جونسون يوظف النقاب لاستقطاب المحافظين اليمينيين

لندن - يرى مراقبون أنه لا يمكن عزل تصريحات وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون بشأن النقاب عن مساعيه منذ فترة لخلق تيار يميني موازي لتيار الرئيس دونالد ترامب في الولايات المتحدة، في إطار مساعيه لخلافة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وعزلها من رئاسة حزب المحافظين.
ورغم مطالبته بالاعتذار عن وصفه للمنتقبات بأنهن صناديق بريد وأشبه باللصوص، نشر جونسون مقالا في صحيفة تلغراف يقدم فيه برنامجا حزبيا بامتياز حول مشكلة الإسكان التي تمثل صداعا سياسيا كبيرا لكل الأحزاب.
وحاول جونسون تجاهل الردّ على مسألة النقاب بالحديث عن وجود 4 وزراء في الحكومة، لم يذكر أسماءهم، منزعجين من تعامل ماي مع المسألة، حيث دعته هذه الأخيرة إلى الاعتذار للمنتقبات.
وترى ماي في تصريحات جونسون فرصة لاغتياله سياسيا وانتكاسة لمساعيه لرئاسة الحزب، لكن تجاهل الأخير للاعتذار أو الردّ على المسألة يجعله عصيّا على ذلك.
وكتب الوزير، الذي استقال الشهر الماضي، بسبب طريقة تفاوض رئيسة الوزراء تيريزا ماي على الخروج من الاتحاد الأوروبي، في صحيفة ديلي تليغراف الأسبوع الماضي قائلا إن الدنمارك أخطأت بحظر النقاب الذي لا يظهر من المرأة سوى عينيها، لكنه وصف الرداء بأنه قمعي وسخيف ويجعل النساء أشبه بصناديق البريد ولصوص البنوك، مما أثار استياء سياسيين آخرين وجماعات المسلمين البريطانيين.
ورفض الوزير السابق المعروف بإثارة الخلافات، التراجع عن تصريحاته قائلا “من السخف أن تتعرض هذه الآراء للهجوم، يجب أن لا نقع في فخ إغلاق النقاش حول مختلف القضايا”.
وأضاف “يجب أن نواجه الأمر، إذا أخفقنا في الدفاع عن قيمنا الليبرالية، فإننا بذلك نفسح الطريق أمام الرجعيين والمتطرفين”.
وكان ستيف بانون، كبير الخبراء الاستراتيجيين السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، من بين المدافعين عن تعليق جونسون بشأن النقاب إذ أوضح لصحيفة صنداي تايمز أن أسلوب جونسون في الطرح أضاع الرسالة التي كان يرغب في توصيلها، داعيا إياه لمنافسة ماي على منصب رئيس الوزراء.
واتهمت سعيدة حسين وارسي من حزب المحافظين والدبلوماسية والرئيسة السابقة للحزب، بوريس جونسون بتبني تكتيكات “الإشارات المبطنة” الذي كان يتبعه ستيف بانون المساعد السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، فيما ذكرت تقارير أن جونسون كان على اتصال مباشر مع بانون خلال الأشهر الماضية.
وقالت وارسي إن جونسون يأمل في استقطاب دعم المحافظين اليمينيين للحصول على زعامة الحزب، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل حول كراهية الإسلام داخل الحزب.
وأضافت “يجب حظر ملابس تُجبر النساء على ارتدائها لإخفاء جمالهن وكذلك رضوضهن، ويجب أن لا يكون لها مكان في بلدنا الليبرالي التقدمي”.
وتابعت “يجب أن لا تصبح المسلمات محل معركة سياسية مفيدة للسياسيين البريطانيين”، فيما حصل جونسون على دعم بعض الأوساط حيث قالت النائبة المحافظة نادين دوريس إنه “لم يتجاوز الحدود”.
ويثير البرقع والنقاب الانقسام في أوروبا إذ يرى البعض فيهما رمزا للتمييز ضد المرأة ويقول إنه ينبغي حظرهما، حيث حظرت فرنسا والنمسا والدنمارك بالفعل تغطية الوجه.
وقالت صحيفة إيفننغ ستاندرد إن وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون سيخضع للتحقيق بشأن احتمال انتهاكه مدونة قواعد السلوك الخاصة بحزب المحافظين بعد إدلائه بتصريحات عن النساء المسلمات اللاتي يرتدين النقاب.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الحزب لم تنشر أسماءها القول إن من المتوقع صدور قرار رسمي بإحالة جونسون إلى لجنة تحقيق يرأسها محام.
واتهم اندرو كوبر، عضو مجلس اللوردات المنتمي لحزب المحافظين ومستشار الحكومة السابق لشؤون الانتخابات، جونسون “بالخواء الأخلاقي” والشعبوية بعد هذا التعليق.
وأضاف على تويتر “حقارة بوريس جونسون تتجاوز حتى عنصريته التلقائية ومغازلته العابرة بالقدر نفسه للفاشية. إنه سيؤيد حرفيا أي شيء يجذب مؤيدين له في أي لحظة”.