جونسون ينسج أوهام البريكست الاقتصادية الوردية

شكك محللون بأوهام فرص البريكست الهائلة، التي ينسجها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بعد أن بدأ بتوزيع وعود الاستثمار والمشاريع الكبيرة، رغم أن البلاد تبدو في طريق مسدود ويمكن أن تواجه أزمات غير مسبوقة في مخاض السير للانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
لندن – واصل رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون إغداق وعود الإنفاق والاستثمار والمشاريع الاستراتيجية، التي صنفها محللون في باب الأوهام، التي تصعب ترجمتها على أرض الواقع.
وأصر جونسون خلال خطاب في مدينة مانشستر على أن البريكست يمثل “فرصة اقتصادية هائلة” بعدما كان ينظر إليه في عهد تيريزا ماي على أنه “عاصفة معادية داهمة”.
وعرض جدول أعمال حكومته، الذي أغدق فيه وعود زيادة الإنفاق الحكومي في مجالات الصحة والتعليم والبنى التحتية، رغم أن التوازنات المالية والأزمات الوشيكة لا تسمح بذلك.
ويرى البعض من المراقبين أن تلك الوعود تشبه برنامجا انتخابيا، رغم أن جونسون أصر على نفي التكهنات الكثيرة التي ترجح احتمال دعوته لانتخابات مبكرة في ظل انسداد إمكانية تنفيذ البريكست.
وقال رئيس الوزراء الجديد إن “مغادرة الاتحاد الأوروبي تمثّل فرصة اقتصادية هائلة للقيام بأشياء لم يكن مسموحا لنا القيام بها منذ عقود”.
وتعهد بتسريع المفاوضات حول اتفاقيات تجارية لمرحلة ما بعد بريكست، وإنشاء مناطق حرة لتحفيز الاقتصاد، كما وعد باستثمارات جديدة في مناطق صوتت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
وقال “حين صوّت الناس لمغادرة الاتحاد الأوروبي، لم يصوّتوا فقط ضدّ بروكسل، وإنّما أيضا ضدّ لندن”. ووعد جونسون بمنح المزيد من الصلاحيات للسلطات المحلية، وتعزيز البنى التحتية للاتصالات والنقل.
وأضاف أنّ “استعادة السيطرة لا تعني فقط أنّ وستمنستر ستسترد سيادتها من الاتحاد الأوروبي، وإنّما تعني أيضا أنّ قرانا ومدننا وقطاعاتنا ستكتسب استقلالية”.
واشترط جونسون للتباحث مع الشركاء في الاتحاد الأوروبي في حال جرى سحب بند شبكة الأمان (باكستوب) من اتفاق الخروج الذي توصلت إليه تيريزا ماي مع بروكسل، في إشارة إلى البند الرامي إلى ضمان عدم العودة إلى حدود مادية بين مقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية والجمهورية الأيرلندية.
وقال “لا يمكننا القيام بذلك طالما أنّ شبكة الأمان غير الديمقراطية التي تسعى إلى تقسيم بلدنا قائمة… نحن بحاجة إلى حذفها، ومن ثم سيكون بإمكاننا التقدّم”.
ويرفض الأوروبيون بشدة إعادة التفاوض على اتفاق الخروج الذي توصلوا إليه مع ماي قبل استقالتها من منصبها.
وقال وزير شؤون مجلس الوزراء مايكل جوف أمس إن الحكومة الجديدة “تتصرف بناء على افتراض” خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وأكد جوف، الذي كلفه جونسون بالإعداد لخروج دون اتفاق من التكتل، أن “الحكومة بأكملها ستعمل بشكل سريع” للتحضير لعدم وجود اتفاق.
كما كتب وزير الخزانة ساجد جاويد في صحيفة صنداي تلغراف، إنه يقول الحكومة ستمول واحدة من “أكبر الحملات الإعلامية العامة” على الإطلاق في البلاد لإعداد الأفراد والشركات لخروج دون اتفاق.
ولم تظهر الأسواق المالية أي ترحيب يذكر بتفادي كارثة البريكست في الأشهر الأخيرة، بسبب قلقها من استمرار الغموض الذي يربك خطط استثمار الشركات وقرارات البقاء أو الخروج من بريطانيا وخاصة بالنسبة للمصارف والمؤسسات المالية.
وتحفظت الأوساط الاقتصادية البريطانية على قرار إرجاء عملية الخروج في أبريل الماضي بسبب خشيتها من عدم اليقين المتواصل الذي يضرّ بأعمالها، رغم أن التأجيل يسمح بتفادي خروج وشيك دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي.
وغردت كارولين فيربيرن، المديرة العامة لاتحاد الصناعات في بريطانيا، أكبر اتحاد لأرباب العمل، على تويتر حينها تقول إن “هذا التأجيل يعني أن أزمة اقتصادية وشيكة قد تم تفاديها، لكنه يجب أن يشكّل انطلاقة جديدة”.
ويبعد إرجاء بريكست إلى 31 أكتوبر الذي توافقت عليه بريطانيا والاتحاد الأوروبي، مؤقتا شبح خروج دون اتفاق، وهو سيناريو يقلق أوساط الأعمال البريطانية وقد يؤدي إلى صدمة اقتصادية قاسية.