جوقة مهددين لن تمنع الصفقة: سنغادر تويتر إذا استحوذ عليه ماسك

"إذا استحوذ ماسك على تويتر سأغادر الشبكة" شعار جديد محلّ "إذا فاز ترامب بالرئاسة سأرحل إلى كندا".
السبت 2022/04/16
ماذا سيفعل ماسك بتويتر

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - أثار عرْض رئيس “تسلا” إيلون ماسك الاستحواذ على كامل أسهم تويتر موجة من القلق على الشبكة، إذ أعرب عدد كبير من المستخدمين والمراقبين عن قلقهم من فكرة تحكّم رجل الأعمال المشاكس في المنصة.

وتقول كارول روث، وهي رائدة أعمال ومعدة بحث عن الشركات الصغيرة والمتوسطة، “إذا استحوذ إيلون ماسك على تويتر سأغادر الشبكة. شعار جديد حلّ محلّ: إذا فاز ترامب بالرئاسة سأرحل إلى كندا”.

والرجل الأغنى في العالم يرغب في الاستحواذ على تويتر لجعل المنصة حصناً لحرية التعبير، بحسب قوله. ويعتبر أنّ الإشراف على المحتوى مبالغ فيه، وينبغي من منطلق الديمقراطية فرض قيود أقل على المستخدمين.

وقال ماسك في اجتماع عقد الخميس “إنّ تويتر أصبح في الواقع بمثابة المكان العام. لذلك من المهمّ جداً أن يشعر الناس بأنهم يستطيعون التحدث بحرية عبره ضمن حدود القانون وأن تكون لهم القدرة على ذلك”.

ولم يتطرق ماسك إلى قضية منع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في يناير 2021 -بعد تحذيرات عدة وحذف تغريدات ومقتل عدد من الأشخاص خلال اقتحام مبنى الكابيتول- من استخدام المنصات الإلكترونية الكبرى، بسبب تحريضه مناصريه على العنف.

وتابع رجل الأعمال “أعتقد أنّ علينا أن نكون شديدي الحذر قبل حذف التغريدات وفرض محظورات دائمة، ويستحسن أن تكون هذه المحظورات مؤقتة”.

وتثير مقاربة ماسك هذه إعجاب اليمين الأميركي المحافظ وأطراف آخرين خارج الولايات المتحدة. ويعتبر نايجل فاراج -أحد قادة الحملة البريطانية المؤيدة للبريكست- أنّ اهتمام إيلون ماسك بتويتر يمثل “أفضل خبر لحرية التعبير منذ سنوات”.

لكنّ الكثير من المدافعين عن حقوق الإنسان والنواب الديمقراطيين يعتبرون أنّه يتعين على تويتر -كفيسبوك ويوتيوب- أن يبذل المزيد من الجهد للحد من عمليات التضليل ونظريات المؤامرة وخطابات الكراهية والتعصب.

وتقول المسؤولة في منظمة “فري برس” غير الحكومية جيسيكا غونزاليز -في بيان- إنّ “إيلون ماسك نفسه استخدم تويتر ومنصات أخرى لمهاجمة آخرين وإسكاتهم. ونشر معلومات مضللة عن جائحة كوفيد – 19 واللقاحات المرتبطة بها. واستخدم المنصة للتلاعب بالأسواق وزيادة ثروته الكبيرة أصلاً”.

وأضافت “ينبغي ألّا يكون مستخدمو مواقع التواصل تحت رحمة أهواء أصحاب المليارات المغرورين والمنفصلين عن الواقع”.

وتشير الكثير من المقالات الصحافية إلى أنّ هذه الرغبة في تقليص الإشراف على المحادثات تقلق كذلك موظفي تويتر؛ فشركة “تيسلا” ليست معروفة فقط بنجاحها وأرباحها، بل إنّ مصنعها الواقع في مدينة فريمونت -وتحديداً في سيليكون فالي- يواجه دعاوى قضائية تتعلق بمضايقات وتمييز عنصري ممنهج.

وتقول إيفان غرير -وهي مديرة منظمة “فايت فور ذي فيوتشر” غير الحكومية التي تدافع عن الحقوق الرقمية، من ضمنها حرية التعبير- إنّ “الملايين من الأشخاص، ومن أبرزهم الصحافيون والفنانون والناشطون، يعتمدون على هذه المنصة لإنجاز عملهم”.

وتضيف أنّ “قلقنا من فكرة شراء الشبكة من قبل شخص كإيلون ماسك يظهر أنّ ثمة مشكلة أساسية تتمثل في أنّ عدداً قليلاً من الشركات يتمتع بسلطة كبيرة جداً”.

وتثير عملية الشراء أسئلة حول تعاظم نفوذ شركات التكنولوجيا الكبرى.

ومنذ سنوات يدعو عدد كبير من النواب الأميركيين المنتخبين من كلا الجانبين إلى تنظيم المنصات بشكل أفضل -خصوصاً لتحقيق المزيد من المنافسة- دون الاتفاق على حلول.

وتقول المتخصصة في الإعلام باركر مولوي بسخرية “إنّ امتلاك شخص واحد الشركة بأكملها فكرة مثالية لتحرير الناس من الدولة المركزية ومن السيطرة الرأسمالية”.

ويلاحظ المستثمر فريد ويلسون أنّ “العكس ينبغي أن يتحقق”. ويقول “على تويتر أن يكون منصة لامركزية”.

ويرغب إيلون ماسك في جعل المنصة شركة خاصة غير مدرجة في البورصة، مما سيجنبها لاحقا أي سيطرة خارجية.

ولم ينج التناقض الحاصل بين نياته المعلنة وأسلوبه من انتقادات بعض الخبراء.

وتقول الباحثة في مرصد ستانفورد للإنترنت رينيه ديريستا “سأشتري المكان العام وأخصخصه من أجل إنقاذه! حاولوا أن تنطقوا هذه الجملة بصوت مرتفع وستلاحظون أنّها غير منطقية”.

وكان ماسك عرض الخميس -بشكل مفاجئ- شراء شركة تويتر بقيمة 43 مليار دولار، قائلا “إن منصة التواصل الاجتماعي بحاجة إلى أن تكون شركة خاصة لتنمو وتصبح منصة لحرية التعبير”.

وردا على سؤال عن سبب تقديمه هذا العرض قال ماسك خلال مؤتمر في فانكوفر “أعتقد أن من المهم للغاية أن تكون هناك ساحة شاملة لحرية التعبير”.

وكتب ماسك -وهو بالفعل ثاني أكبر مساهم في الشركة التي مقرها سان فرانسيسكو- في رسالة إلى مجلس إدارة المنصة الأربعاء “يملك موقع تويتر إمكانات غير عادية. سأطلق لها العنان”. وجرى الإعلان عن العرض في إفصاح تنظيمي الخميس.

ورفض ماسك -وهو أغنى رجل في العالم بثروة قدرها 273.6 مليار دولار وفقا لإحصاءات فوربس- دعوة للانضمام إلى مجلس إدارة تويتر هذا الأسبوع بعد الكشف عن حصته، وهي خطوة قال محللون إنها مؤشر على نيته الاستحواذ على الشركة حيث أن من شأن حصوله على مقعد في مجلس الإدارة أن يحد من حصته في الأسهم عند أقل من 15 في المئة.

ولم يقتنع المستثمرون على الفور. وقال البعض إن عرض ماسك يقلل من قيمة منصة التدوينات القصيرة التي أصبحت وسيلة عالمية للاتصال بالنسبة إلى الأفراد العاديين وزعماء العالم.

وقال الأمير السعودي الوليد بن طلال في تغريدة على حسابه في تويتر إنه يرفض عرض ماسك شراء تويتر نقدا مقابل 54.20 دولارا للسهم.

من جانبه قال ماسك لتويتر إن هذا العرض هو “عرضه الأفضل والأخير”، مضيفا أنه سيعيد النظر في استثماره إذا رفضه مجلس الإدارة.

وقال ماسك في رسالته إلى بريت تايلور رئيس مجلس إدارة تويتر “منذ أن قمت باستثماري، وصلت إلى اقتناع الآن بأن الشركة لن تزدهر ولن تخدم هذه الضرورة المجتمعية بشكلها الحالي. يحتاج تويتر إلى التحول إلى شركة خاصة”.

وانتقد ماسك -الذي يصف نفسه بأنه “مؤيد لحرية التعبير تأييدا مطلقا”- منصة وسائل التواصل الاجتماعي وسياساتها، وأجرى مؤخرا استطلاعا على تويتر يسأل المستخدمين عما إذا كانوا يعتقدون أن تويتر ملتزم بمبدأ حرية التعبير؟

من جانبه طمأن الرئيس التنفيذي لتويتر باراغ أغراوال الموظفين بأنّ الشركة ليست “رهينة” الأنباء التي تتضمن عرض الملياردير إيلون ماسك شراء المنصة، وذلك بحسب ما أبلغ به مصدر مطلع رويترز الخميس.

وقال المصدر -الذي طلب عدم نشر هويته لأنّه غير مخوّل له الحديث عن الأمر علنًا- “إنّ أغراوال عبَّر خلال اجتماع موسع للموظفين عن تقديره لعملهم وشجعهم على الاستمرار في التركيز قائلاً: نحن، الموظفين، نسيطر على ما يحدث”.

وردا على سؤال كيف يمكن أن يغير رئيس “تسلا” أشهر مواقع التواصل في العالم؟ كشف الرجل الذي بات أكبر مساهم في تويتر ويتابعه حوالي 81 مليون شخص على حسابه، خلال حديث مع برنامج TED Talks الشهير، أنه يجب على موقع التغريدات فتح مصدر خوارزميته، مشيرا إلى أن المنصة باتت ساحة مدينة واقعية. كما شدد على أهمية أن تكون هناك مساحة واسعة لحرية التعبير على تويتر، مضيفًا “من المهم أن تكون لدى الناس القدرة على التحدث بحرية ضمن حدود القانون”.

16