جولة جديدة من التوتر بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا

بروكسل تطلق إجراءات قانونية بحق لندن لمخالفتها بروتوكول أيرلندا الشمالية.
الخميس 2022/06/16
خلافات بريكست لا تنتهي

دخل الاتحاد الأوروبي الأربعاء في نزاع قانوني مع بريطانيا إثر إعلان الأخيرة عزمها على تغيير بعض قواعد بروتوكول أيرلندا الشمالية ضمن اتفاق بريكست. وتقول لندن إن التعديل ضروري للمحافظة على السلام في بلفاست، إلا أن بروكسل تعتبر ذلك خرقا للقانون يستوجب التحرك قضائيا.

بروكسل - أدانت المفوضية الأوروبية الأربعاء عرض لندن لمشروع قانون أمام البرلمان يعدل وضع أيرلندا الشمالية في مرحلة ما بعد بريكست، معتبرة إياه “انتهاكًا للقانون الدولي”، وأعلنت عن إجراءات جديدة قد تؤدي إلى فرض عقوبات مالية على بريطانيا.

وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش خلال مؤتمر صحافي إن “العمل بطريقة أحادية الجانب ليس بنّاءً. انتهاك اتفاقيات دولية ليس مقبولًا”.

وأعلن عن استئناف إجراء مخالفة كان جُمّد في سبتمبر 2021 بسبب خرق البروتوكول. وهذا يمنح لندن مهلة شهرين لتبرير موقفها تحت طائلة استئناف أمام محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى فرض غرامة مالية عليها.

وأعلن سيفكوفيتش أيضًا عن إطلاق إجراءين جديدين للانتهاك، أحدهما لعدم امتثال لندن لـ”الضوابط الضرورية” في مسائل الصحة والصحة النباتية، والآخر لبيانات التجارة غير المكتملة والتي قُدّمت إلى الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أن “هدف هذه الإجراءات” هو إجبار لندن على “الامتثال لبروتوكول أيرلندا الشمالية” المبرم بموجب معاهدة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. واعتبر أن المبادرة البريطانية لمراجعة وضع أيرلندا الشمالية في مرحلة ما بعد بريكست “غير قانونية”. وأيّد وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني رد بروكسل في تغريدة، قائلًا إن ما قامت به لندن “نتيجة استراتيجية استفزازية متعمدة من الحكومة البريطانية”.

ومن جهتها عبّرت الحكومة البريطانية الأربعاء عن “خيبة أملها” بعد الإجراءات القانونية الجديدة للمفوضية الأوروبية.

وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون للصحافيين “خاب أملنا بأن الاتحاد الأوروبي قام بهذا الإجراء القانوني”.

ويأتي هذا التطور بعد أن كشفت الحكومة البريطانية الاثنين الماضي عن مشروع قانون يسمح بإلغاء أجزاء مهمة من البروتوكول المذكور، تتضمن إزالة إجراءات الفحص الجمركي على مجموعة من البضائع المنقولة من المملكة المتحدة إلى أيرلندا الشمالية.

ويعتبر الاتحاد الأوروبي المسودة بمثابة خرق للقانون الدولي، لأنها تمهد الطريق أمام لندن لإبداء رفض من جانب واحد للاتفاقية التي وقعها الطرفان.

ويتهم الاتحاد الأوروبي المملكة المتحدة باتخاذ قرار “أحادي” لتمديد فترة السماح بتصديرها سلعا معينة.

ووفقا للتكتل، لا تجري المملكة المتحدة التدريب اللازم، ولا تضمن البنية التحتية المناسبة لمراقبة الحدود، كما لا تزود الاتحاد الأوروبي ببيانات إحصائية تجارية معينة في ما يتعلق بأيرلندا الشمالية كما هو مطلوب في البروتوكول.

ماروس سيفكوفيتش: هدف الإجراءات هو إجبار لندن على الامتثال للبروتوكول

وظل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في نزاع استمر سنوات حول تطبيق بروتوكول أيرلندا الشمالية الذي أنشأ نظاما تجاريا خاصا.

واتفقت الأطراف على أن تظل أيرلندا الشمالية جزءا من النظام الجمركي للاتحاد الأوروبي، وأن تطبق المملكة المتحدة عمليات الفحص الجمركي.

ويأتي انسحاب بريطانيا بعد 3 أعوام ونصف عام من تصويت البريطانيين بنسبة 52 في المئة لمصلحة الخروج من الاتحاد في استفتاء أجري عام 2016.

وأنشأ البروتوكول الذي أبرم لحماية السوق الأوروبية الموحدة حدودا جمركية في بحر أيرلندا لإبقاء أيرلندا الشمالية في المدار الجمركي للاتحاد الأوروبي وتجنب إنشاء حدود برية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وحماية اتفاق الجمعة العظيم الذي وقّع عام 1998 ووضع حدا لأعمال عنف دامية استمرت عقودا وأسفرت عن مقتل 3500 شخص. لكن الوحدويين يرون أنه يشكل تهديداً لمكانة المقاطعة داخل المملكة المتحدة التي يرتبطون بها ارتباطا وثيقا. ويرفض الحزب الوحدوي لأيرلندا الشمالية المشاركة في حكومة جديدة في بلفاست إذا لم يتم تعديل البروتوكول.

وبقيت المخاوف من أن يؤدي تشديد الإجراءات على الحدود بين جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية، والتي لا تزال جزءا من المملكة المتحدة، إلى تفاقم التوترات الطائفية التي لم تهدأ إلا في العقدين الماضيين.

وأيرلندا الشمالية منقسمة بين معسكرين، أحدهما يريد علاقات أوثق مع جمهورية أيرلندا، والآخر يرغب في البقاء جزءا من المملكة المتحدة.

الحكومة البريطانية تعرب عن "خيبة أملها" بعد الإجراءات القانونية الجديدة للمفوضية الأوروبية

لكن إبقاء الحدود مفتوحة ينطوي على خطر دخول منتجات بريطانية إلى الاتحاد الأوروبي دون فحصها، وهذا هو سبب إصرار التكتل على تشديد القيود بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا العظمى.

وترغب الحكومة البريطانية في اعتماد نظام جديد بحيث تمر البضائع المتداولة والمتبقية داخل بريطانيا عبر “قناة خضراء جديدة” وتحررها من الإجراءات الإدارية. وتبقى البضائع الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي خاضعة لجميع الضوابط المطبقة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني الاثنين إنها “تغييرات بيروقراطية ضرورية، وبصراحة إنها سلسلة تعديلات بسيطة إلى حد ما”، مؤكدا أن مشروع القانون شرعي.

وأوضح جونسون أن “التزامنا الأساسي كدولة يتعلق باتفاقية الجمعة العظيم في بلفاست”.

ودافعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس عن موقف بلادها في اتصال مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش ونظيرها الأيرلندي سايمون كوفني، دون أن تنجح في إقناعهما.

وقالت تراس “نحن نفضل حلاً تفاوضيًا لكن يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعدًا لتعديل البروتوكول”، مشددة على ضرورة “إعادة الاستقرار السياسي”.

5