جهود دبلوماسية تتكثف لإنضاج تسوية في غزة

إسرائيل تكرس الجزء الأكبر من جهودها لترويج خطة تحدد المشهد الإقليمي بعد الحرب.
السبت 2024/01/27
هل من أمل لإنهاء الحرب

غزة - تكثفت الجهود الدبلوماسية في الأيام الأخيرة لاسيما من جانب الولايات المتحدة ودول عربية على أمل التوصل إلى تسوية للحرب الدائرة في غزة، ولو أن التنازلات المطلوبة تبدو اليوم بمثابة شروط مستحيلة.

ويعتزم الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز إلى أوروبا للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، وبحسب صحيفة واشنطن بوست فإن بيرنز سيتوجه إلى أوروبا في الأيام المقبلة لإجراء محادثات ولقاء نظيريه الإسرائيلي والمصري، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الجمعة بعد جولة في الشرق الأوسط “إن تقدما تحقق في مسعى التوصل إلى اتفاق لوقف القتال في غزة وإدخال المزيد من المساعدات وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك”.

الرئيس الأميركي يعتزم إرسال مدير وكالة الاستخبارات ويليام بيرنز إلى أوروبا للمساعدة في التوصل إلى اتفاق

وأضاف كاميرون في إسطنبول، محطته الأخيرة في الجولة، “أعتقد أن هناك احتمالا للتوصل إلى ذلك”.

وإسرائيل في حالة نزاع متفاوت الحدة مع جيرانها منذ إنشائها في العام 1948. إلا أن حملتها العسكرية على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ 2007 تبدو الأكثر تدميرا في تاريخها.

وبعدما سقطت القضية الفلسطينية من أولويات الأسرة الدولية، تغيرت المعطيات الآن مع احتمالات التصعيد الخطرة وضراوة المعارك الدائرة.

ويقول إلداد شافيت من معهد دراسات الأمن الوطني في تل أبيب “تكرس إسرائيل الجزء الأكبر من جهودها لترويج خطة تحدد المشهد الإقليمي بعد الحرب مع أنه من الواضح أن الطريق سيكون طويلا”.

ويوضح أن الإدارة الأميركية “حددت، ربما للمرة الأولى بهذا الوضوح، استعدادا لذلك في الجانب العربي، وإن رُبط بشرط إحراز تقدم في اتجاه حل للمسألة الفلسطينية”. وزار بريت ماغورك، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، الثلاثاء القاهرة لبحث مسألة التوصل إلى “هدنة” والإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة. إلا أن العوائق أمام تحقيق السلام مازالت هائلة.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارا وتكرارا أن السبيل الوحيد لتحرير الرهائن هو القضاء على حركة حماس. وتشن إسرائيل حملة عسكرية واسعة أسفرت عن مقتل أكثر من 26 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والفتية والأطفال.

وأتى ذلك ردا على هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي أدى إلى مقتل 1140 شخصا.

وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا لا يزال 132 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب السلطات الإسرائيلية. ويرجح أنّ 28 على الأقل لقوا حتفهم.

وتنظر الدبلوماسيات العربية والغربية خصوصا بقلق إلى انزلاق المنطقة نحو الفوضى في حال فتح جبهة ثانية رئيسية بين إسرائيل من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى ومن بينهم حزب الله اللبناني والحوثيون في اليمن.

وتدعو هذه الدبلوماسيات إلى مباحثات في أجواء انعدام ثقة وكراهية غذاها النزاع المستمر منذ عقود. ويوضح جيمس دورسي من كلية س. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة أن الأمر يتعلق بالإرادة السياسية وباختبار للحقيقة أكثر مما يتعلق بالدبلوماسية.

ويؤكد دورسي أن “الطرف الوحيد القادر على التأثير على الإسرائيليين هو الولايات المتحدة. إلا أن الضغط الأميركي يشمل المسائل التكتيكية” مثل حماية المدنيين وإيصال المساعدة الإنسانية إلى قطاع غزة. ويضيف “لكنهم لم يتطرقوا مع الإسرائيليين إلى المسائل الجوهرية”.

الرئيس الأميركي جو بايدن يعتزم إرسال مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز إلى أوروبا للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بشأن غزة
الرئيس الأميركي جو بايدن يعتزم إرسال مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز إلى أوروبا للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بشأن غزة

والدول العربية بحاجة أيضا إلى منطقة أكثر أمانا، ما دفع بعضها إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020. وإلى جانب الدوحة والقاهرة، للأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية دور تلعبه، حسب ما كتبت في هذا الشأن مديرة كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن لينا الخطيب في ديسمبر الماضي.

وأضافت “لو تمكنت من تنسيق مقارباتها لامتلكت فرصا أكبر في تحقيق نتيجة تفيدها جميعا: عملية سلام إسرائيلية – فلسطينية تساعد في حصولها (…) وإستراتيجية أفضل لمواجهة إيران”.

وتؤكد مجموعة الأزمات الدولية المتخصصة في تسوية النزاعات أن الأسلحة يجب أن تصمت قبل التمكن من تحقيق أي تقدم.

وكتبت المجموعة “بانتظار حصول وقف لإطلاق النار، سيكون من المهم للاعبين الذين يتمتعون بنفوذ على الأطراف أن يمنعوهم من السقوط في الهاوية”، مشيرة إلى التوترات بين إسرائيل وحزب الله اللبناني عند حدود الدولة العبرية الشمالية.

وتبقى الدبلوماسية الملاذ الأخير. ويقول كولن كلارك مدير الأبحاث في مركز صوفان سنتر في نيويورك إن التاريخ يزخر بأمثلة عن حركات تمرد و”جماعات إرهابية” استحالت أطرافا تضمن الاستقرار بعد تنازلات هائلة.

ومن بين هؤلاء الرئيس الجنوب أفريقي نلسون مانديلا الحائز جائزة نوبل للسلام والذي كانت تصنفه واشنطن “إرهابيا”. وكذلك القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) التي دخلت البرلمان في العام 2018.

ويصنف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حركة حماس “منظمة إرهابية”.

ويشدد كلارك على أنه “يجدر بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تحديد شخصيات معتدلة داخل حماس” والتباحث مع الذين “قد ينبذون الإرهاب”.

ويؤكد “التوصل إلى اتفاق يتطلب تنازلات رئيسية من كل الأطراف والتي قد تبدو هائلة راهنا. ويتطلب حلا دائما أكثر من معالجة شكلية للمطالب الفلسطينية”.

2