جهود تونسية للنهوض بتنافسية صناعة السيارات

مساع حثيثة لتوسيع قاعدة أنشطة القطاع في السوق المحلية عبر جذب المزيد من المستثمرين.
الثلاثاء 2023/12/19
خبرتك ضرورية فانضم إلينا!

تسعى تونس عبر خطة طموحة لتوسيع رقعة الاستثمارات في صناعة السيارات خلال السنوات المقبلة، في سياق محاولات حكومية لتعزيز القيمة المضافة للقطاع من عمليات التصدير مستقبلا وفي الوقت ذاته دعم احتياطات البلاد من العملة الصعبة.

تونس - فتحت الحكومة التونسية جبهة جديدة في مسار تطوير مجال تصنيع السيارات ومكوناتها متسلحة بإستراتيجية تهدف بالأساس إلى تنمية عمليات الإنتاج، وبالتالي مضاعفة الإيرادات من صادرات القطاع.

ويعكف المسؤولون على تنفيذ خطة لجذب المزيد من رؤوس الأموال بما يسمح لها بالمزيد من النهوض بالقطاع مع العمل على نقل التكنولوجيا وتوفير يد عاملة مختصة وإعطاء الوجهة الاستثمارية للبلاد مقومات أكثر تنافسية.

وتراهن البلاد على أن تصبح قطبا في مجال صناعة مكونات السيارات في منطقة شمال أفريقيا أسوة بالمغرب الذي قطع شوطا كبيرا في هذا المجال، نظرا للفرص الاستثمارية الواعدة، متسلحة بالدعم الكبير الذي يمكن أن تقدمه الشركات الأجنبية.

ويأتي اندفاع تونس نحو توسيع خارطة هذا النشاط محليا بعد أن تسارعت وتيرة هذه الصناعة وشهدت تزايدا في الطلبات عليها حول العالم.

ويعتقد خبراء أن ذلك لن يتحقق ما لم تتوفر الكثير من العوامل؛ أولها تحسين مناخ الأعمال بشكل أكبر مما هو متاح، والاستقرار وتعزيز البنية التحتية بتطوير شبكة الطرقات والموانئ، وأيضا تطوير الخدمات اللوجستية.

وفي خطوة اعتبرها الكثيرون متأخرة عقدت لجنة ميثاق الشراكة للنهوض بالقطاع الأسبوع الماضي أول اجتماعاتها في هذا الشأن لاعتماد انطلاقة جديدة لهذه الصناعة المهمة.

أحلام الباجي: الحكومة تريد زيادة قيمة استثمارات القطاع ومكوناته
أحلام الباجي: الحكومة تريد زيادة قيمة استثمارات القطاع ومكوناته

والميثاق يستهدف الرفع من القدرة التنافسية للشركات الناشطة في القطاع والمحافظة عليها وعلى فرص العمل فيها.

وتتوقع وزارة الصناعة أن تتضاعف صادرات البلاد من صناعة السيارات إلى 14 مليار دينار (4.5 مليار دولار) بحلول 2027 مع توفير أكثر من 150 ألف فرصة عمل، خاصة وأن هذا المجال سريع النمو رغم المطبات التي تواجهه على مستوى العالم.

وتشير التقديرات الحالية إلى أن القطاع يوفر نحو 90 ألف فرصة عمل، وينشط فيه حوالي280 شركة، منها 140 مؤسسة ذات مساهمة أجنبية و65 في المئة منها مصدرة كليا. وتطمح تونس إلى رفع هذه المعدلات خلال السنوات القادمة.

وتحاول تونس تعزيز صادراتها من قطاع صناعة السيارات لمواصلة ردم الفجوة في الميزان التجاري التي بدأت تتقلص بشكل واضح هذا العام.

وتظهر الأرقام الرسمية أن القطاع تطور كثيرا، فقد قفزت صادراته خلال الفترة الفاصلة بين 2008 و2018 من 41 مليون دولار سنويا ليبلغ حوالي 2.45 مليار دولار.

وناقشت اللجنة التي ترأستها رئيسة ديوان وزارة الصناعة والمناجم والطاقة أحلام الباجي، بحضور ممثلين عن الوزارات والهياكل المعنية بالقطاع إلى جانب الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، الخطوات العملية للشروع في تنفيذ الخطة.

وتهدف اللجنة إلى تفعيل الإجراءات المنبثقة عن الميثاق الذي تم توقيعه في يوليو العام الماضي، والمساهمة في تحسين مناخ الأعمال ذي الصلة بالقطاع وذلك ضمن الإستراتيجية الوطنية للصناعة والتجديد 2035.

ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن الباجي قولها إن تونس تريد زيادة “قيمة استثمارات القطاع ومكوناته لتبلغ 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في غضون ثلاث سنوات من الآن مقابل 12 في المئة سنة 2019”.

وتخطط تونس عبر ميثاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص للتموقع في سلسلة القيمة العالمية لتصنيع السيارات وأجزائها من خلال زيادة قيمة الصادرات.

وتحتل تونس المرتبة الثانية في قارة أفريقيا كمصدر لقطع غيار ومكونات السيارات بقيمة تقديرية تبلغ حوالي 7.5 مليار دينار (2.6 مليار دولار) سنويا بعد المغرب.

وتتطلع الدولة، التي تمر بوضعية اقتصادية صعبة جراء تراكم الأزمات منذ عام 2011، إلى استقطاب استثمارات كبرى لهذه الصناعة عبر إنجاز مشروع لصناعة السيارات الكهربائية ذات المحتوى التكنولوجي الرفيع بقيمة تناهز 328 مليون دولار.

وكانت ليوني الألمانية قد دشنت في 2018 مصنعا جديدا لإنتاج مكونات السيارات الكهربائية، لتلتحق تونس بركب المغرب الذي وقع في ديسمبر 2017 اتفاقا مع بي.واي.دي الصينية لإقامة مصنع للمركبات النظيفة بمدينة طنجة، هو الأول من نوعه في أفريقيا.

وتنتج الوحدة، التي تم تشييدها في المنطقة الصناعية برأس المرج في ولاية (محافظة) المنستير على مساحة تبلغ 10 هكتارات، الكوابل لنحو 1700 سيارة يوميا.

أهداف ميثاق الشراكة الجديد

● 60 ألف فرصة عمل إضافية خلال ثلاث سنوات.
● 48 في المئة نسبة اندماج القطاع في الاقتصاد.
● 22 في المئة نسبة زيادة حجم استثمارات القطاع.
● 4.5 مليار دولار قيمة الصادرات بحلول 2027.

وقبل هذا المشروع كان لدى ليوني خمسة مصانع، وحدتان منها في مدينة ماطر بولاية بنزرت، وثلاث وحدات في ولاية سوسة، من بينها مصنع في منطقة سيدي بوعلي، يوفر 16.5 ألف فرصة عمل.

وتحاول الحكومة في خططها الجديدة تقديم إغراءات لمستثمرين وشركات كبرى في تصنيع مكونات السيارات من المستوى الأول باستثمارات تناهز 110 ملايين دولار، إلى جانب إنجاز مراكز للكفاءة والبحث والتطوير لتوفير قرابة 60 ألف فرصة عمل إضافية.

وتنشط في البلاد الكثير من الشركات الأوروبية والصينية مثل بيجو – سيتروين الفرنسية وزازا الأوكرانية وأيضا جيلي ومجموعة تشاينا تريونف إنترناشيونال أنجنيريغ، أكبر شركة صينية مختصة في الصناعة، وكذلك يوري كوربوريشن الكورية الجنوبية.

وبرزت الكثير من المؤشرات والخطط خلال السنوات الأخيرة للانتقال إلى مرحلة صناعة السيارات وعدم الاقتصار على التركيب، على أساس أن معدل اندماج الاقتصاد في النشاط الاقتصادي مازال أقل من المأمول.

وتطمح تونس إلى زيادة نسبة إدماج القطاع في الصناعة من 38 في المئة حاليا إلى 48 في المئة بحلول عام 2027 مع تنويع سلاسل القيمة وبلوغ نسبة التأطير نحو 19 في المئة.

ولطالما أكدت الحكومات السابقة أن الكثير من المستثمرين، وخاصة من آسيا، يرغبون في إقامة وحدات لتصنيع السيارات في تونس.

وكانت هناك نية لإقامة منطقة لوجستية كبيرة تضم ميناء ضخما لتصدير السيارات، إلا أنه لم يتم إلى حد الآن الاتفاق على مكان تشييد المنطقة التي تحتاج إلى تمويلات كبيرة.

وأشارت دراسة أعدتها الغرفة التونسية – الألمانية للصناعة والتجارة بالتعاون مع القطاع الخاص وبدعم من وزارة الصناعة في مايو 2018 إلى أن المنطقة ستكون محورا أساسيا لبلورة خارطة طريق لقطاع صناعة السيارات في تونس.

10