جواز السفر اللقاحي تذكرة ذهبية لعشاق الرحلات

بعد أن تعطلت حركة السفر في العالم منذ انتشار وباء كورونا وبداية التلقيح ضدّ هذا الوباء تسعى الدول والمؤسسات المعنية بالسفر والسياحة إلى إيجاد حلول لإعادة تنشيط حركة النقل من خلال جواز سفر لقاحي والاستغناء عن قواعد الحجر الصحي الحالي.
باريس - تظهر مجددا فكرة اعتماد “جواز السفر اللقاحي” الذي تطالب به الدول وخاصة تلك التي تعتمد على القطاع السياحي كرافد اقتصادي لها، وينتقده البعض على أنه انتهاك للحريات، في الوقت الذي يعتبره عشاق السفر بمثابة التذكرة الذهبية عند الحجز لعطلاتهم الصيفية.
وقال خبراء السفر والسياحة، إن توفير تجربة آمنة للركاب، من خلال جواز السفر الصحي الرقمي الجديد سيشجع المسافرين على زيادة حركة السفر، بالإضافة إلى إعادة الثقة لقطاع الطيران مجددا، في ظل زيادة مستويات الوعي لدى المسافرين بالإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فايروس كورونا.
وبدأت فكرة جواز السفر الصحي أو المناعي تلقى رواجا في بعض الدول، حيث كانت الدنمارك والسويد أول من أقر الشهادة الرقمية، في وقت تتريث فرنسا وألمانيا في دراسة مناقشة مشروع تقييد حركة الأشخاص الرافضين للقاح.
وقد رفعت بعض الوجهات، بما في ذلك سيشيل، وقبرص، ورومانيا، بالفعل متطلبات الحجر الصحي للزوار الذين لديهم القدرة على إثبات تلقيهم اللقاح ضد الوباء، بينما انفتحت دول أخرى، مثل أيسلندا والمجر، على الأشخاص الذين تعافوا من الفايروس.
ويتوقع خبراء السياحة أن يكون الربع الثالث من عام 2021 بداية انتعاش السياحة الدولية، بعــدما بلغت الخسائر الاقتصادية التي تكبدها هذا القطاع نتيجة لوباء كورونا في عام 2020 نحو 8 أضعاف الخسائر المسجلة في الأزمة المالية العالمية لعام 2009.
ودعا زوراب بولوليكاشفيلي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، إلى التبني العالمي لجوازات سفر التطعيم كجزء من إجراءات أوسع، التي قال إنها ضرورية لإعادة الحركة من حول العالم مرة أخرى.
وقال بولوليكاشفيلي في اجتماع للجنة أزمة السياحة العالمية التابعة لمنظمة السياحة العالمية في مدريد، إن “طرح اللقاحات يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن عودة السياحة لا يمكنها أن تنتظر”، مضيفاً أنه “يجب أن تكون اللقاحات جزءا من نهج منسق أوسع يشمل شهادات وتصاريح السفر الآمن عبر الحدود”.
ومن الشركات العاملة في تطوير جوازات السفر، شركة “آي بروف” للمقاييس الحيوية، وشركة إمفاين للأمن الإلكتروني، التي ابتكرت جواز لقاح يتم اختباره في الهيئة الوطنية للصحة في بريطانيا بعد الحصول على تمويل من الحكومة.
ويعتقد أندرو بد، مؤسس شركة آي بروف ورئيسها التنفيذي، أن هذه الجوازات لا تحتاج سوى معلومتين، “المعلومة الأولى ما إذا كان الشخص قد حصل على التطعيم، والثانية هي صورة له”، مضيفا، أن الأمر لا يتطلب حتى معرفة الهوية بل مطابقة الصورة وتلقي التطعيم.
ويخزن التطبيق نتائج اختبارات الفايروس، أو معلومات عن اللقاح على هواتف المسافرين المحمولة، ويهدف إلى الاستغناء عن قواعد الحجر الصحي الحالي التي تعتبر عقبة رئيسية أمام تعافي حركة السفر الدولي.
وفكرة اشتراط التلقيح لدخول أشخاص إلى بعض البلدان أو بعض الأماكن، لا تقتصر على وباء كورونا، فكثير من الدول تشترط الحصول على لقاح الحمى الصفراء لدخول أراضيها إما للوافدين كافة مثل ما يحصل في غويانا الفرنسية، وإما للآتين من دول أفريقيا وأميركا الجنوبية حيث ينتشر هذا المرض.
ويقول فريديدريك أدني أستاذ طب الطوارئ في جامعة السوربون بباريس، إن الجواز اللقاحي “موجود أصلا ويسمى دفتر الصحة. فثمة 11 لقاحا إلزاميا في فرنسا، تسمح بتلقي الدروس في المدرسة”.
وكان رئيس مجلس إدارة شركة “كوانتاس” الأسترالية للطيران أول من تحدث في نوفمبر عن ضرورة أن يتلقى المسافرون الدوليون اللقاح المضاد لفايروس كورونا للصعود إلى الطائرة.
جواز السفر اللقاحي يحتاج إلى معلومة تفيد ما إذا كان الشخص قد حصل على التطعيم، أما المعلومة الثانية فهي صورته
وقامت شركات ومسؤولون حكوميون بتصريحات مماثلة منذ ذلك الحين، مشددين على أن هذه الشهادة تسمح بتجنب إجراءات الحجر عند دخول بلد ما.
وستختبر شركتا “طيران الإمارات” و”الاتحاد” للطيران قريبا تصريح سفر وضعته الجمعية الدولية للنقل الجوي معروف باسم “أياتا ترافل باس” وهو تطبيق يسمح للركاب “بالتحقق قبل سفرهم من أن فحصهم أو لقاحهم يلبي شروط البلد الذي يتوجهون إليه”.
ويؤكد مؤيدو الجواز اللقاحي وهم كثر في قطاعي السياحة والترفيه، على أنه وسيلة “للعودة إلى الحياة ما قبل” كورونا إذ يسمح بالدخول بأمان إلى المسارح والمطاعم وملاعب كرة القدم.
ومن بين المدافعين القلائل عنه في الأوساط الطبية البروفسور أدني الذي يعتبر أنه شهادة “تحترم المعايير الأخلاقية في حال تبين أن اللقاح فعال”، لأنه “يسمح بالعودة إلى المزيد من الحرية وإلى الحياة الاجتماعية وحماية المسنين”.
إلا أن منتقدي هذه الشهادة، يعتبرون أن هذه الوثيقة تشكل انتهاكا للحريات الفردية.
ويرى المدير العام لمطارات باريس أوغستان دو رومانيه أن “اعتماد نظام يمنع دخول الشخص إلى خبّاز الحي بحجة انه لم يتلق اللقاح” يفرض أجواء شبيهة بكتب جورج أورويل مع أنه يؤيد “إجراءات تحدّ من شلل الاقتصاد قدر الإمكان”.
وقد أثار مشروع قانون كان ينص على منع الوصول إلى بعض الأماكن في حال عدم الحصول على اللقاح جدلا واسعا في فرنسا ما يظهر أن قبول إجراء كهذا يطرح مشكلة.
وتشير نتائج استطلاعات عدة للرأي إلى أن غالبية السكان تؤيد ذلك لاستقلال الطائرة، لكن الآراء منقسمة على صعيد أمور الحياة اليومية مثل النقل المشترك أو المدارس أو دور السينما أو أماكن العمل.
ويشمل التحفظ خصوصا الفارق الحاصل بين الوعد الذي توفره هذه الوثيقة بالتنقل من دون خطر نشر الوباء والحماية الفعلية التي يوفرها اللقاح.