جلسة الخميس خطوة للتمديد للعماد جوزيف عون أم فخ نصب للفريق السيادي

تصاعد التوتر في لبنان عشية الجلسة التشريعية التي ستنظر في بند التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جوزيف عون، وسط حالة من الشك وانعدام الثقة في أن تفي الجلسة المنتظرة بهدفها المعلن.
بيروت - تنشغل الأوساط السياسية في لبنان بالجلسة التشريعية المقرر عقدها اليوم الخميس، والتي تتضمن في إحدى بنودها البت في عدد من المقترحات القانونية التي تستهدف حل معضلة الشغور في قيادة الجيش مع اقتراب انتهاء ولاية العماد جوزيف عون في العاشر من يناير المقبل. ولا تخفي بعض الأوساط هواجسها من أن يكون الهدف من الجلسة التشريعية جر أقدام الفريق السيادي إلى فخ تفعيل المجلس النيابي، حيث كان الفريق يعارض بشدة المشاركة في أيّ جلسات تشريع في غياب رئيس للجمهورية.
وتزداد الهواجس مع توجه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء، تهدف إلى تأجيل تسريح قائد الجيش، وهي خطوة أثارت غضب حزب القوات اللبنانية الذي وصفها بالمحاولة الانقلابية.
واعتبر حزب القوات أن ميقاتي كان لديه الوقت الكافي في السابق لتوجيه مثل هذه الدعوة، متسائلا عن المغزى من هكذا جلسة حكومية في ظل رفض وزير الدفاع سليم موريس المشاركة فيها والتوقيع على قرار تأجيل التسريح لقائد الجيش.
وشدد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأربعاء على إصرارهم على التمديد للعماد عون “لأننا نعلم أنه على الرغم من الانهيار في الدولة استطاع تأمين الحد الأدنى لتسيير شؤون الجيش اللبناني”.
شكوك في أن يكون الهدف من الجلسة التشريعية جر أقدام الفريق السيادي إلى فخ تفعيل المجلس النيابي دون مقابل
ولفت جعجع “إذا مفروض يصير تمديد للعماد عون فلازم يصير الآن” واقتراح القانون المقدم هو لرفع سن التقاعد من الآن حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقال “لنا الحق بالنظر بعين الريبة والشك الكبرى في شأن تحديد جلسة الحكومة الجمعة بعد جلسة مجلس النواب الخميس”.
وحذر رئيس القوات من أن “محور الممانعة الممسك بالسلطة يريد أن يعود الجيش مثلما كان في أيام إميل لحود” بحسب مصلحته فيصبح “بوليسا سريّا” له، لافتا إلى أن أيّ قائد جيش تأتي به الحكومة سيكون على صورة الممانعة ومثالها. وقال جعجع إن حزب الله يرفض بالأساس التمديد للعماد عون لأن الأخير يملك قراره المستقل ولا يقبل أن يتدخل أحد في عمله.
وحرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على تلغيم الجلسة التشريعية العامة بالعشرات من البنود من بينها النظر في القانون المتعلق بالكابيتال كونترول، وقانون الضمان الاجتماعي، والصندوق السيادي، وقانون الإيجارات، قبل النظر في البند المتعلق بالتمديد في مقترحات التمديد.
وتقول الأوساط إن الجلسة التشريعية المطروحة قد تستمر لأيام، في ظل كمّ البنود التي يتعين على النواب مناقشتها والتي فيها خلاف كبير، وفي خضم ذلك فإنه من غير المستبعد أن تجد الحكومة صيغة لتمرير التمديد لعون، وبالتالي فلا حاجة للمجلس النيابي للنظر في البند المطروح في شأنه.
وتشير الأوساط إلى أن المثير للقلق هو أن التيار الوطني الحر الذي يعارض تأجيل تسريح قائد الجيش، ويطالب بأن يتولى الضابط الأعلى رتبة الذي يليه المنصب، سيكون سهلا عليه الطعن في القرار الحكومي وبالتالي العودة إلى النقطة الصفر.
ووفق الأوساط ذاتها فإن حزب القوات اللبنانية والفريق المؤيد للمشاركة في الجلسة التشريعية سيكونان أمام ورطة كبيرة وهي اضطرارهما للخروج عن المبدأ الذي قطعاه لجهة عدم حضور جلسات التشريع دون تحقيق الهدف المنشود.
وتقول مصادر لبنانية إنه حتى في صورة تمكن مجلس النواب من طرح التمديد فالأمر لن يكون بالهين إذ توجد ستة اقتراحات لا يحظى أيّ منها بالغطاء القانوني الذي يجنّبه الطعن أمام مجلس شورى الدولة، وقبول الطعن، فالتمديد لرتبة العماد، كما يريد حزب القوات اللبنانية، يُعتبر تشريعاً لشخص واحد فقط بما يسقطه قانونياً، في ما تفتح الاقتراحات الأخرى الباب أمام ظلم هائل يلحق بالعمداء والملازمين وسائر من سيُعرقل كل مسارهم العسكري بسبب الخلل في أعلى الهرم الذي يحول دون ترقيتهم.
وفي ظل هذه التعقيدات أعلنت عدد من القوى عن مقاطعتها للجلسة وبينها حزب الكتائب، في ما لا يزال موقف الثنائي الشيعي غير واضح، ويقول مراقبون إن حزب الله يعمل على الإبقاء على حالة الضبابية للحظات الأخيرة.
وأشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط في حديث لصحيفة “النهار” إلى أنه يؤيد “مسار الجلسة الحكومية لتثبيت قائد الجيش الحالي أو تمديد مدة خدمته. وفي أوج المخاطر، هناك حسابات داخلية تؤدي إلى العبث”.
وردا على تهديد التيار الوطني الحر بالطعن على عملية التمديد قال “كأننا لسنا في حالة حرب وكأنه هناك إمكانية أن نتسلى بالدستور وتقديم الطعن، هذه مزحة كبيرة. قمت بكل اتصالاتي وقلت أنا مع التمديد وعدم الدخول في نوع من الفراغ بقيادة الجيش وإلّا فسندخل في سياسة العبث المطلق”.
الجلسة التشريعية قد تستمر لأيام، في ظل كمّ البنود التي يتعين على النواب مناقشتها والتي حولها خلاف كبير
وأوضح جنبلاط أن “رئيس الأركان في حال غياب قائد الجيش ينوب عنه، ونفضّل أن تكون قيادة الجيش والأركان مكتملة، أي أن يكون هناك قائد جيش، ورئيس أركان ومجلس عسكري. وفي حال تعذّر لأسباب داخلية وعبثية التمديد للعماد جوزف عون، سنسعى الى أن يُرّقى ضابط رشحته وفق الأقدمية هو العميد حسان عودة ويعيّن كرئيس أركان لينوب عن قائد الجيش عندما يغيب أو عندما يتقاعد الأخير. وأنا ضد البدع الأخرى الخطرة بأن يأتي قائد الجيش من الأقدم رتبة في الجيش، وهي دعوة سمعتها من أحدهم من كبار السياسيين”.
وبدا واضحا أن جنبلاط يشير في تصريحاته لكلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يصر على أنه بالإمكان تجاوز الفراغ في قيادة الجيش عبر تصعيد الأعلى رتبة.
وشن رئيس التيار الوطني الحر الثلاثاء هجوما لاذعا على قائد الجيش وقال إن “التمديد حالة غير طبيعية وشاذة وإهانة لكل ضابط مؤهل ومستحق، وموقف التيار مبدئي وثابت لا علاقة له بالشخص، فكيف إذا كان موقفنا أن الشخص لا يصلح؟”.
وأوضح باسيل في مؤتمر صحفي أن “التيار ضد التمديد لأن الشخص المعني خان الأمانة وأصبح عنوانا لقلة الوفاء، وهو يخالف قانون الدفاع الوطني ويتعدى على صلاحيات الوزير ويخالف بشكل واضح ووقح وعلني قانون المحاسبة العمومية، ويتباهى ويفاخر بمخالفة القانون”.
وذكر باسيل أن “أوجه الشبه كبيرة بين التمديد لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة والتمديد لقائد الجيش، واليوم نفس القوى الضاغطة ونفس الحجج والسردية الكاذبة والادعاء أن الخلاف شخصي”.
ويرفض باسيل بشكل مطلق التمديد لعون، ويرى متابعون أن هذا الموقف يعود إلى معارضة أيّ فرصة مستقبلية لعون لتولي رئاسة الجمهورية.