جيورجيا ميلوني تتعهد بوقف الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا

نهج رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة يهدف إلى طمأنة الأسواق وكذلك بروكسل والشركاء الأوروبيين لثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.
الأربعاء 2022/10/26
الهجرة صداع مزمن

روما - حددت رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة جيورجيا ميلوني، في أول خطاب لها أمام البرلمان الثلاثاء، خططا لمنع وصول مهاجرين على متن القوارب من دول شمال أفريقيا إلى إيطاليا، وهو من أهم التعهدات الانتخابية التي أوصلت اليمين المتطرف إلى حكم إيطاليا.

وتعهّدت ميلوني بوقف الهجرة غير الشرعية من أفريقيا ووضع حد للاتجار بالبشر في البحر الأبيض المتوسط، في وقت نبّهت فيه منظمة تدير خطًا ساخنًا للإنقاذ إلى أن أكثر من 1300 شخص عالقون في المتوسط حاليًا.

وفي ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، أكدت ميلوني الثلاثاء رغبة حكومتها في “وقف الهجرة غير الشرعية (من أفريقيا) ووضع حد للاتجار بالبشر” في البحر الأبيض المتوسط، لاسيما من خلال تجنيب الهجرة غير الشرعية من ليبيا.

ماتيو بيانتيدوسي: ندرس منع دخول  سفن إنقاذ المهاجرين إلى أراضينا
ماتيو بيانتيدوسي: ندرس منع دخول سفن إنقاذ المهاجرين إلى أراضينا

وشددت على أن الوقت حان لمنع المهربين من أن يكونوا “هم من يقرر من يدخل” إيطاليا، فيما قال وزير داخلية حكومتها إنه قد يمنع السفن الإنسانية من جلب المهاجرين الذين تم إنقاذهم إلى إيطاليا، ما يعيد إحياء سياسة مثيرة للجدل تعود إلى عام 2019.

وفي وقت سابق الثلاثاء، نبّهت جمعية “ألارم فون” (Alarm Phone)، وهي منظمة غير حكومية تدير خطاً ساخناً للمهاجرين الذين يواجهون صعوبات، إلى أنها تعتقد أن سفينتين تحملان معًا أكثر من 1300 شخص قد واجهتا مشاكل أثناء العبور. ولفتت إلى أنها تلقت اتصالًا للنجدة من “قارب خشبي كبير غادر طبرق في ليبيا”.

وقالت المنظمة على تويتر إن القارب “موجود الآن في مناطق البحث والإنقاذ في مالطا وإيطاليا”، في إشارة إلى مناطق البحث والإنقاذ البحري التي تقع ضمن مسؤوليات روما وفاليتا.

وفي تغريدة لاحقة، أشارت المنظمة إلى أنها تعتقد أن هناك قاربين غادرا ليبيا معًا، مضيفة “قيل لنا إن أحدهما يحمل نحو 700 شخص والثاني نحو 650 شخصًا. ورد أن شخصًا توفي ولم تعد المحرّكات تعمل”، داعية إلى “عملية إنقاذ طارئة”.

في سياق منفصل، انتشل خفر السواحل الإيطالي جثتَي توأمين يبلغان من العمر شهرًا واحدًا فقط توفيا الاثنين خلال رحلة عبور من تونس إلى إيطاليا، بحسب تقارير إعلامية إيطالية.

وذكرت التقارير أن الصبي والفتاة كانا يعانيان من نقص في الوزن بشكل خطير وأن والديهما كانا يأملان في أن ينقذهما الأطباء الإيطاليون.

ولطالما كانت إيطاليا على الخط الأمامي للهجرة حيث تستقبل عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يحاولون الوصول إليها عبر البحر.

وتقلّ سفينتا إغاثة حاليًا في البحر الأبيض المتوسط – سفينة Humanity 1 وسفينة Ocean Viking – نحو 300 شخص بعد عمليات إنقاذ متعددة في البحر.

وقال وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي الثلاثاء إن السفن “لا تتماشى مع روح اللوائح الأوروبية والإيطالية” بشأن أمن الحدود، مشيرًا إلى أنه يدرس ما إذا كان سيحظر دخولها إلى المياه الإيطالية.

وتجمع بيانتيدوسي علاقات وثيقة مع وزير النقل الجديد ماتيو سالفيني حليف ميلوني، وقد يتحدان لإيقاف جمعيات الإنقاذ الخيرية التي يعتبرها اليمين “عامل جذب” للمهاجرين.

ويخضع حاليًا سالفيني، الذي يقود حزب الرابطة المناهض للهجرة، للمحاكمة بسبب منع وصول مهاجرين في البحر في العام 2019 خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية. وتشمل صلاحياته الحالية كوزير للنقل التحكم في خفر السواحل.

وفي خطابها أمام البرلمان، قالت ميلوني إن حق اللجوء للفارين من الحرب والاضطهاد سيتم احترامه. لكن الجمعيات الإنسانية تقول إن هذه الحقوق غير موجودة بموجب اتفاق يرعاه الاتحاد الأوروبي بين إيطاليا وليبيا والذي بموجبه يعترض ما يسمى بخفر السواحل الليبي المهاجرين في البحر ويعيدهم قسرًا إلى ليبيا.

ويقول ناشطون حقوقيون إنه تم اعتراض نحو 100 ألف شخص منذ عام 2017. ويعتقد أن معظمهم انتهى بهم المطاف في مراكز الاحتجاز الليبية التي شبّهها البابا فرانسيس بمعسكرات الاعتقال.

وأمام الحكومة الإيطالية الجديدة مهلة حتى الأسبوع المقبل لتقرير ما إذا كانت ستلغي الاتفاق أو ستسمح بتجديده تلقائيًا لثلاث سنوات إضافية.

وفي المقابل أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية أن إيطاليا “جزء كامل من أوروبا والعالم الغربي”، في رسالة طمأنة لشركائها في الاتحاد الأوروبي بعد أن أثار انتقادها للاتحاد الأوروبي موجة من الجدل وأحيا مطالب كامنة بانفصال روما عن التكتل الأوروبي.

وقالت ميلوني التي ترأس حزب “فراتيلي ديتاليا” (إخوة إيطاليا) المشكك بأوروبا إن مقاربة إيطاليا ليست “كبح التكامل الأوروبي ونسفه” لكن جعل آلة المجموعة تعمل بشكل أفضل.

ووعدت ميلوني أيضا بأن روما ستبقى “شريكا موثوقا لحلف شمال الأطلسي لدعم أوكرانيا”.

وقبل بدء خطابها الثلاثاء في البرلمان الإيطالي، رسم حليفها ونائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة المناهض للمهاجرين، في سلسلة تغريدات الاثنين، برنامجا يتضمن إصلاح نظام التقاعد ومساعدات كبرى للأسر والشركات، وضريبة بمعدل 15 في المئة وبناء جسر مثير للجدل بكلفة عالية جدا بين صقلية والبر الإيطالي.

وصحيح أن هذه الوعود كانت جزءا من البرنامج الانتخابي للائتلاف اليميني الذي يضم أيضا “فورتسا إيطاليا” بزعامة سيلفيو برلوسكوني، لكن ميلوني كثفت في الأسابيع الماضية التصريحات التي تدعو إلى توخي الحذر في الإنفاق.

ويهدف نهجها إلى طمأنة الأسواق وكذلك بروكسل والشركاء الأوروبيين لثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو الذي يعتمد نموه على نحو 200 مليار يورو في شكل إعانات وقروض يمنحها الاتحاد الأوروبي في إطار صندوق الإنعاش لفترة ما بعد الوباء.

وهذه الأموال تعتمد على سلسلة إصلاحات، تتراوح من القضاء إلى رقمنة الإدارة العامة ويفترض أن تطبق بحلول 2026. وقد وعد تحالف ميلوني بمراجعة هذه الخطة لكنه لم يذكر بعد كيف، وبما أن قسما من الأموال دفع أساسا فإن بروكسل لن تسمح كما يبدو بتغييرات كبرى.

ويقول محللون إن “أي إستراتيجية توتر مع المفوضية الأوروبية ستكون مجازفة كبرى في أجواء مالية ضعيفة جدا”.

5