جنس المرأة يربك الأطباء في تشخيص الأمراض

أعراض قصور القلب تشبه علامات انقطاع الطمث، والأطباء لا يتفطنون للعلامات والأعراض لدى النساء مقارنة بالرجال.
الخميس 2019/07/25
الارتفاع المتواصل لضغط الدم يسبب قصورا في القلب

تتشابه أعراض قصور القلب وسن اليأس إلى حد ما، وهو ما يجعل الكثير من الأطباء يتجهون مباشرة إلى تشخيص انقطاع الطمث، إذا كان المصاب امرأة. ولكون المريضة امرأة فالطبيب لا يميل عادة إلى ربط شعورها بالتعب والإجهاد إلى خلل ما في القلب بقدر ما يذهب إلى ربطهما بزيادة الوزن لديها أو تقدمها في السن.

لندن – شخص الطبيب المباشر لفران هالكو إرهاقها الشديد على أنه أحد أعراض انقطاع الطمث. لكن فران التي تبلغ من العمر 56 عاما، وهي أم لثلاثة أطفال ومديرة الخدمة في إحدى دور الرعاية، شعرت أن الأمر أكبر من ذلك بكثير.

نقلت صحيفة دايلي ميل عن فران قولها “لم أكن أشعر بمجرد تعب عابر، لقد كنت أحس بالإجهاد بمجرد القيام بالأنشطة اليومية المعتادة مثل كي الملابس وبمجرد الانتهاء من العمل، أغفو على الأريكة”.

وأضافت أنها اضطرت إلى التوقف عن ممارسة التمارين الرياضية المائية، بعد التدرب لمدة عام، لأنها “لم تعد تملك الطاقة للقيام بذلك”.

وأوضحت فران أنها ذهبت إلى الطبيب عام 2017 لكنه ظل يسألها “كيف هو مزاجك، كيف وجدت سن اليأس؟” وأخبرها أنها تشكو من حالة اكتئاب. لكنها أجابت بأنها “قد مرت فعلا بسن اليأس قبل سنوات”.

على مدار العام التالي، بدأت فران تشعر بضيق في التنفس عند المشي حتى على منحدرات خفيفة، مع أنها تعودت المشي هناك لمدة ساعة برفقة كلابها.

وبعد عدة أشهر وأثناء مشاهدة التلفزيون في إحدى الليالي بمنزلها الكائن في بنيكويك بأسكتلندا، برفقة زوجها البالغ من العمر 60 عاما، شعرت فران بألم شديد في صدرها، مما أدى إلى ذهابها إلى المستشفى في اليوم التالي.

تم إبلاغ فران آنذاك بأنها تعاني من “تسرب خفيف” في صمام القلب. وأخبرها أخصائي أمراض القلب أن قصور القلب هو سبب ظهور الأعراض التي واجهتها خلال الفترة السابقة. حدث المرض نتيجة مشكلة في الصمام وارتفاع ضغط الدم الذي كانت تعاني منه لسنوات. قصور القلب هو عندما يكون القلب غير قادر على ضخ الدم كما ينبغي. وهناك أسباب متعددة تلحق الضرر بعضلة القلب ومنها النوبة القلبية وارتفاع ضغط الدم والفيروسات التي يتم علاجها بشكل سيء.

تشمل الأعراض ضيق التنفس (مثل تجمعات الدم والسوائل في الرئتين)، والإرهاق واحتباس السوائل حيث تتمسك الكليتان بالماء والملح في محاولة لرفع ضغط الدم (بحيث لا يضطر القلب إلى الضخ بشدة)، مما يؤدي إلى تورم الكاحلين على سبيل المثال. وهذا يمكن أن يشكل تهديدا للحياة.

كانت أعراض فران متطابقة تماما مع أعراض قصور القلب. فلماذا انتظرت وقتا طويلا لتشخيص المرض؟ لقد كان هناك عامل رئيسي يعمل ضد فران وهو كونها امرأة.

خلال الأسبوع الماضي، صدر تقرير عن هيئة برلمانية بريطانية تعنى بصحة المرأة يدين موت النساء دون داع جراء النوبات القلبية والسكتات الدماغية لأنها أمراض يُنظر إليها على أنها “أمراض الذكور”. ويبدو أن الأمر نفسه ينطبق على النساء المصابات بقصور في القلب.

تمثل النساء 40 في المائة من 900000 شخص تم تشخيصهم بقصور في القلب.

لدى الرجال، السبب الشائع لقصور القلب هو الإصابة بنوبة قلبية، بينما يرجع سبب إصابة النساء إلى ارتفاع ضغط الدم

ومع ذلك، ففي مايو الماضي، كشفت دراسة أجراها باحثون من جامعة أكسفورد، نُشرت في مجلة “بلوس مديسين” أنه من المرجح أن يغفل الأطباء عن كشف علامات قصور القلب لدى النساء، وقد تبين أن المرأة تحصل على تشخيص دقيق بنسبة تقل عن 9 بالمئة مقارنة بالرجل.

 نتيجة لذلك، يمكن تشخيص إصابة النساء بقصور القلب في المستشفى عندما تصبح الأعراض شديدة.

تقول أماندا فارنافا، استشارية أمراض القلب بمستشفى هامرسميث في لندن “الأطباء لا يتفطنون للعلامات والأعراض لدى النساء مقارنة بالرجال”. وتتابع موضحة “إذا شعرت المرأة بالتعب، فسرعان ما يربط الأطباء ذلك بالسن والوزن، بينما إذا تعلق الأمر بالرجال، فيدفعهم ذلك إلى المزيد من التفكير، وهل هذا مرتبط بالقلب؟”.

 لا تختلف أعراض قصور القلب بين الجنسين ولكن أسبابها ليست هي نفسها. لدى الرجال، السبب الأكثر شيوعا هو مرض القلب أو الإصابة بنوبة قلبية. بينما بالنسبة إلى النساء يرجع السبب الرئيسي للإصابة بقصور القلب إلى ارتفاع ضغط الدم وعدم انضباطه وذلك لأن الضغط على القلب يزداد بمرور السنين. وبفضل التأثيرات الوقائية للإستروجين، تقل احتمالية إصابة النساء بنوبة قلبية قبل بلوغهن سن اليأس مقارنة بالرجال.

ومع ذلك، فحتى النساء المعرضات لخطر قصور القلب لا يبدو أنهن يخضعن لنفس المستوى من الفحص الذي يخضع له الرجال.

وتقول فارنافا مبينة “إذا تعرض رجل أصغر سنا لنوبة قلبية، فإن طبيبه يتوجه مباشرة لمتابعة والتحقق من قصور القلب، ولكن لا أحد يفكر في تقديم نفس المتابعة لامرأة تعاني من ارتفاع ضغط الدم لفترة طويلة، ولا تقدر هي ولا طبيبها على تحديد عامل الخطر الذي يمثل قصور القلب”.

يقول جون كليلاند، أخصائي قصور القلب في جامعة غلاسكو، “هناك أيضا ميل إلى الاعتقاد بأنه إذا كان شخص ما يعاني من ضيق في التنفس أو تورم في الكاحلين، فهذا لأنه يتقدم في السن، ولكن هذه الأنواع من الأعراض يجب ألا يتم تجاهلها ويجب التحقيق فيها”.

وأضاف البروفيسور كليلاند إن مرض قصور القلب يعاني من نقص كبير في التشخيص -خاصة بين النساء- بحيث يمكن أن يصل الرقم الحقيقي للمصابين إلى الملايين، وأوضح “أعتقد أن أربعة ملايين هو تقدير معقول”.

والجدير بالذكر أن هناك علاجات “أحدثت ثورة” في توقعات المصابين بقصور القلب، كما تقول الاستشارية فارنافا. عادة هناك حاجة إلى دواءين أو أكثر، وهي عادة لإبطاء تسارع دقات القلب ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين لإرخاء الأوعية الدموية، وبالتالي فإن القلب يجب أن يعمل بجهد أقل لضخ الدم في كامل الجسم، مع تقليل احتباس السوائل.

هذه الأدوية يمكن أن تقلل من الأعراض وفي بعض الحالات تحسن من قوة القلب وكذلك تقلل من خطر الوفاة المبكرة. ولكن للعمل بشكل أفضل، يجب تشخيص الحالة مبكرا.

يقول كليلاند “إن التشخيص المبكر يمكن أن يضيف إلى عمر المصاب ثلاث سنوات أو أكثر من الحياة الجيدة”.

ومع ذلك، يتم تشخيص ثلثي حالات قصور القلب في الوقت الحالي (عند الرجال والنساء) فقط عندما تكون شديدة إلى درجة أنها تتطلب العلاج في المستشفى.

بعد أربعة أشهر من تشخيص فران، ضعفت وظائفها القلبية إلى درجة أنها بالكاد تستطيع أن تعيش حياة مستقلة. إنها على وشك بدء دواء جديد إضافة إلى دواء ضغط الدم الذي تتناوله وتأمل في أن يساعدها.

وتقول “لا يمكنني حتى رفع عربة التسوق. أشعر بالدوار الخفيف ولا يمكنني الاعتناء بحفيدتي الصغيرة وليست ردة فعل مناسبة إلى درجة أنني لم أستطع أحيانا الاستجابة بسرعة كافية لإبعادها عن الخطر. وتضيف “لقد تحولت من كوني امرأة محترفة ذات حياة نشطة إلى شخص لا يكاد يرعى أحفاده”.

أكد كليلاند أنه “يجب أن يكون هناك وعي أكبر لدى الأطباء حول عوامل الخطر لقصور القلب حتى إذا رأوا مريضة كبيرة السن مصابة بارتفاع ضغط الدم طويل الأمد، فإن عليهم أن يعرفوا أنها معرضة لخطر قصور القلب”.

 يذكر أن دراسة سابقة، أجريت في كندا، وجدت أن النساء أكثر عرضة للوفاة بسبب قصور القلب بنسبة 14 بالمئة، مقارنة بالرجال. وخلصت الدراسة الكندية إلى أن النساء أكثر عرضة من الرجال للدخول إلى المستشفى بسبب الإصابة بأمراض القلب.

وفي الوقت الذي انخفضت فيه حالات دخول المرضى الرجال إلى المستشفى، استمرت نسبة النساء المصابات بمرض قصور القلب في الارتفاع.

17