جهود أميركية لمنع انهيار الجيش اللبناني

واشنطن تدعم رواتب القوى الأمنية عبر الأمم المتحدة.
الخميس 2023/01/26
الدعم العيني يساعد على تماسك الجيش اللبناني

يعكس تقديم الولايات المتحدة دعما مباشرا لرواتب العسكريين والأمنيين في لبنان منعطفا طال انتظاره لتأمين تماسك المؤسسات الأمنية في لبنان التي تعاني من تداعيات أزمة اقتصادية حادة أثرت سلبا على جاهزيتها.

بيروت - أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء وبالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقديم مساعدة مؤقتة بقيمة 72 مليون دولار لدعم رواتب الجيش وقوى الأمن الداخلي في لبنان لمدة ستة أشهر، في خطوة طال انتظارها، ما يمنع انهيار المؤسستين الأمنية والعسكرية آخر قلاع الحفاظ على استقرار لبنان.

وتعدّ الولايات المتحدة الداعم الأبرز للجيش، وقد زادت من تمويلها خلال العامين الماضيين، إلا أنها المرة الأولى التي تقدم فيها دعما مباشرا للرواتب.

جوزيف عون: المجتمع الدولي حريص على منع انهيار الجبهة الأمنية
جوزيف عون: المجتمع الدولي حريص على منع انهيار الجبهة الأمنية

ويواجه الجيش اللبناني على وقع الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ خريف 2019 وصنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، صعوبات كبرى تتعلّق بتأمين حاجاته الأساسية من غذاء وأدوية وصيانة عتاد.

وقد فقد عناصره على وقع خسارة العملة أكثر من 95 في المئة من قيمتها مقابل الدولار قيمة رواتبهم. ولا تتجاوز رواتب الضباط اليوم المئة دولار، أما الجندي فلا يتجاوز راتبه 50 دولارا مقابل 800 دولار قبل الأزمة.

وفي مؤتمر صحفي مشترك في بيروت، أعلنت سفارة الولايات المتحدة في بيروت وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن إطلاق “برنامج دعم عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، الذي سيوفر 72 مليون دولار على شكل دعم مالي مؤقّت لعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي”.

وستقدم هذه المساعدة المالية، وفق بيان مشترك، “بقيمة 100 دولار شهريا لكل العناصر المستحقين وذلك بموجب قانون الولايات المتحدة لمدة ستة أشهر”.

وقالت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا “سيتيح هذا الدعم المؤقت، وهي المرة الأولى التي تقدم فيها الولايات المتحدة هذا النوع من الدعم المالي إلى القوى العسكرية والأمنية في لبنان، مساعدة الجنود وعناصر الخدمة”.

وبموجب الاتفاق بين الولايات المتحدة، فإن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سينفذ تقديم المساعدات عبر مزوّد خدمات مالية.

وقدمت مؤتمرات دولية عدة، عقد أبرزها في باريس في يونيو 2021، مساعدات عاجلة للجيش لم تشتمل على دفع رواتب، مع اشتراط الأسرة الدولية إجراء لبنان إصلاحات بنيوية لتوفير أي دعم اقتصادي ومالي للبنان.

وفي يونيو 2022 أعلنت وزارة الخارجية القطرية عن دعم مالي بقيمة 60 مليون دولار للجيش اللبناني. وقال مصدر عسكري لبناني في حينه إنها المساعدة المالية الأولى التي ستصبّ لصالح رواتب العسكريين.

وعلى وقع الأزمة، سجلت القوى الأمنية والجيش فرار المئات من عناصرها، فيما التحق آخرون بوظائف أخرى إلى جانب خدمتهم.

عباس إبراهيم: البرنامج يمثل استمرارا لالتزام واشنطن بضمان استقرار لبنان
عباس إبراهيم: البرنامج يمثل استمرارا لالتزام واشنطن بضمان استقرار لبنان

وفي 2021 أطلق الجيش اللبناني رحلات جوية مخصصة للمدنيين للتجول فوق لبنان مقابل بدل مادي. كما اضطرت قيادة الجيش في بداية الأزمة إلى حذف اللحوم من وجبات العسكريين، قبل أن تعتمد تقشفا كبيرا في موازنتها.

واستطاعت المؤسسة العسكرية تأمين مساعدات من دول عربية وغربية، وهي تصل دوريا إلى بيروت، وغالبيتها حصص غذائية ووجبات طعام للجنود وعائلاتهم، إلا أن المساعدات الغذائية غير كافية لتأمين استمرارية وحدات الجيش.

وحسب تقديرات دولية، يحتاج الجيش اللبناني إلى ما بين 90 و100 مليون دولار سنويا لتمكين القيادة من تأمين 100 دولار إضافية على رواتب العسكريين، الذين يعانون مصاعب فعلية مع تبخر رواتبهم مع الارتفاع المتفلت لسعر الصرف في السوق الموازية.

ولطالما اعتبر اللبنانيون جيشهم مرساة للاستقرار، فهي إحدى المؤسسات الوحيدة التي تقف فوق انقسامات البلاد منذ الحرب الأهلية، ومن خلال الحروب مع إسرائيل والتفجيرات العسكرية والاضطرابات الداخلية.

وفي الآونة الأخيرة كثفت عدة دول، في مقدمتها الولايات المتحدة، دعمها العسكري واللوجستي للجيش اللبناني، لاعتبارات منها “تعزيز سيادة الدولة ومنع انهيارها”، بحسب مراقبين.

وتتطلع الدول الغربية، وفق المراقبين، إلى دور أكبر للجيش اللبناني لترجيح كفّة الردع العسكري للدولة في مواجهة تنامي قدرات جماعة حزب الله (حليفة إيران)، بما يساهم في منع أي ضغوط من الجماعة لتحقيق مصالح سياسية في الداخل اللبناني أو تجاه ملفات إقليمية.

وقال قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون إنّ “حرص المجتمع الدولي على الحفاظ على المؤسسات العسكرية يثبت أنه لن يسمح بانهيار لبنان على الجبهة الأمنية”.

واعتبر أن ”لبنان عرضة لمجموعة من التحديات والمخاطر، بسبب موقعه الجغرافي، والأزمات المتعدّدة التي واجهها، فضلا عن وجود النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين”.

ورأى أن ”تأثير وعواقب انهياره لا تقتصر عليه كبلد، بل سيكون لها تأثير غير مباشر على البيئة الأمنية الإقليمية. لقد وعدنا شعبنا بأن الجيش، رغم كل التحديات التي يواجهها، سيبقى وفيا لقسمه في الدفاع عن اللبنانيين وكرامة الوطن، مهما كانت التضحيات ثقيلة ومؤلمة”.

وأكّد المدير العام لقوى الأمن الداخلي عباس إبراهيم أنّ ”إطلاق هذا البرنامج يمثّل استمرارا لالتزام الولايات المتحدة بدعم الجهود الحاسمة للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي بهدف ضمان استقرار لبنان وسيادته”.

2