جهود واشنطن لتقديم مقترح جديد بشأن غزة تقابل بفتور من حماس: لا داعي لذلك

تعمل الإدارة الأميركية على صياغة مقترح جديد يأخذ بالاعتبار تفكيك العقد التي حالت دون التوصل إلى اتفاق بشأن هدنة في غزة، لكن ردود الفعل على المقترح لا تبدو مطمئنة، حيث يصر طرفا الصراع على التمسك بموقفهما.
غزة (الأراضي الفلسطينية) - يسابق المفاوضون الأميركيون الزمن من أجل تقديم مقترح جديد لوقف إطلاق النار في غزة وتحرير الأسرى الإسرائيليين، لكن لا يبدو أن الجهود الأميركية تلقى اهتماما من طرفي الصراع لاسيما من حركة حماس التي قالت بشكل واضح إنه “لا داعي لمقترح جديد”، وإن المطلوب الآن هو الضغط على إسرائيل لقبول مقترح أميركي وافقت عليه الحركة بالفعل.
وتتمسك الحركة الفلسطينية بالمقترح الذي كانت تقدمت به إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في الثاني من يوليو، وترفض أيّ تحويرات جديدة عليه.
وقال مسؤولان أميركيان إن المقترح الجديد الذي تعكف إدارة بايدن على إعداده يهدف إلى حل نقاط الخلاف الرئيسية التي أدت إلى الجمود المستمر منذ أشهر في المحادثات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر سعيا للتوصل إلى هدنة في الصراع بين إسرائيل وحماس.
وأوضح مسؤول كبير في إدارة بايدن للصحافيين بشكل منفصل الأربعاء إنه تم التوافق على جزء كبير من الاتفاق إلا أن المفاوضين ما زالوا يحاولون التوصل إلى حلول لعقبتين رئيسيتين.
وأوضح المسؤول في الإدارة الأميركية، الذي رفض الكشف عن هويته، أن العقبتين تتمثلان في مطالب إسرائيل بإبقاء قوات في محور فيلادلفيا وهو منطقة عازلة في جنوب غزة على الحدود مع مصر، وفي هوية الأفراد الذين ستشملهم صفقة مبادلة الرهائن المحتجزين لدى حماس بفلسطينيين معتقلين لدى إسرائيل.
العقبتان اللتان تحولان دون اتفاق هما تمسك إسرائيل بالبقاء في محور فيلادلفيا، وفي هوية الأفراد المشمولين بالتبادل
وذكر المسؤول الأميركي الأول أنه قد يتم عرض مسودة الاتفاق الجديدة الأسبوع المقبل أو حتى قبل ذلك. وقال “هناك شعور بأن الوقت قد نفد. لا تستغربوا إذا رأيتم (المسودة المنقحة) مطلع الأسبوع”.
وقال المسؤول في الإدارة الأميركية إن قيام حماس بقتل الرهائن الست، الذين أعيدت جثثهم إلى إسرائيل في الآونة الأخيرة، أدى إلى تعقيد الجهود المبذولة. وأضاف “نشعر جميعا بالحاجة الملحة”.
وذكر المسؤول الأميركي الأول أن مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز المفاوض الرئيسي عن الولايات المتحدة يرأس مجموعة صغيرة من كبار المسؤولين الأميركيين الذين يعملون على صياغة مسودة المقترح. وتضم المجموعة منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك ووزير الخارجية أنتوني بلينكن. وأضاف المسؤول الأميركي الأول “هناك إحساس قوي للغاية لدى المفاوضين بأن وقف إطلاق النار يضيع” مما يؤكد الحاجة الملحة لهذا الجهد.
وذكر المسؤول الأميركي الأول أنه منذ إخفاق آخر جولة لبلينكن في المنطقة الشهر الماضي في إحراز تقدم، يواصل الوسطاء المناقشات على مستوى فرق العمل ولا تزال هذه المحادثات مستمرة.
وقال مصدران مصريان إن الولايات المتحدة تحولت من نهج كان يوصف بأنه تشاوري بصورة أكبر إلى محاولة فرض خطة لوقف إطلاق النار على الطرفين.
ولفت المسؤولان الأميركيان إلى أن الخطة المعدلة لن تكون عرضا أخيرا للقبول به أو رفضه كليا وإن واشنطن ستواصل العمل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار إذا لم يكتب لها النجاح.
وانضمت يوم الثلاثاء خمس دول عربية من بينها السعودية، فضلا عن السلطة الفلسطينية، إلى مصر في رفض طلب إسرائيل بإبقاء قوات في محور فيلادلفيا. وأصدرت تركيا يوم الأربعاء بيانا مشابها.
وتتطلب بنود من اتفاق من ثلاث مراحل، وافق عليه الطرفان بالفعل، انسحاب إسرائيل من جميع المناطق المكتظة بالسكان في غزة في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق. وقال المسؤول الكبير في الإدارة إن الخلاف الحالي يدور حول ما إذا كان المحور يمكن وصفه بأنه منطقة مكتظة بالسكان. وأضاف المسؤول “لذا فإننا نتحدث هنا عن المرحلة الأولى، وعن الشكل الذي سيبدو عليه هذا الترتيب”.
وقال المسؤول الأميركي الأول إن المجموعة الأميركية تدرس المناطق التي يتعين على القوات الإسرائيلية الانسحاب منها في محور فيلادلفيا والمناطق التي يمكنها البقاء فيها.
وأشار المسؤول المطلع على المحادثات إلى أن وفدا إسرائيليا برئاسة رئيس جهاز المخابرات (الموساد) دافيد برنياع أبلغ الوسطاء في محادثات جرت في قطر الاثنين بأن إسرائيل مستعدة لسحب قواتها من المحور بعد المرحلة الأولى التي ستستمر 42 يوما من وقف إطلاق النار.
لكن بعد ساعات عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمرا صحفيا في القدس وأصر على احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على المحور. وأوضح المسؤول أن التصريحات صدرت بعد عودة الوفد إلى بلاده.
الإدارة الأميركية تؤكد أنه تم التوافق على جزء كبير من الاتفاق إلا أن المفاوضين ما زالوا يحاولون التوصل إلى حلول لعقبتين رئيسيتين
وكرر نتنياهو الأربعاء رفضه القاطع للانسحاب من المحور في المرحلة الأولى من الاتفاق. وقال إن إسرائيل لن توافق على وقف دائم لإطلاق النار بعد ذلك إلا إذا كانت هناك ضمانات بعدم استخدام المحور كممر لتهريب الأسلحة والإمدادات إلى حماس في غزة.
واعتبر المسؤول المطلع “لقد وضع هذا الوسطاء في موقف صعب. فلن توافق مصر ولا حماس على أيّ اتفاق إذا بقيت إسرائيل في محور فيلادلفيا”.
وقال القيادي الكبير في حماس عزت الرشق لرويترز الأربعاء إن الحركة ستتعامل مع أيّ مقترح جديد يستجيب “لمطالب المقاومة ومطالب شعبنا” دون تقديم تفاصيل. وقالت حماس في بيان لاحق إنه لا توجد حاجة إلى مقترحات جديدة واتهمت نتنياهو بالسعي إلى “إفشال التوصل إلى اتفاق”.
وسيطرت إسرائيل على محور فيلادلفيا في مايو الماضي وتقول إن حماس كانت تستخدمه لتهريب الأسلحة والمواد المحظورة عبر الأنفاق التابعة لها إلى غزة.
وقد أدى التقدم الإسرائيلي إلى إغلاق معبر رفح مما قلص المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة بشكل حاد وعطل معظم عمليات الإجلاء الطبي وربما منع مصر من القيام بالدور الذي كانت تقوم به بالنظر إلى كونها الطرف الآخر للمعبر الحدودي الوحيد إلى غزة الذي لا تسيطر عليه إسرائيل بشكل مباشر.وتقول مصر إن الأنفاق التي كانت تستخدم للتهريب إلى غزة قد أُغلقت أو دُمّرت وإنه يتعين أن يعود الوجود الفلسطيني إلى رفح وإن منطقة فيلادلفيا العازلة مضمونة بموجب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة عام 1979.
واندلع الصراع المستمر منذ 11 شهرا عندما قادت حماس هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر وأدى وفقا لإحصاءات إسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن الهجوم الإسرائيلي أسفر عن مقتل نحو 41 ألف فلسطيني وتسبب في دمار واسع بالقطاع وأجبر معظم سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة على النزوح وخلق أزمة إنسانية.