جنوب سوريا تحت النيران مع توسيع إسرائيل هجماتها وسط صمت دولي

الجيش الإسرائيلي يقصف قاعدتين جويتين ومواقع للبنية التحتية العسكرية في مدن دمشق وحماة وحمص ويقتل 9 مدنيين خلال توغل في ريف درعا.
الخميس 2025/04/03
دمشق تدين وتطالب بتحرك دولي إثر الغارات المكثفة

دمشق - قتل تسعة سوريين بنيران إسرائيلية فجر الخميس خلال محاولتهم التصدي لقوات توغلت في محافظة درعا في جنوب البلاد، وفق ما أفادت السلطات المحلية والمرصد السوري لحقوق الانسان، بعد ساعات من سلسلة غارات على أنحاء أخرى في البلاد.

وتأتي هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، التي تحظى بتأييد ضمني من الإدارة الأميركية، في ظل صمت دولي وغربي مطبق.

وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم الخميس أن القوات الإسرائيلية ستبقى في المناطق العازلة داخل سوريا وستتحرك للتصدي للتهديدات لأمنها، محذرا الحكومة السورية من أنها ستدفع ثمنا باهظا إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول.

وحذر كاتس في بيان الحكومة السورية من أنها ستدفع ثمنًا باهظًا إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول إلى أراضيها، مشيرًا إلى أن الغارات الجوية الأخيرة على حماة ودمشق هي "رسالة واضحة وتحذير للمستقبل".

وأوضح الجيش الإسرائيلي من جهته أن عملياته في المنطقة تهدف إلى "مصادرة أسلحة وتدمير بنى تحتية إرهابية"، وأن قواته "ردّت" على نيران أطلقها مسلحون.

وأحصت سلطات محافظة درعا في بيان على تلغرام "ارتقاء تسعة مدنيين وإصابة آخرين، في حصيلة أولية، إثر قصف للاحتلال الاسرائيلي على حرش سد الجبيلية الواقع بين مدينة درعا وبلدة تسيل غرب درعا".

وقالت إن القصف جاء بعد "توغل" اسرائيلي في المنطقة، "حيث تقدمت قوات الاحتلال لأول مرة الى هذا العمق".

وبحسب المرصد، قضى التسعة وهم من أبناء المنطقة المسلحين "خلال محاولتهم التصدي للقوات الاسرائيلية"، وذلك "بعد نداءات وجهتها مساجد المنطقة لحثّ السكان على الجهاد ضد التوغل الإسرائيلي".

وكانت قوة اسرائيلية مدعومة بعشرات العربات العسكرية تقدمت في المنطقة قبل القصف.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان لاحقا إن قوات تابعة له نفّذت ليلا "عملية" في المنطقة، حيث "صادرت أسلحة ودمرت بنى تحتية إرهابية". وأوضح أنه "خلال العملية، أطلق عدد من المسلحين النار على قواتنا في المنطقة، فردّت القوات بإطلاق النار عليهم، وقضت على عدد من الإرهابيين المسلحين".

وأوضح ناطق باسم الجيش الإٍسرائيلي أن "وجود أسلحة في جنوب سوريا يشكل تهديدا لدولة إسرائيل"، مضيفا أن الجيش "لن يسمح بوجود تهديد عسكري في سوريا وسيتحرك لمواجهته".

وجاء التصعيد في درعا بعد ساعات من سلسلة غارات شنّتها اسرائيل ليلا وتركزت خصوصا على مطار حماة العسكري، ما أدى الى خروجه من الخدمة بشكل كامل، وفق المرصد. كما طالت الغارات مطار تي-فور العسكري ومحيطه في وسط البلاد ومركز البحوث العلمية في منطقة برزة في دمشق.

وأوقعت تلك الغارات أربعة قتلى على الاقل من عناصر الأمن، وفق المرصد.

وندّدت وزارة الخارجية السورية بـ"موجة العدوان الأخيرة على سوريا". وذكرت أنها أسفرت عن تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين. وأضافت "يمثل هذا التصعيد غير المبرر محاولة متعمدة لزعزعة استقرار سوريا وإطالة معاناة شعبها".

وظلت إسرائيل تشن لسنوات غارات جوية على سوريا خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد، مستهدفة ما وصفتها بمنشآت عسكرية مرتبطة بإيران وعمليات نقل أسلحة من طهران إلى جماعة حزب الله اللبنانية.

وقُطع طريق نقل الأسلحة بعد سقوط الأسد، لكن إسرائيل واصلت شن غارات على القواعد العسكرية السورية.

وأفادت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) ومسؤولون محليون بأن غارات جوية إسرائيلية استهدفت الأربعاء المطار العسكري الواقع في مدينة حماة ومحيط مبنى مركز البحوث العلمية في حي برزة بالعاصمة دمشق.

وقصفت إسرائيل مبنى البحوث العلمية بعد فترة وجيزة من الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر كانون الأول الماضي. وتقول إسرائيل إن المركز يُستخدم لتطوير صواريخ موجهة وأسلحة كيميائية.

وفي حماة، قال مصدر عسكري سوري لرويترز إن أكثر من عشر هجمات دمرت مدارج الطائرات وبرج المراقبة ومستودعات الأسلحة وحظائر الطائرات.

وتابع المصدر بالقول "دمرت إسرائيل قاعدة حماة الجوية بالكامل لضمان عدم استخدامها. هذا قصف ممنهج لتدمير القدرات العسكرية للقواعد الجوية الرئيسية في البلاد".

وتعد قاعدة حماة الجوية، التي تقع غربي المدينة، واحدة من القواعد الجوية الرئيسية في البلاد التي كانت تُستخدم على نطاق واسع كنقطة انطلاق لقصف المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة في الشمال خلال الصراع الذي استمر 13 عاما بين الأسد والمعارضة قبل الإطاحة به.

وأعلنت إسرائيل الأربعاء أيضا استهدافها لقاعدة تي.4 الجوية في محافظة حمص، وهي قاعدة تعرضت لقصف إسرائيلي متكرر خلال الأسبوع الماضي.

يرى مراقبون أن إسرائيل تسعى إلى منع أي قوى معادية لها من التمركز في جنوب سوريا، خاصة بعد الإطاحة بنظام الأسد، فيما يتخوف البعض من أن يؤدي التصعيد الإسرائيلي إلى إشعال فتيل حرب إقليمية واسعة النطاق.

ويؤكد محللون أن صمت المجتمع الدولي يشجع إسرائيل على مواصلة اعتداءاتها على سوريا.

وتصاعد العنف على طول الحدود بين إسرائيل وسوريا بعد تولي إدارة جديدة يقودها الإسلاميون السلطة عقب الإطاحة بالأسد.

وتقول إسرائيل منذ ذلك الحين إنها لن تتسامح مع وجود مسلحين إسلاميين في جنوب سوريا، وأرسلت قواتها إلى المنطقة الحدودية السورية. وتقول القيادة السورية إنها لا تنوي فتح جبهة ضد إسرائيل.

وإثر إطاحة فصائل معارضة حكم الرئيس بشار الأسد في ديسمبر، شنّت اسرائيل مئات الغارات على منشآت عسكرية وقواعد بحرية وجوية في أنحاء سوريا، قالت إن هدفها منع استحواذ الإدارة الجديدة على ترسانة الجيش السابق.

كما توغل الجيش الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، والواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله من الهضبة السورية. وتتقدم قواتها بين الحين والآخر الى مناطق في عمق الجنوب السوري.

وطالب رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في فبراير بجعل جنوب سوريا منزوع السلاح بشكل كامل، محذرا من أن حكومته لن تقبل بوجود القوات الأمنية التابعة للسلطات الجديدة في سوريا قرب حدودها.

وليل الأربعاء، أفادت سلطات محافظة درعا في منشور على تلغرام بتوغل عربات عسكرية للجيش الإسرائيلي في حرش سد الجبلية قرب مدينة نوى غربي درعا، مشيرة إلى تزامن ذلك مع تحليق لطيران الاستطلاع في المنطقة.

كذلك، أفادت السلطات باستهداف الجيش الإسرائيلي سفح تل الجموع قرب مدينة نوى بريف درعا الغربي "بثلاث قذائف مدفعية".

وأفاد المرصد بتوغلات عسكرية إسرائيلية متكررة في جنوب سوريا خارج المنطقة العازلة.

وفي الشهر الماضي، حذّرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كايا كالاس من القدس من أن الضربات الإسرائيلية على سوريا "غير ضرورية" وتنذر "بتصعيد جديد" في المنطقة.

من جانبها، تتّهم وزارة الخارجية السورية إسرائيل بشن حملة ضد "استقرار البلاد".