جهود مغربية للمنافسة في سوق الألعاب الإلكترونية

خطوات متسارعة لتطوير البنية التحتية مع توفير الإمكانيات للمستثمرين وتأهيل الشباب وتوليد الوظائف.
الثلاثاء 2024/04/30
نقلة نوعية نحو الاندماج الرقمي

يمضي المغرب قدما نحو تحفيز قطاع ألعاب الفيديو والاستفادة من الفورة التي تشهدها هذه الصناعة على المستوى العالمي، بالتشجيع على الابتكار وتوفير الدعم المالي له وكذلك تهيئة بيئة الأعمال حتى تكون محفزا لجذب المستثمرين وجعلها مجالا تنافسيا.

الرباط - يضع المسؤولون المغاربة رهانات كبيرة على تطوير مجال الألعاب الإلكترونية الناشئ للمساهمة في النمو الاقتصادي وإدماج الشباب في التنمية عبر الاستفادة من ارتفاع الاستهلاك الرقمي، وأيضا توليد الوظائف.

ومن الأهداف المهمة، التي رسمها صناع القرار السياسي والاقتصادي هي أن يكون المغرب أحد البلدان المنافسة في أفريقيا والعالم والمنطقة العربية، في ظل التطور الكبير لهذا القطاع، الذي حقق حجم معاملات فاق صناعات ثقافية وفنية.

وضمن هذه الجهود، احتضنت البلاد على مدار أكثر من شهر النسخة الأولى من بطولة الألعاب الإلكترونية (إي.بطولة)، والتي اختتمت فعالياتها السبت الماضي، بتنظيم من الجامعة (الاتحاد) الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية.

ولأول مرة في المغرب وأفريقيا، جمعت هذه المسابقة الرياضية الإلكترونية لعبة فيديو لمحاكاة رياضة كرة القدم في الأندية المغربية للقسم الأول لكرة القدم (أف.سي 24).

وتعتبر ألعاب الفيديو سوقا تنافسية، تتألف من عدد كبير من اللاعبين العالميين والإقليميين وأيضا في أفريقيا، الذين يمثلون حصة كبيرة ويركزون على توسيع قاعدة زبائنهم في جميع أنحاء العالم.

حسناء زومي: نعمل على اختيار المواهب وتوسيع عدد الممارسين
حسناء زومي: نعمل على اختيار المواهب وتوسيع عدد الممارسين

وحثت الحكومة على مدار الأشهر الماضية مجموعة من الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في القطاع، بهدف إنشاء منظومة ستمكن البلد من إنتاج الألعاب الإلكترونية للعالم.

وفعليا، ثمة مساع حقيقة لإعطاء فرص للشباب المغاربة للاستثمار في المجال، والتعلم من التجارب الدولية من أجل إعداد أبطال بمهارات عالية.

ويستثمر البلد حاليا في التأهيل والتدريب المرتبط بهذه الصناعة، ويقول المسؤولون إن استثمارا واحدا في هذا المجال يمكن أن يوفر قرابة 4 آلاف فرصة عمل وبأجور معقولة.

ويصل عدد اللاعبين المغاربة النشطين إلى أكثر من 3 ملايين ممن يستعملون ألعاب الإلكترونية المُصنعة من شركات أجنبية وأخرى مغربية، بحسب معطيات وزارة الشباب والرياضة والثقافة.

وعبر ألعاب الفيديو، يأمل المغرب في المساهمة في إدماج الشباب في مجال منظم تتكلف به الجامعة الملكية للألعاب الإلكترونية، التي عملت على تقوية البنية التحتية الإلكترونية.

وقالت الناطقة الرسمية باسم الجامعة حسناء زومي لوكالة لأناضول إن بلادها “عملت على تطوير ألعاب الفيديو لاختيار المواهب وتوسيع عدد الممارسين، لتقوية المشاركة على المستوى الوطني والدولي”.

وأوضحت زومي، وهي مدير مشروع التسويق والاتصال بالجامعة، أن تطوير هذه هذا المجال ساهم في حصول المغرب على ألقاب دولية عديدة، ونيله المرتبة السادسة دوليا.

وأضافت “منذ تأسيس الجامعة في عام 2020، باتت المسؤول الرسمي على تنظيم الألعاب الإلكترونية بالمغرب وتم آنذاك عقد اتفاقيتي شراكة مع وزارة الشباب والثقافة ووزارة التربية”.

وبشأن البنية التحتية، أفادت زومي بأن “الجامعة عملت على تطوير ألعاب الفيديو على مستوى دور الشباب”، وهي مؤسسات حكومية تعنى بتنظيم أنشطة ثقافية ورياضية لفائدة الشباب.

وأشارت إلى أنه “تم تجهيز 89 دار للشباب بمختلف مناطق البلاد بتجهيزات إلكترونية، بالإضافة إلى وضع برنامج لانتقاء المواهب بالعديد من المدن.. وتعمل الجامعة على تنظيم بطولات ومسابقات وطنية”.

300

مليون دولار إيرادات متوقعة للقطاع في المغرب بحلول عام 2027، وفق منصة ستاتيستا

ومن بين هذه المسابقات إي.بطولة، التي سيمثل الفائز فيها المغرب في بطولة العالم بالعاصمة السعودية الرياض خلال الصيف. وشددت زومي على أن البنى التحتية، التي تم اعتمادها في “دور الشباب”، ساهمت في نجاح هذه البطولة.

وجهزت جامعة الألعاب الإلكترونية 60 مركزا للشباب خلال 2023، وهي مبادرة، انطلقت سنة 2021 بتجهيز 29 مركزا للشباب، لاسيما في مدن العيون والمرسى والطرفاية والداخلة وبئر كندوز بولاية (محافظة) أوسرد كركرات وغيرها.

وبهذه الخطوة يصل إجمالي عدد المراكز الشبابية المجهزة لاستضافة الأنشطة المتعلقة بالألعاب الإلكترونية إلى 89 مركزا.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 7 ملايين مغربي يملكون جهاز كمبيوتر أو جهازا لوحيا، بينما لدى قرابة 25.7 مليون شخص هاتف ذكي، في حين تشمل نسبة الربط بالإنترنت 84 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 37 مليون نسمة.

ووفق وزير الشباب والرياضة المهدي بنسعيد فإن قطاع ألعاب الفيديو تجاوز صناعات ثقافية وفنية، مثل السينما والموسيقى. وبين خلال مؤتمر صحفي في مارس الماضي أن هذا القطاع أصبح الأول على مستوى الإنتاجية عالميا، ما جعل المغرب يهتم به.

وقال بنسعيد، أمام البرلمان في يناير الماضي، إن “حجم المعاملات في قطاع الألعاب الإلكترونية فاق المعاملات في الصناعات الثقافية والفنية الأخرى، إذ حقق 1.2 مليار درهم (120 مليون دولار) في السنة”.

ولفت بن سعيد إلى أن الوزارة تعمل على تفعيل استراتيجيتها في مجال صناعة الألعاب الإلكترونية عبر إجراءات أبرزها مشروع تأسيس منطقة صناعية خاصة بهذا المجال.

المهدي بنسعيد: نشاط الألعاب الإلكترونية تجاوز صناعات ثقافية وفنية
المهدي بنسعيد: نشاط الألعاب الإلكترونية تجاوز صناعات ثقافية وفنية

ويرى خبراء أن إنشاء هذه المنطقة، التي تم الكشف عنها أواخر عام 2023، سيكون نواة قوية للقطاع مستقبلا، كما سيجعل البلد قبلة لتدفق الأموال الخارجية ما يزيد المنافسة بين دول عربية بدأت تركز على توطين القطاع.

وفي حال تم تجسيد هذه الخطة، التي تستهدف من ورائها الحكومة تحقيق عوائد سنوية بمقدار نصف مليار دولار بحلول العام 2027، سيكون المغرب رابع بلد عربي بعد السعودية والإمارات ومصر ينخرط في موجة الاستثمار التكنولوجي ذو القيمة المضافة العالية.

لكن خبراء منصة ستاتيستا الألمانية لأبحاث السوق يرجحون أن يحقق سوق ألعاب الفيديو المغربي إيرادات بنحو 300 مليون دولار بحلول عام 2027.

ورجحت ستاتيستا ارتفاع إيرادات القطاع هذا العام بواقع 15 في المئة، مقارنة بإيرادات العام الماضي مع تزايد الإقبال عليها بفعل تطور التقنيات الجديدة.

وتسعى وزارة الشباب إلى جلب مستثمرين أجانب للقطاع، وجعل المغرب منصة في هذه الصناعة على المستويين الأفريقي والدولي، مع إيجاد نظام اقتصادي قادر على توفير 5 آلاف فرصة عمل جديدة للشباب، وجعل القطاع مساهما في الناتج المحلي.

وقال بنسعيد إن “الوزارة تعمل على تشجيع التدريب في هذا المجال بعدد من الأقاليم في البلاد، بهدف تأهيل الشباب للانخراط في المشاريع الاستثمارية المرتقبة”.

وأكد أن الاهتمام القطاع يعني تطوير لسوق مهم للغاية عالميا، تجاوز حجمه 200 مليار دولار (235 مليار دولار في 2022)، مما يجعل المغرب مطالبا باتخاذ خطوات جديدة في هذا المسار.

10