جماعة الإخوان في مصر تكفّر متأخرة عن خطيئة "جهاد الكورونا"

مواقف قيادات إخوانية وتحريضها على نشر عدوى فايروس كورونا في المؤسسات الحكومية أثار صدمة في الأوساط الشعبية والسياسية في مصر حتى لدى تلك المتعاطفة معها ما دفع الجماعة إلى الخروج ومحاولة احتواء الأمر، من خلال عرضها خدمات “يوتيوبية” للمساهمة في احتواء الفايروس.
القاهرة - تحاول جماعة الإخوان المسلمين تخفيف حدة الانتقادات والتنديدات التي طالتها جرّاء الدعوات التي أطلقتها بعض قياداتها إلى ما سمي بـ”جهاد كورونا” ضد المؤسستين الأمنية والعسكرية في مصر، من خلال حث الجماعة الحكومة المصرية ضمنيا على نبذ الخلافات السياسية وتوحيد الجهود لمواجهة خطر تفشي الجائحة.
وكان روّاد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مؤخرا مقطع فيديو لإحدى القيادات الإخوانية الفارة بهجت صابر، يحرض فيه كل من يُصاب بالإنفلونزا أو ارتفاع في درجة الحرارة (أحد أعراض الإصابة بفايروس كورونا) إلى الدخول إلى أقسام الشرطة والمؤسسات العسكرية والحكومية، كمدينة الإنتاج الإعلامي، والاختلاط بأكبر عدد ممكن من الأشخاص هناك لنشر العدوى والانتقام من “النظام المصري”.
وتواجه مصر تفشيا لفايروس كورونا حيث تجاوز عدد الإصابات سقف الـ1000 شخص فيما بلغ عدد الوفيات 71 بينهم من العسكريين، وهناك تخوّف حقيقي من أن تخرج الأمور عن السيطرة في بلد يعدّ الأكثر كثافة سكانية في أفريقيا.
واثار الفيديو للقيادي الإخواني الهارب في الولايات المتحدة صدمة في الأوساط الشعبية والسياسية المصرية، وعزز المخاوف من أن تقدم خلايا من الجماعة إلى تعمد نشر الوباء في مصر بهدف إضعاف الدولة.
ورأى وزير الأوقاف المصري محمد مختار في تصريحات إعلامية أن “الجماعة اختلّ توازنها العقلي، وفاق إجرامها كل التصوّرات الإنسانية، وتحوّلت إلى خطر يهدّد العالم بأسره”، داعيا “العالم كله للتعرف على حقيقتها الضالة، فبعض عناصرها المجرمة تدعو إلى نشر الوباء بين الأبرياء”.
وامتد الغضب من جماعة الإخوان إلى صفوف الموالين لها والمتعاطفين معها في الداخل المصري، ما دفعها إلى الخروج ومحاولة التكفير عن هذه “الخطيئة” التي يقول نشطاء وسياسيون إنها عرّت الجماعة وكشفت الغطاء عن وجهها الحقيقي.
وقالت الجماعة، المصنّفة تنظيما إرهابيا في مصر وعدد من الدول العربية، الأحد، إنه لا مجال للخلافات السياسية والفكرية، في إطار مواجهة خطر كورونا، كاشفة عن تشكيل لجنة لمواجهة الفايروس.
جاء ذلك في مؤتمر نظمته بتقنية الفيديو كونفرانس، ونقلته فضائيات إخوانية من الخارج، بعنوان “أولويات العمل الوطني في مواجهة جائحة كورونا.. التعاون والمشاركة فريضة”.
وقال الطبيب، المتولي زكريا، أستاذ الأمراض المعدية، في المؤتمر، الذي غطته وكالة الأناضول التركية إنه “لا مجال لجعل الخلافات السياسية والفكرية حائلا لمواجهة الجائحة التي لا تفرّق بين مؤيد ومعارض أو حاكم أو مواطن”.
وأضاف “رغم ما تواجهه الجماعة من صعوبات، قررت تشكيل لجنة بالخارج تعمل على تدشين مواقع متخصصة لرفع كفاءات الأطباء وفتح مجالات للاستشارات عن بعد بمشاركة متخصصين وتقديم التوعية وعمل قنوات عبر يوتيوب لنشر المعلومة الصحيحة وتحذير الناس من الشائعات وتقديم الدعم النفسي لكل شرائح المجتمع”.
حديث الجماعة عن تشكيل لجان لمواجهة فايروس كورونا أثار سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي
ولاقى حديث الجماعة عن تشكيل لجان لمواجهة فايروس كورونا موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي ومن بين التعليقات المثيرة “اطمئنوا يا مصريين اللجان اليوتيوبية قادمة لإنقاذكم من كورونا”.
ويقول متابعون إنه لا يمكن اعتبار الدعوة الضمنية لجماعة الإخوان للحكومة بالتعاون ونبذ الخلافات السياسية في ظل هذا الوضع غير المسبوق مسعى منها لإعادة الوصل مع الدولة المصرية، بقدر ما هي محاولة لقلب الصورة وإحراج الحكومة.
ويشير المتابعون إلى أن بيان الإخوان تزامن مع استمرار الحملة التي أطلقتها الجيوش الإلكترونية للجماعة للتشكيك في قدرة النظام المصري على مجابهة الفايروس، مع استمرار الدعوات الفيسبوكية للمواطنين للخروج والتضرّع إلى الله وما يعنيه ذلك من كسر لإجراءات التباعد الاجتماعي الذي يعدّ السبيل الوحيد حتى الآن لاحتواء خطر انتشار العدوى في غياب أفق قريب لتوفر علاج.
وتتجه السلطات لفرض حظر كامل في البلاد. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام، في وقت سابق، إنه سيتم تطبيق المرحلة الثالثة من الإجراءات لمواجهة انتشار كورونا المستجد، عند وصول عدد حالات الإصابة المؤكدة بالفايروس في البلاد إلى ألف إصابة، وذلك قد يعني فرض حظر كامل للتجوال في عموم البلاد.
وتفرض السلطات بالفعل حظرا للتجوال ليلا في أنحاء البلاد، وإغلاقا جزئيا لبعض الأنشطة، وإغلاقا كليا لبعضها الآخر، وتصل الغرامات على المخالفين إلى أربعة آلاف جنيه مصري (نحو 250 دولارا)، وقد تصل العقوبة إلى السجن.
وكانت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد حذرت في وقت سابق من وصول مصر إلى “المرحلة الثالثة” لتفشي الوباء، في حال وصل عدد المصابين إلى ألف مصاب، إذ سيصعب حينها على الأطقم الطبية رصد أعداد المخالطين للمصابين، مما قد ينذر بمخاطر كبيرة.