الرباط - يقدم المغرب بيئة حيوية للشركات الناشئة والابتكار في قارة أفريقيا، حيث تعد النسخة القادمة من معرض جيتكس المقررة في أواخر مايو المقبل، والتي ستكون مدينة مراكش مسرحا لها، مثالا صارخا على ذلك.

وسيجمع الحدث رواد التكنولوجيا والأعمال، مما يوفر للشركات الناشئة المغربية منصة مميزة لعرض تقدمها واغتنام فرص النمو في أعقاب نجاح المؤتمر العام الماضي، الذي استقطب أكثر من 35 ألف مشارك، بما في ذلك 900 عارض من 128 دولة.

وبعد أكثر من أربعة عقود من تنظيم معرض جيتكس في دبي، يفخر المغرب الآن بالثقة التي منحت له لتنظيم الحدث لمرتين متتاليتين، وهو ما يترجم الرغبة في دعم أنظمة الابتكار التكنولوجي التي تشهد تطورا في البلاد.

وقالت تريكسي لوه ميرماند الرئيس التنفيذي لشركة كاون الدولية التي تنظم الحدث، إن “تجديد معرض جيتكس أفريقيا هذا العام يعكس الديناميكية المشجعة في ما يتعلق بالاكتشاف التكنولوجي، الذي تم إطلاقه العام الماضي مع نسختنا الافتتاحية في القارة”.

وأضافت في تصريحات صحفية “يمكن للمجتمع الدولي أن يرى أن الطاقة المتنامية في أفريقيا وفضولها وطلبها على التقدم الرقمي تفوق تلك الموجودة في القارات المتقدمة والناضجة”.

وأوضحت أن تنوع وتعقيد التقنيات المقدمة في جيتكس أفريقيا، والتي من الواضح أن الذكاء الاصطناعي من بينها، مصمم لتوفير تجربة محفزة من شأنها تعزيز تبادل المعرفة وفرص التعاون بين القطاعين العام والخاص، وكذلك بين الشركات العالمية.

وحتى يترك المسؤولون المغاربة انطباعا قويا على نسخة جيتكس هذا العام، أطلقت وزارة التحول الرقمي مبادرة ضاعفت من خلالها عدد الشركات المستفيدة من الدعم الشامل للمشاركة في المعرض، بما في ذلك العروض الترويجية ومعسكرات تدريب الخبراء.

وخلال جولة ترويجية بالدار البيضاء في إطار تنظيم الدورة الثانية للمعرض قالت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي غيثة مزور “نفخر هذه السنة بمضاعفة عدد المستفيدين ليصل إلى 200 شركة بدلا من 100 شركة كانت مشاركة خلال نسخة 2023”.

وتكمن أهمية مشاركة هذه الشركات في أنها تعمل على المساهمة في إشعاع المغرب عالميا في مجالات الابتكارات وريادة الأعمال الرقمية والتمويل التكنولوجي.

وأكدت مزور في كلمة تلاها نيابة عنها عبدالسلام حصار مكلف بمهمة بالوزارة، أن هذا الحدث الذي يضطلع بأهمية كبرى، يطمح ليصبح مركزا إقليميا وقاريا حقيقيا في المجال الرقمي، ويعكس التزام الوزارة الثابت بتعزيز التنمية الرقمية في المغرب.

وأشارت إلى أن تنظيم المعرض يتماشى تماما مع توجهات الإستراتيجية العامة للوزارة الرامية إلى تعزيز النمو الرقمي في المغرب.

ويركز صناع القرار الاقتصادي بالمغرب على مطاردة محفزات زيادة المحتوى المحلي من خلال دعم المنتجات ذات القيمة المضافة بالتوازي مع بحث فرص تطوير قطاع الابتكار.

وأكد إبراهيم أومان مدير المنظومة الرقمية بوكالة التنمية الرقمية أن الهدف الرئيسي من المعرض هو إظهار جيل من رواد الأعمال الشباب القادرين على مواجهة تحدي التنمية، ومواكبة البلاد في برنامجها المتعلق بالانتقال الرقمي.

وتتعدد فوائد المشاريع الناشئة في اقتصادات بلدان أفريقيا، حيث لا توفر التقنيات الرقمية فقط إمكانية تسريع وتيرة التقدم الاقتصادي والاجتماعي وفتح مجالات جديدة للنمو الأسرع، ولكن أيضا الابتكار وتوفير فرص العمل والوصول إلى الخدمات.

ويؤكد خبراء أن التحول الرقمي أضحى أولوية لا محيد عنها بالنسبة للشركات والحكومات الأفريقية رغم أن العديد من الأشخاص في أفريقيا لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت وليست لديهم هوية رقمية ولا يمكنهم الوصول حتى إلى أبسط الخدمات المرتبطة بالرقمنة.

ويركز هؤلاء على نقطة جوهرية في تحركات الشركات الأفريقية الناشئة، حيث يعتبرونها امتدادا لفكرة تأسيس نواة في 2017 هي مؤتمر “إندبا” لرسم معالم صناعة الذكاء الاصطناعي خاص بأفريقيا.

وقال ممثل جيتكس أفريقيا شكيب عاشور إن الحدث يهدف إلى بناء “مستقبل جريء” لأفريقيا، وهو يغطي مجالات تشمل التخزين السحابي وإنترنت الأشياء والاتصالات والبنية التحتية والصحة والمدن الذكية والأمن السيبراني والتمويل الرقمي والزراعة الرقمية.

ويوفر المعرض هذه السنة خدمة تسهل التواصل مع أكثر من 600 اجتماع مرتقب بين الشركات الناشئة والمستثمرين، فضلا عن لقاءات مع أكثر من 1500 عارض، بما في ذلك المؤسسات العامة وشركات التكنولوجيا، وصناديق الاستثمار وفاعلون آخرون.

وقال عاشور إن المعرض “سيشهد مشاركة 130 دولة وسيعمل على تعزيز التبادلات والشراكات الدولية”، معتبرا جيتكس أفريقيا 2024 أن لديه المؤهلات ليصبح منصة رئيسية للابتكار والتنمية الاقتصادية في أفريقيا.

وأظهرت مبادرة الاقتصاد الرقمي لأفريقيا التي أطلقها البنك الدولي في 2020 وتمتد حتى عام 2030 لتشجيع بلدان القارة أن عددا من الحكومات لا تستثمر بشكل إستراتيجي ومنهجي في تطوير البنية التحتية والخدمات والمهارات وريادة الأعمال الرقمية.

وتلعب الديموغرافيا دورا أساسيا في هذا الإطار حيث يبلغ عدد سكان القارة قرابة 1.2 مليار نسمة، 60 في المئة منهم دون سن الرابعة والعشرين. وتتوقع الأمم المتحدة أن يتضاعف هذا العدد بحلول العام 2050.

وبالنسبة للمغرب الذي حل في المركز السبعين عالميا والسابع عربيا خلال عام 2023 في مؤشر الابتكار الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، فإن الأعمال الريادية ليست مجرد نشاط عابر يقدمه أصحاب الأفكار التكنولوجية، بل هو محور لبناء جيل المستقبل.

ويبرز تكنوبارك مجمع الأعمال المرتبط بتقنية المعلومات والاتصال في الدار البيضاء الذي تأسس في عام 2001 كعلامة فارقة تؤكد اهتمام الرباط بقطاع التكنولوجيا منذ سنوات طويلة.

وقالت المديرة العامة لتكنوبارك لمياء بن مخلوف إن الجولة الترويجية الأخيرة “ضاعفت جهودها من أجل إبراز إمكانات المغرب الغني بالكفاءات”، داعية رواد الأعمال إلى اغتنام هذه الفرصة للاستفادة منها ومن المواكبة التقنية والدعم المالي الذي تقدمه الوزارة.

وأشارت إلى أنه سيتم خلال هذا الحدث عقد شراكات جديدة بهدف التبادل وبحث سبل جعل الشركات المغربية الناشئة عالمية، معلنة أن الجولة الترويجية ستزور هذه السنة جميع المدن التي تضم مواقع تكنوبارك، على أن تزور السنة المقبلة الجهات الـ12 بالبلاد.