جولة إعادة حاسمة لماكرون في الانتخابات التشريعية

باريس - أطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتحالفه الاثنين مجدّدًا الحملة الانتخابية لمحاولة انتزاع الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية الضرورية لتطبيق سياسته بحريّة في السنوات الخمس المقبلة، بعد تحقيق نتائج متقاربة جدًا مع اليسار في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الأحد.
وقال وزير الخدمة العامة ستانيسلاس غيريني المرشّح في باريس إن “هناك معركةً للدورة الثانية، هناك جهد للإقناع علينا بذله”.
وسيستهدف تحالف ماكرون تحالف اليسار “الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد” الذي يضمّ الأحزاب اليسارية بدءًا من الحزب الاشتراكي وصولًا إلى اليسار الراديكالي. وقالت وزيرة التحوّل البيئي أميلي دو مونشالان “أنا خائفة على بلدي”.
ويتعيّن على الرئيس الفرنسي الذي أُعيد انتخابه أواخر أبريل الماضي لولاية ثانية في مواجهة اليمين المتطرف، التعامل مع مشهد أقلّ مواءمةً من ذلك الذي كان عام 2017، في ظلّ نسبة امتناع عن التصويت قياسية وخرق مزدوج من جانب اليسار واليمين المتطرف.
عدم فوز تحالف الرئيس بالأغلبية المطلقة سيعقّد مهمّة السلطة التنفيذية وسيشكل سابقة منذ انتخابات العام 1988
وحقق تحالف اليسار بقيادة جان لوك ميلانشون نتيجة شبه موازية للنتيجة التي حققها تحالف الرئيس “معًا” الذي حلّ في المركز الأول متقدّمًا بـ21 ألف صوت فقط من أصل مجموع الناخبين البالغ عددهم 23.3 مليون ناخب.
وإذا كان تحالف الرئيس لا يزال يتصدّر التوقعات التي تفيد بأنه سيحصل على ما بين 255 و295 مقعدًا من أصل 577، متقدّمًا على تحالف اليسار (150 إلى 210)، إلا أنه من غير المؤكد في الوقت الحالي أن يحتفظ بالأغلبية المطلقة المحددة بـ289 مقعدًا.
وحذّر المسؤول في معهد “إيبسوس فرنسا” للإحصاءات بريس تينتورييه من أن “الأغلبية بعيدة المنال.. إنه تحذير جدّي جدًا موجّه إلى إيمانويل ماكرون”.
ويبدو الأسبوع المقبل حاسمًا لتحالف “معًا” الرئاسي الذي ينبغي عليه أن يحاول الحفاظ على تعبئة ناخبيه وإقناع مؤيدي اليمين بالتصويت لصالحه في صناديق الاقتراع.
وأكد مسؤولون بارزون في تحالف الرئيس على غرار الوزير المكلّف الحسابات العامة غابريال أتال والمتحدثة باسم الحكومة أوليفيا غريغوار أن “لا شيء محسوم بعد”.
وستقوم رئيسة الوزراء إليزابيت بورن من جانبها بلقاءات على الأرض، في الدائرة السادسة في كالفادوس (شمال غرب) حيث تصدّرت بفارق كبير نتائج الدورة الأولى.
وشدّدت بورن الأحد على “أننا القوة السياسية الوحيدة القادرة على الحصول على الأغلبية في الجمعية الوطنية”، معربةً عن قلقها من “التباس غير مسبوق بين النقيضين”.
وسيعقّد عدم فوز تحالف الرئيس بالأغلبية المطلقة مهمّة السلطة التنفيذية وسيشكل سابقة منذ الانتخابات التشريعية في العام 1988، عندما لم يتمكن الاشتراكيون وحلفاؤهم من الفوز بالأغلبية المطلقة.
الأسبوع المقبل يبدو حاسمًا لتحالف "معًا" الرئاسي الذي ينبغي عليه أن يحاول الحفاظ على تعبئة ناخبيه وإقناع مؤيدي اليمين بالتصويت لصالحه في صناديق الاقتراع
وبالنسبة إلى تحالف اليسار “الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد”، فإن تحدي الأسبوع سيكون إقناع الناخبين بالذهاب إلى مراكز الاقتراع، بعد تسجيل نسبة امتناع قياسية بلغت ما بين 52 و53 في المئة للدورة الأولى.
واعتبرت النائبة عن حزب “فرنسا الأبيّة” كليمانتين أوتان الاثنين أن “اللعبة مفتوحة”، متحدثةً عن “هزيمة لاذعة جدًا للسلطة الحالية”.
وقالت “أدعو رسميًا أولئك الذين يسمعوننا إلى تقييم نطاق الاحتمالات خلال أسبوع” مضيفةً “إذا كنتم لا تريدون أن (يحكم) ماكرون لخمس سنوات إضافية، هناك المئات من الدوائر التي يوجد فيها الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد في الدورة الثانية، لا يزال احتمال أن نحكم قائمًا”.
وينبغي على التحالف الرئاسي أيضًا التعامل مع الموقع الضعيف لبعض الوزراء في مواجهة تحالف اليسار، على غرار وزيرة التحوّل البيئي أميلي دو مونشالان ووزير الدولة للشؤون الأوروبيّة كليمان بون.
وفي ما يخصّ التجمع الوطني، حزب مارين لوبن منافسة ماكرون في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في الرابع والعشرين من أبريل، فقد حلّ ثالثًا في الجولة الأولى بحصوله على 19 في المئة من الأصوات، متقدّمًا على اليمين التقليدي الذي يُتوقع أن يخسر موقعه كأول قوة معارضة.
وقد ينجح حزب اليمين المتطرّف الذي لطالما تضرر من نظام الاقتراع بالأكثرية في الانتخابات التشريعية، في تجاوز الـ15 نائبًا، ما سيشكل سابقةً في فرنسا منذ أكثر من 35 عامًا.