جمال عبدالناصر يثير جدلا في موريتانيا

قرار الحكومة الموريتانية تغيير اسم شارع “جمال عبدالناصر” أشهر شوارع العاصمة نواكشوط يثير جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي بين رافض ومؤيد.
الأربعاء 2019/01/23
الأسماء ليست مهمة، الإنجازات أهم

نواكشوط - فوجئ الموريتانيون أخيرا بانتشار خبر يفيد بأن مجلسي بلديتي منتفرغ زينة ولكصر، صادقا على مقترح لتغيير اسم الشارع من “جمال عبد الناصر” إلى شارع “الوحدة الوطنية” وهو ما فجّر جدلا واسعا على الشبكات الاجتماعية.

ويعدّ شارع “جمال عبد الناصر” الذي يحتضن أهم المؤسسات الحكومية والمصرفية، أكبر شوارع نواكشوط وأشهرها.

وتتقاطع معه شوارع أخرى تحمل أسماء رؤساء أجانب، مثل شارع الرئيس الفرنسي شارل ديغول، وشارع الرئيس الأميركي جون كنيدي. ولطالما كان هذا الشارع، الذي يخلّد ذكرى الزعيم المصري الراحل، ميدانا لاحتجاجات الموريتانيين وشاهدا على أحداث سياسية عديدة في البلاد.

وظل الشارع محتفظا باسمه منذ استقلال موريتانيا عن المستعمر الفرنسي عام 1960.

وذكرت وكالتا “الأخبار” و“صحراء ميديا” أهم وكالتين إخباريتين محليتين، أن بلدية نواكشوط، صادقت قبل أيام على تغيير اسم شارع “جمال عبد الناصر” إلى شارع “الوحدة الوطنية”، وذلك تخليدا للمسيرة التي نظمتها الحكومة وقادها رئيس البلاد محمد ولد عبدالعزيز ضد خطاب الكراهية ودعما لوحدة البلاد الوطنية في 9 يناير، وهو اليوم الذي أعلن يوما للوحدة الوطنية.

وقد أثار قرار الحكومة تغيير اسم الشارع سجالا احتدم أساسا على منصات التواصل الاجتماعي بين المؤيدين للقرار والرافضين له.

وقد أصدر “تيار الطليعة التقدمة” ذو التوجه الناصري، بيانا رفض من خلاله قرار تغيير اسم الشارع، مشددا على ضرورة التراجع الفوري عن القرار.

ورفض الناشط الخليل ولد الطيب في تدوينة على فيسبوك، التخلي عن تسمية الشارع باسم الرئيس جمال عبدالناصر، موضحا أن إلغاء اسمه “يشكل إساءة وطنية وقومية للشعب الموريتاني ولنظامه الذي أعلن انحيازه للقضايا الوطنية والقومية”.

وقال المحلل السياسي، الولي ولد سيدي هيبة، إن النظام السياسي الحالي يسعى إلى رسم انطباعاته وترك بصمته”.

وكتب الشاعر محمد ناجي أحمدو على فيسبوك “نريد بقاء شارع عبدالناصر وشارع الملك فيصل وشارع بورقيبة؛ إن كان لا بد من التضحية فضحوا بديغول وكيندي؛ إن كنتم لا بد فاعلين”.

وسخر مغردون بأن على النظام الحالي أن يطبع عهده بالمنجزات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وليس بتغيير النشيد والعلم وأسماء الشوارع.

وتساءل معلق ساخرا “هل خجل الرئيس من تسيمة الشارع باسمه مباشرة”.

من جهة أخرى، دافع آخرون عن مقترح تغيير اسم الشارع بحجة أنه لا يمثل بعدا تاريخيا بالنسبة للموريتانيين.

ودعا نشطاء إلى استبدال أسماء الشوارع التي تحمل أسماء شخصيات فرنسية وأجنبية بأخرى وطنية. وكتب المدوّن حسن الغوربي “تاريخيا… جمال عبدالناصر كان معارضا لاستقلال موريتانيا، لم يقف معنا حينها غير تونس والعراق… تغيير تسمية شارع جمال عبدالناصر بشارع الوحدة الوطنية خطوة مهمة وكان يجب أن يسبقها تغيير شارل ديغول أيضا”.

تغيير اسم الشارع لم يرق كذلك لمحمد جميل ولد منصور، الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، فكتب على فيسبوك “ليس من المناسب أن نتعامل مع كل ما ورثناه من تاريخ الدولة الوطنية بعقلية التغيير والتغيير فقط، هناك أمور ورموز وأسماء تعوّد الناس عليها وليس من اللائق محو هذه الذاكرة والإساءة للمناسبات التي أفرزتها. أسماء الشوارع تعبّر عن استحضار لحظات تنتمي إلى وقتها وزخمها وليس واردا محاكمتها خارج سياقها”.

وأضاف ولد منصور “تستحق الوحدة الوطنية تسمية شارع باسمها ويمكن أن يجري مع ترك شارع جمال عبدالناصر باسمه”.

أما الكاتب والمحامي، محمد ولد أمين، الروائي ووزير الإعلام الموريتاني السابق اكتب على فيسبوك “عبدالناصر رحمه الله ليس محل إجماع لا في مصر ولا في غير مصر… وبالمناسبة فقد كان عسكرياً مصرياً فاشلاً في كل حروبه وكان هو مَن قضى على التعددية في بلاده”.

وأضاف “له مناقب كثيرة منها دعمه لحركات التحرر في أفريقيا والعالم… وعلى كل حال لم يكن موقفه من استقلالنا وديا. بالعكس موريتانيا وقفت معه في محنه… والرئيس المؤسس (المختار ولد داداه) احتفظ له بكثير من الإعجاب والتقدير”.

وخلص إلى أن “تسمية الشارع الأكبر في البلاد على اسمه لا تليق وفيها ترخيص لتاريخنا وتتفيه لرموزنا، وأظنها خرجت من لحظة عاطفية جداً جداً”.

وأضاف ولد أمين “أعتقد أنه يكفيه جزء من هذا الشارع الذي هو في الحقيقة سلسلة شوارع متواصلة، ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة شوارع… ولو كان لي شيء من الأمر لأسميت على اسمه زنقة بسيطة ومتربة في حي قصي… رحمه الله كان خطيباً فاشلاً، وأباً لكل الخيبات والهزائم المنكرة!”.

19