جمود الاتفاق النووي يفاقم انهيار العملة الإيرانية

طهران - واصلت العملة الإيرانية تهاويها خلال الفترة الأخيرة مع انسداد آفاق التوصل إلى إحياء الاتفاق النووي المثير للجدل، في وقت يمر فيه اقتصاد البلد النفطي بأسوأ حالاته في ظل تضخم جامح وتدهور في القدرة المعيشية للمواطنين.
وسجلت العملة سعرا قياسيا لم يشهده سوق العملات الأجنبية منذ 2018 ما يزيد ملامح الأزمات المالية والاقتصادية، المرشحة للتفاقم بشكل أكبر حتى في ظل محاولات السلطات الالتفاف على الحظر لتحصيل عوائد من تجارة النفط في ظل الأسعار المرتفعة.
ووفق وكالة الأنباء العمانية الرسمية فقد بلغ سعر صرف الدولار الأميركي الواحد في العاصمة الإيرانية طهران الأربعاء الماضي نحو 34.2 ألف ريال، وهو أعلى سعر في تاريخ سوق العملات الأجنبية بإيران.
30
في المئة نسبة ما فقده الريال الإيراني من قيمته أمام الدولار منذ نوفمبر الماضي
ويقول خبراء إن استمرار هبوط العملة الإيرانية مقابل العملات الأجنبية لتبلغ معدلات تاريخية يأتي مع تضاؤل الآمال بإحياء الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة السداسية الدولية.
وأكدوا أن إطالة أمد محادثات فيينا النووية حول عدم إمكانية التوصل إلى آلية تضمن عودة جميع الأطراف إلى التزاماتها في الاتفاق النووي على المدى القريب قد أثرت سلبا على سوق العملات الأجنبية بطهران.
وفقد الريال الإيراني نحو 30 في المئة من قيمته منذ استئناف الجولة السابعة من المفاوضات بين طهران وباقي أطراف الاتفاق النووي أواخر نوفمبر الماضي، متأثرا بالتصريحات الأوروبية والأميركية المتشائمة التي تلت الاجتماعات.
وتقول الحكومة الإيرانية إنها لا ترهن نمو الناتج المحلي الإجمالي بنتائج المحادثات النووية وإنها لن تقبل بأي اتفاق لا يفضي إلى رفع كافة العقوبات الأميركية بما يضمن المصالح الاقتصادية للبلاد.
وكانت قد اعتمدت في مشروع الموازنة للعام الإيراني الجديد الذي انطلق في الحادي والعشرين من مارس الماضي بناء على فرضية استمرار العقوبات الاقتصادية، “دون ربط إدارة إيران بنتائج المفاوضات حول الملف النووي”.
ومن شأن تباين مواقف الأطراف المشاركة بالاتفاق النووي وتزامنها مع الأزمة الروسية - الأوكرانية أن يترك آثارا سلبية أعمق وأكثر دمار مستقبلا بينما يعاني الإيرانيون من تدهور كبير في معيشتهم، بينما تكافح الشركات والأعمال التجارية للاستمرار في النشاط.
وبفعل العقوبات الأميركية وتراجع صادرات النفط الإيرانية، ارتفع معدل التضخم في البلاد بشكل كبير حتى أنه تجاوز نسبة 40 في المئة، وفق تقديرات حيّنها صندوق النقد الدولي.
وكان خبراء صندوق النقد قد قدروا في تقرير سابق معدل التضخم بنحو 33.3 في المئة لكامل هذا العام على أن يتراجع ويبلغ 27.5 في المئة خلال العام المقبل.
استمرار هبوط العملة الإيرانية مقابل العملات الأجنبية يأتي مع تضاؤل الآمال بإحياء الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة السداسية الدولية
وفي ضوء ذلك يتوقع محللون أن يواجه الاقتصاد الإيراني صعوبات لا حصر لها في ظل الوضع السياسي القائم لاسيما مع استمرار الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة والعقوبات الجديدة التي فرضت على إثرها.
ومن المتوقع أن يزيد غياب رؤية واضحة حول مستقبل مبيعات النفط الإيراني من ضبابية المشهد في سوق العملات الأجنبية في ظل استمرار وتجديد العقوبات الاقتصادية الأميركية.
ويعكف البنك المركزي منذ أشهر على مراجعة سياساته النقدية بهدف وقف التعامل التجاري بالدولار الأميركي حيث تطمح الحكومة إلى توقيع المزيد من الاتفاقيات لتسهيل التعاملات مع روسيا بالعملتين الروبل والريال بعد عقدهما شراكات بهذا المجال في يوليو الماضي.
وتتطلع إيران كذلك إلى اعتماد هذه السياسة أيضا مع الصين في المستقبل لتقليل الاعتماد على العملات الأخرى وخاصة الدولار.
وكانت حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي قد أصرت في فبراير الماضي على إلغاء تقديم العملة الأجنبية وخاصة الدولار لرجال الأعمال والتجار لاستيراد السلع الأساسية بذريعة مكافحة الفساد.
ومطلع مارس الماضي وافق البرلمان على مشروع قانون قدمته الحكومة في الميزانية الجديدة يقضي بإلغاء قانون منح العملة الأجنبية المدعومة من قبل المركزي المخصص لاستيراد السلع والمسعر عند 4200 ريال للدولار.