جنة نجيب محفوظ النوبلية

من مفارقات جائزة نوبل للآداب أنها مُنحت عام 2014 للفرنسي باتريك موديانو وهو الذي لا يخفي تأثره العميق بمارسيل بروست الذي لم يحصل على الجائزة.
وبروست هو صاحب “بحثا عن الزمن الضائع” الرواية التي لا تنافسها في القيمة في العصر الحديث سوى رواية “يوليسيس” للأيرلندي جيمس جويس الذي لم يفز هو الآخر بجائزة نوبل، في حين فاز بها تلميذه صاموئيل بيكيت وهو صاحب المسرحية التي تحول عنوانها إلى قول مأثور “في انتظار غودو”.
وليس بعيدا عن ذلك ما حدث في مشغل الجائزة السويدية ذات السمعة العالمية الرفيعة لآداب أميركا اللاتينية.
في عام 1982 فاز الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز بالجائزة وهو صاحب رواية “مئة عام من العزلة” وبعد ما يقارب العقدين وبالضبط عام 2010 حصل عليها البيروفي ماريو فارغاس يوسا. غير أن لجان الجائزة كانت قد تعمدت بإصرار إهمال الأرجنتيني خورخي لويس بورخس (1899 ــ 1986) وهو الذي يدين له ماركيز ويوسا بالفضل لا لأنه أكبر كتاب القارة وحسب بل وأيضا لأنهما مثل باقي كتاب القارة الجنوبية تعلما من أدبه الكثير من تقنيات الكتابة.
واللافت في الجائزة أن كل مَن وُضع اسمه على لائحة التوقعات بما تتضمنه من مراهنات لم يفز بها. الشاعر العربي أدونيس كان قد صمد على لائحة التوقعات ست سنوات وفي السابعة اختفى اسمه.
أثناء وجوده على اللائحة فاز بالجائزة عدد من الأديبات والأدباء هم أقل منه أهمية. وعلى العموم فإن ذلك ليس بالحدث المستغرب. لقد أخطأت نوبل الروائي الأميركي فيليب روث وذهبت إلى القاصة الكندية أليس مونرو التي لم تكن أفضل الخيارات إذا ما تعلق الأمر بكندا.
هناك مارغريت أتوود على سبيل المثال. إضافة إلى الأدباء الذين ذكرتهم وكانت الجائزة قد خسرتهم هناك الروسي ليو تولستوي صاحب “الحرب والسلام” و”آنا كارينينا” والأميركي مارك توين والبريطانية فرجيينا وولف والمصري يوسف إدريس والتشيكي ميلان كونديرا والألباني إسماعيل قادريه والأميركية جويس كارول أوتس.
أما الياباني هاروكي موراكامي (1949) فإن وجوده منذ سنوات على قائمة المرشحين قد يحرمه من الجائزة.
ولكن ما يُثير الاستغراب فعلا أن الجائزة لم تلتفت إلى الأدب العربي إلا مرة واحدة حين ذهبت إلى الروائي المصري نجيب محفوظ. قد يكمن السبب في أن الأدب العربي لم يُترجم إلى اللغات الأخرى ولكنّ اسمي الفلسطيني محمود درويش والعراقي سعدي يوسف كانا دائما متداولين في الأوسط الشعرية العالمية بعد أن كان الكثير من شعرهما قد تُرجم إلى لغات أخرى.
مات الشاعران وغابت معهما فرصتنا لكي نؤنس نجيب محفوظ في جنته النوبلية.