جنوب السودان: حكومة الوحدة الوطنية في اختبار صعب

أزمة الانشقاقات العسكرية تلقي بظلال سلبية على التفاؤل الذي ساد عقب دخول التفاهمات بين سلفاكير وغريمه رياك مشار حيّز التنفيذ.
السبت 2020/03/21
انشقاقات تهدد التفاهمات

جوبا – تكابد حكومة الوحدة الوطنية الوليدة في جنوب السودان لتجاوز التحديات التي تواجهها على مستوى إصلاح القطاع الأمني، في ظل تعدد ولاءات الكثير من الفصائل المسلحة.

 وتصرّ الفصائل المسلحة على عدم التفريط في المعدّات العسكرية قبل ضمان الحصول على مكاسب نوعية في السلطة والثروة، وإيجاد حلول ناجحة لوضع الكتائب المسلحة قبل أن تلقي بسلاحها لحكومة الوحدة.

وتفجّرت أزمة الانشقاقات العسكرية مؤخرا، وبدأت تلقي بظلالها السلبية على التفاؤل الذي ساد عقب دخول التفاهمات بين الرئيس سلفاكير ميارديت وغريمه السابق رياك مشار حيّز التنفيذ، وتؤثر على حدود التعاون والتنسيق بين الطرفين.

وأكد الفريق أول سايمون قارويج دوال، رئيس أركان الجيش الشعبي في المعارضة، الخميس، دعمه لرئيسه المباشر رياك مشار الذي جرى تعيينه في منصب النائب الأول للرئيس سلفاكير، بما عكس خطورة الأزمة بين الرئيس ونائبه، لأن أزمة الانشقاقات قد تتزايد الفترة المقبلة.

وجاء إعلان قارويج بعد ثلاثة أيام من انضمام نائبه الفريق جيمس كوانق شول مع ثلاثة من كبار الجنرالات إلى المجموعة العسكرية الموالية للرئيس سلفاكير، وهو ما يضعف الجسم العسكري الذي يقوده مشار ويحتفظ ببنيته الرئيسية، ويقوي جبهة غريمه السابق.

وأشار قارويج في تصريحات إعلامية محلية، أنه يدعم مشار في برنامجه الرامي إلى تكوين جيش قومي في البلاد، مشددا على أن جيش المعارضة يدعم تنفيذ اتفاق السلام الذي أنهى الحرب بجنوب السودان، في إشارة توحي إلى وجود ممانعات داخل الفريق الثاني لإتمام السلام.

وتشترط الكثير من القيادات العسكرية التابعة لمشار للعودة إلى جوبا تكوين جيش على أساس قومي موحد، وتنفيذ جميع البنود التي حواها اتفاق السلام بشأن الترتيبات الأمنية ومكوّناتها الإصلاحية، وعدم المراوغة في ذلك كي لا تعود البلاد إلى أجواء الحرب الأهلية.

وأوضح قارويج أن قيادة جيش المعارضة في انتظار القائد العام رياك مشار لتنويرها حول تشكيل الحكومة الجديدة في المقرّ الرئيسي بمنطقة دييل.

وأعلن الرئيس سلفاكير في 20 فبراير التوصل إلى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، برعاية وإشراف النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الفريق أول محمد حمدان دقلو، وبموجبه تم بعد يومين تعيين مشار نائبا لرئيس الجمهورية.

وتعهد سلفاكير بتوفير الأمن في البلاد إلى حين اكتمال إعداد وتشكيل الجيش الوطني المشترك، ومواصلة الحوار حول ما تبقّى من المسائل العالقة التي بحاجة لمزيد من الجهود السياسية والأمنية لتسويتها، لأن استمرار النقاط الخلافية يعني تهديد السلام.

Thumbnail

وتبذل حكومة جوبا بالتعاون مع الخرطوم جهودا كبيرة لمنع انفجار الأوضاع في منطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بينهما، ويحاول البلدان التوصل إلى تفاهمات لتكون نقطة تعاون مشترك وليس مجالا لإثارة النعرات القبلية والصراع حول الموارد الطبيعية.

وعقدت الإدارة الأهلية بين مجتمعي المسيرية “العجايرة” ودينكا نقوك، اجتماعا الاثنين، في مدينة أبيي للوقوف على الأوضاع الأمنية هناك، لأن الأوضاع في كل من جوبا والخرطوم لا تحتمل نزاعا إقليميا بينهما.

وقال الخبير في الشؤون الأفريقية، عطية عيسوي، إن الخلاف حول الترتيبات الأمنية يرجع إلى اتخاذ بعض الإجراءات أحادية الجانب من قبل رياك مشار لحماية قوات المعارضة خلال وجودها في جوبا، وكانت سببا رئيسيا في انهيار اتفاق سابق لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

وأضاف لـ“العرب”، أن إعادة دمج الحركات المسلحة المعارضة مع قوات الجيش الوطني تمثل معضلة كبيرة، بعد تجميد عملية نزع أسلحتها وبحث مسألة التعويضات المناسبة.

ومارس المجتمع الدولي ضغطا كبيرا على كل من سلفاكير ومشار للتوصل إلى اتفاق تم بموجبه تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بعد سلسلة من الاتفاقيات التي حالت دون هذه الخطوة، وأدى تصاعد الضغوط الخارجية إلى إجبار الزعيمين على السلام، خوفا من تعرضهما لعقوبات دولية حال استمرار الانسداد، وعدم وقف الحرب.

ولفت عيسوي، إلى أن الدول المانحة لا تزال تتشكك في نوايا الأطراف التي خاضت صراعات عسكرية مضنية، وترفض تزويدها بالأموال اللازمة، إذا لم تصمد حكومة الوحدة الوطنية، ويتم تجاوز العقبات التي تمنع نجاح الترتيبات الأمنية.

2