جهود أردنية حثيثة لزيادة ديناميكية أعمال الصناعات الغذائية

يحدو الأردن تفاؤل بأن تقوم الخطط المطروحة ضمن رؤية التحديث بتطوير الصناعات الغذائية لضمان الأمن الغذائي والمساهمة في دعم سوق العمل وذلك عبر تركيز منظومة متكاملة تتعلق بالاكتفاء الذاتي مع تكثيف الاستثمارات بما يدعم نمو الصادرات وجني المزيد من الإيرادات.
عمّان- تعتزم الحكومة الأردنية تقديم المزيد من الحوافز والتشجيعات ضمن إجراءات للنهوض بقطاع الصناعات الغذائية، الذي يحتاج إلى دعم متواصل حتى يعظم دوره في الاقتصاد، وهو يواجه مثل العديد من المجالات المرتبطة بالزراعة مشاكل تتعلق بالمناخ.
ويقول الخبراء والمسؤولون إن القطاع يمتلك قدرات إنتاجية متنوعة وكبيرة تصل إلى 5 مليارات دينار (6.9 مليارات دولار) تساعد في تلبية الطلب بالسوق المحلية بالجودة والكميات المطلوبة ومضاعفة مستويات صادراته بشكل ملحوظ.
ويبدو أن انعكاسات الوباء ثم الحرب في أوكرانيا كانت إيجابية لتوجيه المعنيين بضرورة بناء الروابط التكاملية بين الصناعات الغذائية من جهة، والزراعة بأشكالها المختلفة من جهة أخرى، وبما يحقق المنفعة المطلوبة للقطاعين الزراعي والصناعي.
وبحسب البيانات الرسمية، تصل منتجات القطاع حاليا إلى مئة سوق حول العالم، إضافة الى امتلاكه فرصاً تصديرية غير مستغلة تقدر بما يقارب 1.93 مليار دولار لمختلف الأسواق العالمية.
ووضعت رؤية التحديث 2033 هذا المجال ضمن القطاعات عالية القيمة لأهميته في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات، ليصبح الأردن مركزا صناعيا إقليميا رائدا يرفد أسواق التصدير بمنتجات غذائية ذات قيمة وجودة وتنافسية عالية.
ويؤكد ممثل قطاع الصناعات التموينية والغذائية والزراعية والثروة الحيوانية في غرفة صناعة الأردن محمد الجيطان أن القطاع يحظى برعاية واهتمام، مما يشكل حافزًا قويًا للاستمرار في العمل وتعزيز نمو الاقتصاد.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الجيطان قوله إن “هذه الجهود ظهرت بتبني الحكومات المتعاقبة للقطاع من بين القطاعات ذات الأولوية الاقتصادية ضمن الرؤية.”
وفي السنوات الأخيرة تم تشكيل لجان متخصصة لدعم الإنتاج المحلي وتحسين مستوى التكامل بين القطاعين الصناعي والزراعي، إلى جانب إطلاق استراتيجية للأمن الغذائي عام 2021 لضمان تقييم ومتابعة المستجدات بخصوص تعزيز مستوى الأمن الغذائي.
وتبلغ مساهمة القطاع 6 في المئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي سنويا، ووصلت صادراته إلى 929.5 مليون دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، بنمو نسبته 32.4 في المئة على أساس سنوي.
وجاءت دول الشرق الأوسط كأكثر الأسواق التي تمتلك منتجات القطاع فرصا تصديرية إليها بنسبة 70 في المئة مع المساهمة بتحقيق الأمن الغذائي للأردن، والتي ظهرت خلال الظروف الصحية والسياسية الاستثنائية التي مرت بالعالم والمنطقة.
وشهدت صادرات القطاع نموا وتوسعا بالعديد من الأسواق العالمية أبرزها ألمانيا بارتفاع بنحو 49 في المئة، ثم هولندا بحوالي 34 في المئة، تليها الولايات المتحدة بنمو يفوق 26 في المئة.
وتظهر الإحصائيات الرسمية أن مؤشر الصناعة الأردنية حقق خلال الربع الثالث من العام الماضي نموا بنسبة 15.9 في المئة.
وارتفع عدد المنشآت العاملة في القطاع من 364 منشأة قبل عقدين ونصف العقد إلى 2800 منشأة في الوقت الحالي، ما جعل منتجاته تغطي 65 في المئة من احتياجات السوق المحلية.
ومن مستهدفات رؤية التحديث التركيز على ضرورة تعزيز مستويات التشغيل في القطاع، باستحداث ما يقارب 34 ألف فرصة عمل بدوام كامل بالسنوات المقبلة، والنهوض بالصادرات بما نسبته 14.4 في المئة سنويا، وصولا إلى 5.92 مليار دولار عام 2033.
وبلغ عدد العاملين بالقطاع لما يقارب 55 ألف عامل وعاملة، 90 في المئة منهم أردنيون، وهو ما جعله يصنف بأنه من أكثر الأنشطة الاقتصادية تشغيلا، حيث تم استحداث 3 آلاف فرصة عمل خلال العام الماضي لوحده.
1.93
مليار دولار هي قيمة الفرص التصديرية غير المستغلة للقطاع، وفق البيانات الرسمية
وقال الجيطان “كان القطاع على الدوام أحد القطاعات الأقدر على مواجهة الصعوبات التي تبرز في بعض الظروف الاستثنائية، وفقاً للإمكانات والمقومات التي يملكها والتي تجعله قادرا وبشكل كبير على تلبية احتياجات الأردن من السلع الغذائية الأساسية.”
وأكد المسؤول الذي يرأس منصب نائب رئيس غرفة صناعة الأردن أهمية القطاع العالية لتشابكاته وترابطاته مع العديد من المجالات الاقتصادية والإنتاجية الأخرى، ولاسيما القطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني.
ووصلت العديد من منتجات القطاع لحد الاكتفاء الكامل كمنتجات الألبان والأجبان واللحوم المصنعة والدواجن وبيض المائدة وتعبئة وتنقية المياه والعصائر والمشروبات الغازية والمنتجات الغذائية ومنتجات المخبوزات والحلويات.
ومع ذلك، ثمة ضعف في عمليات تطوير المنتجات والابتكار داخل القطاع، وارتفاع تكاليف الإنتاج، خصوصا الطاقة، حيث تصل الفروق الإنتاجية مع المنافسين إلى أكثر من 40 في المئة، وفق الجيطان.
وعلاوة على ذلك تبرز مسألة تنامي المستوردات ذات المثيل المحلي لغياب سياسات الحماية وعدم فاعلية آليات حماية الإنتاج الوطني، فقد تخطى حجم المستوردات الأجنبية التي لها بديل من الصناعة المحلية الغذائية الملياري دولار.
ويلفت الجيطان إلى وجود ضعف بعمليات التسويق والترويج، حيث يبلغ حجم فرص التصدير الضائعة داخل القطاع بأكثر من 137.3 مليون دولار في ظل نفس حجم الإنتاج الحالي.
وشدد على الحاجة لتطوير المواصفات والمقاييس واعتماديتها العالمية لتعزيز تنافسية وفرص اختراق الأسواق التصديرية.
وأشار إلى ضعف التكامل مع القطاع الزراعي، والذي يؤثر بشكل مباشر على ضياع فرصة كبيرة من الممكن استغلالها داخله، مؤكدا ضرورة استكمال إجراءات تطبيق تعليمات التتبع الوطني التي أصدرتها مؤسسة الغذاء والدواء، لتحقيق الاستفادة المرجوة.