جهود أردنية لتوسيع دور القطاع الخاص في الاقتصاد

ولادة أول صندوق استثماري لدعم أعمال الشركات الناشطة في كافة المجالات ذات القيمة المضافة.
الاثنين 2024/01/15
بيئة أعمال متحفزة للنمو

يبذل الأردن جهودا لتخطي إحدى العراقيل في خطة الإصلاح التي تتبناها الحكومة والمتمثلة في إنعاش دور القطاع الخاص وتسليمه جزءا من برنامج التنمية الذي تثبت المؤشرات أنه لا يزال يحتاج إلى المزيد من جرعات التحفيز لجعله دعامة أساسية للاقتصاد.

بغداد - وسعت الحكومة الأردنية من رهاناتها على فتح الأبواب أمام تعزيز نشاط القطاع الخاص كأحد الخيارات الضرورية في إطار بحثها عن إنعاش النمو الاقتصادي الشامل تكون فيه استثمارات رجال الأعمال ركيزة رئيسية.

وخطا الأردن خطوة جديدة في مسار الإصلاح الاقتصادي الذي أسست له رؤية التحديث الطموحة، لتوفير بيئة استثمارية مستقطبة ومشجعة، كان آخرها تأسيس أول وأكبر صندوق استثماري للقطاع الخاص.

ونجح 16 بنكا أردنيا في إطلاق أول صندوق استثمار بالبلاد تحت باسم “صندوق رأس المال والاستثمار الأردني” وتسجيله بصفة رسمية في سجلات وزارة الاستثمار، وفقا لأحكام قانون البيئة الاستثمارية لعام 2022.

عمر النبر: نجاحاته تعتمد على نجاح الشركات التي سيستثمر بها
عمر النبر: نجاحاته تعتمد على نجاح الشركات التي سيستثمر بها

وقدم بموجبه الصندوق التزاما رأسماليا قدره 100 مليون دينار (141.7 مليون دولار)، تستهدف الاستثمار في القطاعات الحيوية والواعدة والصناعات عالية القيمة مثل الأمن الغذائي والصحي والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

واعتبر خبراء اقتصاديون أن الصندوق خطوة إيجابية مهمة نحو حشد الإمكانيات الوطنية، لمساعدة الشركات في قطاعات اقتصادية حيوية، على التوسع في خدماتها وإنتاجها، ومساعدتها في توليد فرص عمل جديدة.

وأكد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية عمر النبر أن أهمية إنشاء الصندوق، تكمن في فتحه الطريق أمام البدء بإنشاء صناديق مماثلة من الحجم المتوسط وفق المقياس العالمي، والكبير وفق حجم السوق المحلية، وإلى أين ستوجه استثماراته.

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن النبر قوله إن “الصندوق بدأ بالاستثمار بشركات تقنية المعلومات، ونجاحاته تعتمد على نجاح الشركات التي سيستثمر بها مستقبلا”.

واعتبر أن إنشاء هذا الكيان بعد سريان قانون تنظيم البيئة الاستثمارية، خطوة إيجابية للاقتصاد المحلي.

ويعمل الأردن على بناء أجندة شاملة للقطاعات حتى العام 2033 عبر تسريع النمو الاقتصادي وتوليد المزيد من فرص العمل وتخفيف آثار الفقر وتمكين القطاعات المعنية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين أسوة بما تفعله دول عربية أخرى.

وفي منطقة الشرق الأوسط تفطنت العديد من الحكومات، وخاصة الخليجية، إلى مدى أهمية تسليم مفاتيح التنمية إلى القطاع الخاص خاصة بعد الأزمة التي ظهرت في أسواق الخام منتصف 2014.

كما أن مصر والمغرب شرعا في توسيع المبادرات من هذا النوع حتى تدعم مستويات ازدهار اقتصاديهما، بينما وجدت دول أخرى، وفي مقدمتها تونس، نفسها في سباق مع الزمن من أجل اعتماد هذا الأسلوب في تنمية المشاريع.

وقال رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية إياد أبوحلتم إن “الخطوة ستساهم في معالجة عدد من المعيقات التي كان من الممكن مواجهتها في تأسيس الصندوق، كمسألة الازدواج الضريبي وغيرها”.

141.7

مليون دولار رأس مال الصندوق الجديد الذي تشارك في تأسيسه 17 بنكا أردنيا

وأوضح أن الصندوق مهتم بالاستثمار في قطاعات التقنية العالية والصناعات الغذائية، والأمنين الغذائي والزراعي، والقطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مما يؤثر إيجابيا عليها، كونه يدار من ذوي خبرة اقتصادية عالية.

وأكد أبوحلتم، وهو عضو في مجلس إدارة صناعة عمان، أن الصندوق سيسهم في تنمية عدد من القطاعات، وسيولد فرص عمل فيها.

ويتطلع القطاع الصناعي إلى أن يكون الصندوق حافزا لصناديق استثمارية عربية وإقليمية، متخصصة، في ظل الترويج للاستثمار في مشاريع إستراتيجية في البنى التحتية والتعدين والصناعات عالية القيمة، بما يتوافق مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي.

ولطالما أبدت العديد من القطاعات تذمرها بسبب وجود فجوات في دفع الأنشطة الاقتصادية على الرغم من أن السلطات عملت على تأسيس أرضية صلبة عقب تخفيف قيود الإغلاق بسبب أزمة كورونا.

ولكن يبدو أن آثار الحرب في أوكرانيا لا تزال تلقي بظلال قاتمة على مجمل الأعمال والاقتصاد برمته في الأردن وهو ما يتطلب الإسراع في وضع حلول عملية وواقعية.

ويعتقد مدير عام جمعية البنوك الأردنية ماهر المحروق أن الصندوق تأسس منذ عامين بهدف دعم الشركات الرائدة في مختلف القطاعات، والشركات التي تتطلع إلى التوسع في التصدير وتوفير فرص العمل وزيادة حجم استثماراتها، وخطوط الإنتاج.

وأوضح أن البنوك ستشارك من خلال الصندوق في الدخول بشراكات استثمارية مقابل وجود دور لها في الإدارة، والانسحاب تدريجيا خلال فترة زمنية معينة يتم فيها ضخ التمويل في الشركات.

وقال المحروق إن “أي نشاط اقتصادي لشركات رائدة، لديها إمكانيات للتوسع وزيادة حجم خدماتها وإنتاجها، يجعلها مؤهلة للاستفادة من الصندوق”.

وأضاف أن “وجود مثل هذه الصناديق يمثل أداة تمويلية جديدة، تشجع المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتميزة، التي تمتلك إمكانيات للتوسع، للحصول على تمويل”.

ومن ذلك، تواجه الحكومة ضغوطا من قبل أوساط الأعمال من أجل تعديل أوتار تجربة الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي لا تزال بعيدة عن اهتمام المسؤولين رغم الحاجة الماسة إليها لجذب تمويلات جديدة وخفض الإنفاق أكثر.

تمارا عبدالجابر: تأسيس صناديق استثمارية مهم لدعم الاقتصاد والشركات
تمارا عبدالجابر: تأسيس صناديق استثمارية مهم لدعم الاقتصاد والشركات

وأكد المستشار الاقتصادي عدلي قندح أن الصندوق يمثل فرصة لضخ السيولة في تلك القطاعات، ما يساعد منشآتها في التوسع أفقيا وعموديا، وهو ما يولد فرص عمل، ويساهم في تخفيض معدلات البطالة، خاصة في القطاعات التي تحتاج إلى عمالة ماهرة.

وأوضح قندح، عضو مجلس إدرة مؤسسة ضمان الودائع، أن تسريع العمل في الصندوق، والبحث عن شركات في المجالات الواعدة في القطاعين العام والخاص، للاستثمار فيها أمر ضروري.

وعبّر عن أمله في أن تبادر قطاعات أخرى بإنشاء صناديق شبيهة بهذا الصندوق في غرفة الصناعة والتجارة وجمعيات رجال الأعمال بهدف زيادة القيمة المضافة في الاقتصاد المحلي.

وتظهر أرقام دائرة مراقبة الشركات أن أعداد الشركات المسجلة بنهاية 2022 ارتفعت بواقع 16 في المئة مقارنة بالعام 2019، ليصل عددها إلى 5869 شركة.

وأظهرت الإحصائيات زيادة في حجم رؤوس الأموال المسجلة بنسبة 67 في المئة لتبلغ حوالي 495 مليون دولار.

وتقول الشريكة المؤسسة في صندوق أمام للاستثمار تمارا عبدالجابر إن تأسيس صناديق استثمارية أمر مهم لدعم الاقتصاد والشركات العاملة فيه، خاصة الصغيرة والمتوسطة، وذات الطابع العائلي.

وأكدت أن المطلوب لإنجاح هذا الصندوق هو تجهيز الشركات للاستثمار، من خلال خططها التوسعية وبياناتها المالية وأنظمة الحوكمة فيها وغيرها، داعية إلى التوجه نحو الاستثمار في صناديق استثمارية أخرى مهمتها تجهيز بيئة الشركات للاستثمار.

11