جولة ثانية من محادثات نووية في روما تختبر جدية واشنطن وطهران

إيران والولايات المتحدة لديهما "خطوط حمراء" وخلافات جوهرية حول الملف النووي والقضايا الإقليمية والصاروخية، مما يجعل التوصل إلى اتفاق صعبا ويتطلب تنازلات كبيرة.
السبت 2025/04/19
تعقيدات تواجه حوار روما النووي

روما - انطلقت في روما اليوم السبت الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامج طهران النووي. بعد أسبوع من جولة أولى وُصفت بـ"البناءة" في مسقط.

وتجري هذه المحادثات بوساطة حثيثة من سلطنة عمان، في ظل أجواء مشحونة بالشكوك المتبادلة وتصاعد التحذيرات بشأن اقتراب إيران من امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي.

ويعقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي هذه المحادثات مع الموفد الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بوساطة سلطنة عمان، بعد جولة أولى في مسقط.

وقبيل انطلاق المحادثات غير المباشرة، التقى عراقجي بوزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، في خطوة تعكس أهمية الدور الإيطالي في تسهيل هذا الحوار المعقد.

وفي تصريحات أدلى بها من موسكو قبل توجهه إلى روما، أوضح عراقجي أن "روما ليست المضيفة للمفاوضات، وإنما المكان الذي ستجرى فيه الجولة الثانية من هذه المفاوضات غير المباشرة، وستبقى سلطنة عُمان هي المضيفة والوسيط لها"، مؤكدًا على الدور المحوري لمسقط في هذا المسار الدبلوماسي.

وتُعد هذه الجولة الثانية من المحادثات على هذا المستوى بين البلدين منذ أن انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أحاديا عام 2018 من الاتفاق النووي التاريخي مع إيران الذي نص على تخفيف العقوبات الدولية على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

واعتمد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى سياسة "ضغوط قصوى" حيال الجمهورية الإسلامية، كان من أبرز محطاتها انسحابه من الاتفاق المبرم عام 2015 وإعادة فرض عقوبات على طهران التي ردت بالتراجع تدريجا عن التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.

وبعد عودته إلى البيت الأبيض في يناير أعاد ترامب اعتماد سياسة "الضغوط القصوى" هذه.

والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين واشنطن وطهران منذ 1980، بعد وقت قصير على الثورة الإسلامية في إيران.

وكشف ترامب في مطلع مارس أنه بعث برسالة إلى طهران يعرض عليها فيها إجراء مفاوضات، لكنه لوّح بعمل عسكري ضدها في حال عدم التوصل لاتفاق.

وقال ترامب الخميس "لست في عجلة من أمري" للجوء إلى الخيار العسكري، مضيفا "أعتقد أن إيران ترغب في الحوار".

وعلى الرغم من العودة إلى طاولة التفاوض، لا تزال الشكوك تخيم على نوايا الطرفين. فعشية المحادثات، أعرب عراقجي عن "شكوك جدية بشأن نوايا الجانب الأميركي ودوافعه"، لكنه أكد في الوقت نفسه "سنشارك في مفاوضات (السبت) على أي حال".

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي السبت على إكس أن إيران "أظهرت دائما، بحسن نية وإحساس بالمسؤولية، التزامها بالدبلوماسية كطريقة حضارية لحل القضايا".

وأضاف "نحن ندرك أن الطريق ليس سلسا، لكننا نتخذ كل خطوة بعيون مفتوحة، ونعتمد أيضا على التجارب الماضية".

وتشتبه بلدان غربية تتقدمها الولايات المتحدة، إضافة الى إسرائيل، العدو الإقليمي لطهران، في أن الأخيرة تسعى إلى التزوّد بالسلاح النووي. من جهتها، تنفي طهران هذه الاتهامات وتؤكد أن برنامجها النووي مصمّم لأغراض مدنية.

وفي مقابلة نشرتها الأربعاء صحيفة لوموند الفرنسية، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي إن إيران "ليست بعيدة" عن امتلاك قنبلة نووية.

وتخصب إيران حاليا اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، وهو أعلى بكثير من حد 3.67 في المئة المنصوص عليه في الاتفاق، لكنه لا يزال أقل من عتبة 90 في المئة المطلوبة للاستخدام العسكري.

وحضّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الجمعة الدول الأوروبية على اتخاذ "قرار مهم" بشأن ما إذا كانت ستفعّل "آلية الزناد" التي من شأنها أن تعيد فرض العقوبات الأممية على إيران تلقائيا على خلفية عدم امتثالها للاتفاق النووي.

وتصر إيران على أن تقتصر المحادثات على ملفها النووي ورفع العقوبات، معتبرة نفوذها الإقليمي وقدراتها الصاروخية ووقف نشاطاتها النووية بما يشمل الأغراض المدنية "خطوطا حمراء".

وحذر عراقجي الجمعة من "تقديم مطالب غير معقولة وغير واقعية" بعدما دعا ويتكوف في مطلع الأسبوع إلى تفكيك تام للبرنامج النووي الإيراني بما فيه الشق المدني.

وكان الحرس الثوري الإيراني أعلن في وقت سابق أن قدرات إيران العسكرية والدفاعية غير مطروحة للنقاش في المحادثات، ومن ضمنها برنامج الصواريخ البالستية الذي يثير مخاوف في العالم.

وتقود إيران في الشرق الأوسط "محور المقاومة" المناهض لإسرائيل والولايات المتحدة والذي يضم تنظيمات أبرزها حزب الله اللبناني والحوثيون في اليمن وفصائل عراقية مسلحة.

وأكدت إسرائيل حليفة الولايات المتحدة الجمعة التزامها الثابت بمنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية، قائلة إن لديها "مسار تحرك واضحا" لمنع ذلك.