت الحالي، فنتحول من مجتمع “إنترنت الأشياء Internet of Everything” إلى مجتمع “إنترنت الحياة Internet of Life”.
وبداية من عام 2020، سيكون العالم قد بدأ بالفعل استخدام الجيل الخامس للإنترنت (جي5) وهو يختلف تماما عن الأجيال السابقة له، فهو ليس الجيل الرابع +1، بل هو تقنية مختلفة تماما. وللتوضيح يمكن ضرب مثال بإمكانية تحميل فيلم بجودة عالية جدا، فبينما يتطلب الأمر أياما عبر الجيل الثالث للإنترنت، أو ساعات عبر الجيل الرابع، فإن الأمر لا يتعدى ثانية في الجيل الخامس. ورغم أن الشركات لم تحسم المسألة بعد، إلا أن كافة التقديرات تشير إلى أن البشرية على أعتاب سرعة غير مسبوقة.
ووفق مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، بدأت العديد من الدول بالفعل مرحلة التحول نحو الجيل الخامس للإنترنت، منها ما بدأ بالفعل في تقديم الخدمات التجريبية، على أن يبدأ بتدشين الخدمات التجارية خلال هذا العام، مثل كوريا الجنوبية والصين والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وإيطاليا وسويسرا وإسبانيا وفنلندا وفرنسا، وأستراليا، وهناك دول أخرى سوف تطلقه بحلول عام 2020 مثل ألمانيا وكندا واليابان، ليشهد العالم ثورة حقيقية في مختلف دول العالم نحو تبني تقنيات الجيل الخامس للإنترنت. وتتوقع شركة “أريكسون” أن يكون عدد مستخدمي الجيل الخامس للإنترنت بحلول عام 2024 حوالي 2.5 مليار مستخدم، ويتوقع أن يبلغ حجم سوق تقنية الجيل الخامس 251 مليار دولار عالميا بحلول عام 2025.
ويُعتبر الجيل الخامس للإنترنت هو الروح التي تغذي كافة التقنيات فائقة التطور، مثل نظم الذكاء الاصطناعي والروبوتات والسيارات ذاتية القيادة والدرونز وتقنيات إنترنت الأشياء، وغيرها، حيث تحتاج هذه النظم إلى نقل كمية كبيرة جدا من البيانات في وقت واحد لتحليلها واتخاذ القرار السليم، فقد تكون ثانية واحدة كفيلة بأن تتفادى سيارة ذاتية القيادة وقوع حادث على سبيل المثال، وذلك من خلال كمية المعلومات العملاقة التي تحصل عليها في أقل من ثانية. كما يمكن أيضا للآلاف من القطع الذكية الموجودة في المصانع أو المباني والطرقات أن تتواصل مع بعضها بعضا بصورة أسرع وأدق، وأن تنتهي كافة الأعمال بكفاءة ودقة عاليتين. كما يمكن توظيفها أيضا في تحريك الآلاف من الروبوتات أو الدرونز ذاتية القيادة عبر تشكيلات متناغمة وبدقة متناهية، حيث يتم استخدامها لأغراض الترفيه أو المراقبة أو لأغراض عسكرية.
ويمكن أيضا عبر الجيل الخامس من الإنترنت إجراء العمليات الجراحية عن بعد وبدقة عالية جدا، وتحسين استخدامات الواقع الافتراضي، سواء لأغراض الترفيه أو التعلم أو المحاكاة، ويمكن الحصول على خدمات جي.بي.أس بصورة ثلاثية الأبعاد وليس ثنائية الأبعاد كما هو الحال.
ويتطلب انتشار تقنيات الجيل الخامس استخدام بنية تحتية جديدة تستوعب حركة المرور الرقمي التي تنتج تواصل مليارات الأجهزة المتصلة ببعضها بعضا عبر شبكة الإنترنت، والتي تحتاج بشدة خدمة النطاق الترددي، سواء كانت هواتف ذكية أو تقنيات إنترنت الأشياء المتعددة أو السيارات ذاتية القيادة أو كاميرات المراقبة الأمنية أو الأجهزة الصحية والشخصية القابلة للارتداء أو تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي.
وسيتطلب ذلك المزيد من الهوائيات على الأبراج الخلوية وأسطح البنايات، كما يتطلب من المستهلكين أيضا شراء أجهزة جديدة لاستخدام تقنية الجيل الخامس، لأن الهواتف الذكية الحالية لن تكون قادرة على الانتقال إلى الشبكة الجديدة فائقة السرعة.
وهذه السرعة في نقل الاتصالات والمعلومات التي اقتربت من سرعة الضوء ستؤدي في النهاية إلى انعدام الفارق بين الزمان والمكان، حيث يمكن إدارة أي شيء وكل شيء من أي مكان وفي أي وقت، ومعرفة الأفكار التي تدور في ذهن الأفراد دون الحاجة إلى التعبير عنها، ودقة التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، ويصبح الهاتف اللوحي بمثابة ريموت كنترول يُدير كافة شؤون الحياة اليومية للأفراد من العمل إلى السيارة إلى المنزل إلى المصنع وإلى ذلك، فقط عبر إيماءة عين أو إشارة أصبع. فهل نحن مستعدون لذلك؟
2.5 مليار عدد مستخدمي تقنيات الجيل الخامس للإنترنت بحلول عام 2024
غير أن البعض من أهل القطاع لا يتوانون عن تفتير الحماس المحيط بهذه التقنية الجديدة. فالتسرع في استعراض الإمكانيات التي قد تتيحها هذه الشبكة قد يرفع سقف الطموحات عند العامة التي قد يخيب ظنّها بالأداء الفعلي للشبكة الأولية.
ووفق المدير المكلف بقطاع الإعلام والاتصالات في مجموعة “أكسنتشر” يانيك سادوي فإن “وعود الاستجابة بالوقت الفعلي لن تتحقق قبل 2023 -2025”. ولفت ستيفان تيرال المدير التنفيذي لقسم الأبحاث حول الأجهزة المحمولة في “آي.آتش.أس.ماركيت” من جهته إلى أن “خطر الخيبة موجود”. وبحسب تيرال “إنها شبكة تكلّف مبالغ طائلة وليس من الأكيد أنها ستقدّم عائدات على الاستثمار”.
لكن خبراء يؤكدون أن أحد أهم أسباب التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين يرتكز في واقع الأمر على صراع أكبر اقتصادين في العالم للسيطرة على سوق اتصالات الجيل الخامس، تلك التقنية الثورية الجديدة التي تعتبرها الصين العمود الفقري لاستراتيجية “صنع في الصين 2025”، التي ستحّول بكين إلى “قوة تقنية عظمى”.
وأبدت بكين استعدادها لخوض حرب تجارية مع الولايات المتحدة للحفاظ على برنامجها التقني. وتشتد في هذه الآونة محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإثارة مخاوف العالم حيال احتمال استخدام الصين شبكاتها من الجيل الخامس كحصان طروادة لاختراق الدول الغربية أمنيا.