جولة مصرية في الخليج وأوروبا لبيع شركات الجيش

القاهرة - يبدأ الصندوق السيادي المصري حملة ترويجية عبر “صندوق ما قبل الطروحات” التابع له في نهاية نوفمبر الجاري لبيع حصص بعدد من المؤسسات المملوكة للدولة.
وفي مقدمة تلك الكيانات شركتا الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية) وصافي لتعبئة المياه (صافي)، وهما مملوكتان للمؤسسة العسكرية.
وتعد هذه الجولة فرصة للتعريف بالإصلاحات ومناخ الأعمال في مصر، لكن ينقصها تعافي أسعار الأسهم والأصول في السوق، وهي حالة عامة في مختلف أنحاء العالم.
ويخطط الصندوق للتسويق لبعض شركات الجيش بجانب الشركات الحكومية، تشمل الفئات المستهدفة مستثمرين إستراتيجيين وصناديق سيادية واستثمارية وأفرادا، وذلك قبل طرح تلك الكيانات للاكتتاب العام في البورصة المحلية في وقت لاحق، لم يحدد حتى الآن.
وتكمن أهمية صندوق ما قبل الطروحات في أنه يجهز الشركات المملوكة للدولة للإدراج في سوق المال وطرحها أمام المستثمرين من القطاع الخاص بدلا من الطروحات العامة مباشرة، نتيجة التقلبات الحالية في الأسواق العالمية.
واستهدفت خطط الاكتتاب التي أعلنتها الحكومة بيع حصص في 10 شركات مملوكة للدولة وشركتين تابعتين للجيش العام الجاري.
وجرى تقليص ذلك العدد بسبب الارتباك الحاصل بسبب الأزمات الاقتصادية، وهو جزء من خطة أوسع نطاقا لزيادة دور القطاع الخاص لأكثر من الضعف وجمع 40 مليار دولار مع حلول العام 2026.
وكشفت الاكتتابات الحكومية عن غياب التنسيق بين المسؤولين، وشهدت الأيام الماضية تضاربا في التصريحات الرسمية بين رفض للطرح بسبب ضعف البورصة الفترة الأخيرة، وبين من حددوا موعدا دون أن يتحقق.
وتعثر برنامج الطروحات منذ إطلاقه في 2018 نظرا لأوضاع السوق وبعدها الجائحة، ولم تطرح الحكومة سوى 4.5 في المئة من أسهم الشركة الشرقية للدخان (إيسترن كومباني حاليا) في 2019 وتم الطرح لمستثمرين من دول الخليج.
واكتسب البرنامج زخما العام الماضي عقب الطرح الناجح لشركة إي فاينانس الذي جمع نحو 370 مليون دولار، وتبعه بأسابيع بيع شركة أبوقير للبتروكيمياويات لحصة بلغت نحو 10 في المئة في طرح ثانوي.
وباءت محاولات طرح الشركات بعد ذلك بالفشل، منها شركة نادي غزل المحلة لكرة القدم التي تم فتح الاكتتاب العام فيها في يونيو الماضي.
وجرى مد الإدراج مرتين حتى الرابع عشر من أغسطس الماضي، لكن لم تتم تغطية سوى 17.9 في المئة من النسبة المطلوبة (67.5 في المئة)، لذلك تم إرجاؤه.
وحسمت توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي الأمر عندما طالب الحكومة في أبريل الماضي بطرح شركات تابعة للجيش قبل نهاية 2022، ما دفع الصندوق السيادي المسؤول عن إعادة هيكلتها وبيعها إلى تأسيس كيان ما قبل الاكتتابات الذي يبذل جهودا كبيرة لإنجاح المهمة.
وقال مدير صندوق السيادي أيمن سليمان إن “الصناديق السيادية العربية مهتمة بشراء حصص كمستثمرين إستراتيجيين في شركتي وطنية وصافي”.
وأكدت تصريحاته أنه من غير المرجح أن تشهد الشركتان طروحات أولية كاملة في البورصة، بسبب تأخر الوقت كثيرا في ما يخص طروحات الخريف كما أن أوضاع السوق لا تزال غير مواتية.
وأوضح محلل أسواق المال محمد منصور أن الحكومة تستعين بصندوق ما قبل الطروحات كأداة تشجيع للمستثمرين ويضمن أن الشركات ملائمة للبيع أو الطرح في البورصة، بجانب دوره الأكبر في الترويج قبل بيع الشركات.
واعتبر منصور في تصريحات لـ”العرب” أنه وسيلة أكثر إيجابية حال طرح حصص من الشركات كونه يضمن تغطية العجز في الطروحات والدخول كمشتر لمنع انهيار سعر السهم.
وتوقع ألا يتم بيع شركات الجيش بثمن بخس في ظل وجود الصندوق الذي يستعين بالكفاءات والخبرات العالمية لتحديد أسعار الأسهم.
وقال منصور إن “شركتي صافي ووطنية سيتم طرح جزء منهما في البورصة للأفراد لاحقا، كونهما تابعتين للجيش ومن المهم مساهمة المواطنين فيهما”.
وأشار إلى أنه في حالات بيع الأسهم لمستثمر إستراتيجي لا بد أن يحصل على ميزة تحفزه على الشراء، وهذا يتحقق بخفض القيمة العادلة للشركات بصورة يتم الاتفاق عليها.
ومن المستبعد حدوث تأثير سلبي على حملة الترويج جراء رفع أسعار الفائدة الأميركية أو تحركات البنوك المركزية الإقليمية والعالمية، خاصة مع جاذبية القطاعات التي يتم الترويج لها بالتزامن مع الاستقرار السياسي واتجاه الدولة لتحرير القطاع الخاص.
كما أن الحرب في أوكرانيا وما ترتب عليها من اضطراب الأوضاع في الحيز الأوروبي ورفع أسعار الطاقة دفع الكثير من المستثمرين إلى التحول ناحية الشرق وشمال أفريقيا.
وجراء ذلك تأتي مصر في مقدمة الدول المؤهلة لذلك، وهو ما يمنح جولة الترويج الحالية، وفق محللين، فرصة للنجاح لبيع أجزاء من شركات الحكومة الفترة المقبلة.
وذكر خبير أسواق المال إيهاب سعيد أن صندوق ما قبل الطروحات يلعب دورا مهما في طرح الكيانات الحكومية.
لكن يرى أن عمله لن يُجدي مع ضعف التداولات بسوق المال، ومن الضروري التنسيق بين الهيئات المختلفة قبل اتخاذ قرار الطرح في البورصة أو البيع لمستثمر إستراتيجي.
وقال لـ”العرب” إن “بيع شركات الجيش سيتم بأسعار رخيصة، لأن تقييم الأصول رخيص حاليا نتيجة حالة السوق”.
وأضاف “يفضل التمهل حتى يتحسن أداء الأسهم كي لا يتم بيع شركات الدولة بثمن بخس”، مستبعدا ذلك مع حاجة الحكومة إلى الدولار لتلبية طلبات الشركات والمواطنين بتوفير السلع.
وحول مستقبل البورصة ومدى استيعابها الاكتتابات، تشير بعض التقديرات إلى أن تحرير سعر صرف الجنيه بصورة كاملة يؤثر بالإيجاب على التداولات.
لكن ذلك لن يظهر قبل شهرين أو ثلاثة على الأقل حتى يتأكد المستثمرون من وجود سعر صرف مرن حقيقي يمكن قياسه إذا ألغت البنوك العمل بآلية الاعتمادات المستندية والعودة لمستندات التحصيل لكل المستثمرين، وإمكانية شراء الدولار من السوق الرسمية بشكل طبيعي.