جلسات مناقشة مشروع الموازنة في البرلمان الأردني تتحول إلى استعراض

النواب ركزوا في كلماتهم على الشأن السياسي وعلى القضية الفلسطينية مع أن المفروض هو الإقرار بمواقفهم من فصول مشروع الموازنة.
الأربعاء 2024/01/31
جعجعة بلا طحين

عمان - تحولت جلسات مناقشة مشروع الموازنة العامة في مجلس النواب الأردني إلى منبر لخطابات استعراضية لا تمس بجوهر القضية الموضوعة أمام النواب، فيما بدا أن الهدف هو دغدغة مشاعر الأردنيين بكلمات رنانة عساها تترك أثرا في نفوسهم مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية.

ويرى متابعون للجلسات، أن النواب ركزوا في كلماتهم على الشأن السياسي وعلى القضية الفلسطينية وبعضهم تحدث عن تجربته البرلمانية، مع أن المفروض هو الإصداح بموقفهم من فصول مشروع الموازنة، الذي كانت تقدمت به حكومة بشر الخصاونة نهاية العام الماضي.

ويقول المتابعون، إن مناقشة مشروع الموازنة أضحت فرصة مناسبتية لإلقاء خطابات الغرض منها استمالة الشارع الأردني الغاضب على أداء البرلمان الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى مجرد ملحق بالسلطة التنفيذية، ودوره ينحصر في المصادقة على مشاريع قوانين تعرضها، حتى وإن كانت مثيرة للجدل أو لا تحظى بقبول الأردنيين. ويلفت المتابعون إلى أن النواب يدركون أن مشروع الموازنة سيمرر بالشكل الذي ترتضيه الحكومة، وأنه لا مساحة للاعتراض، وبالتالي فإن الكثيرين منهم استغلوا المناسبة لتمرير مواقفهم من باقي الملفات.

سلامة البلوي: أفضل الحديث عن غزة بدلا من مناقشة الموازنة
سلامة البلوي: أفضل الحديث عن غزة بدلا من مناقشة الموازنة

وقال النائب عمر العياصرة في كلمة باسم كتلة التيار الديمقراطي، الثلاثاء، "شيبتني هذه القبة.. أرهقتني.. اتعبتني.. في عام الختام". وتحدث العياصرة عن تجربته البرلمانية وما تعلمه والصراع السياسي وكواليس لعبة السياسة و”شغل الكناين والجارات" والدسائس.

وقال في كلمته التي عرضتها وسائل إعلام محلية، إنه تعلم أن المظلوم في هذا المكان هي الدولة الأردنية في كل المحطات، مشددا على أن الأردن دولة ووطن معا ليس كسوريا أو العراق أو مصر أو أي وطن آخر، مضيفا “لن نخرج من الأزمات يوما وسنظل كذلك ولن يصلح معنا أن نحكم أنفسنا بالحلم، قبل أن تكون هناك مقاربة سياسية واقعية نتفق عليها ونحاسب الإدارة".

وزاد "تعلمت أن رجل الدولة الحقيقي سواء أكان في الموالاة أم المعارضة، يتعلم كيف يفهم إكراهات دولته وحدود إمكانياتها ليستقر على الأرض بواقعية، لنتحدث ضمن الإمكانات المتاحة والمقدرات.. حتى يأتي مشروع عربي إسلامي ليأخذنا للتغيير والتحرير، فهناك موازين في المعادلات.. القصر والأمن والعشائر والديموغرافيا والأصول الفلسطينية والاحتلال.. وهناك الأميركي والجيوسياسي والموازنة والضعف الاقتصادي، وكل هذه التعقيدات تنتج في النهاية قرارا لا يأتي بخطبة عصماء تقول فيها نريد أن نكون مثل سويسرا".

وهاجم العياصرة المولاة قائلا إن "جزءا من الموالاة للدولة أصبح كسولا يجلس في حضن الدولة وينتظر المغنم ولا يدافع عنها.. فلم نعد نرى الاشتباك والنضال السياسي، وحتى الموالاة الناقدة لم يعد لها حراك"، مبديا خشيته من أن تكون التجربة الحزبية كسولة أيضا.

ونوه إلى أن الأردن دائما متهم، مطالبا بفهم الدولة وعلاقاتها وشرعياتها وهامش حركتها، وعلى من لا يعرف أن يراجع نفسه حتى لا يكون خاصرة لينة تجاه دولته. ومن جهته، قال النائب ينال الفريحات "إنه إذا أردنا بناء أردن قوي ومنيع وتحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين وإنهاء الفقر والبطالة، فعلينا هدم الجدران التي تحاصرنا وتقيدنا".

وأوضح الفريحات أن الجدار الأول هو جدار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشيرا إلى أن الأردن سيصبح بعد سنوات غير قادر على سداد فوائد المديونية، وهذا يؤكد “أننا مربطون وعلينا التحرر من سياسات صندوق النقد والبنك الدولي”.

وأما الجدار الثاني الذي يجب هدمه، وفق الفريحات، فهو العلاقة مع الولايات المتحدة بإعادة التموضع في العلاقة معها، مؤكدا "أننا إذا لم نغير لهجتنا مع أميركا، فهناك علامات استفهام، رغم أن أرزنا وقمحنا منها". وأضاف، أنه لا بد من تغيير الأدوات، مستذكرا رئيس النواب الأسبق عبداللطيف عربيات وتقديمه الأدوات للملك الراحل الحسين بن طلال، مشيرا إلى أن المجلس اليوم قادر على تقديم هذه الأدوات للملك عبدالله الثاني.

◙ النواب يدركون أن مشروع الموازنة سيمرر بالشكل الذي ترتضيه الحكومة وبالتالي فإن الكثيرين منهم استغلوا المناسبة لتمرير مواقفهم من باقي الملفات

والحاجز الثالث وفق فريحات، هو العلاقة مع إسرائيل والاتفاقيات التي تربط الأردن معها، مشيرا إلى أن الاحتلال يبقى يهدد الأردن في العطش، ويهدد بالاتفاقيات سعيا لاندماج الأردن في اقتصادهم. ويرتبط الحاجز الرابع بالعلاقة مع الحلفاء بشكل عام، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الحلفاء من يمنح الأردن المساعدات بيد، ويحاول لي ذراعه باليد الأخرى، داعيا إلى التنويع من الخيارات وعدم اقتصارها سواء كان عربيا أو دوليا.

وقال الفريحات إن الحاجز الخامس، هو العلاقة في الداخل الفلسطيني، مستنكرا الارتباط بمن يحظى بـ7 في المئة من ثقة الفلسطينيين وترك من يحظى بـ70 بالمئة من ثقة الفلسطينيين، في إشارة إلى السلطة الفلسطينية وحماس. وبدا أن الهدف من خطابات النواب تسجيل موقف قبل الاستحقاق الانتخابي، حيث أن الكثير من أعضاء المجلس الحالي يعتزمون الترشح مجددا، فضلا عن كون أن مشروع الموازنة المطروح هو أقصى ما يمكن للحكومة عرضه، وبالتالي فإن تمريره أمر مفروغ منه، رغم تحفظات الكثيرين عليه.

وقال النائب سلامة البلوي في كلمته، إن موازنة 2024 بدأت بصفر وانتهت بصفر والنتيجة صفر ناقص "وهذا الموجود". وأكد البلوي خلال جلسة مناقشة الموازنة، أنه لن يتحدث عن الموازنة وأرقامها وعجزها ومديونيتها، لهذا السبب. وفضل البلوي الحديث عن غزة بدلا من مناقشة الموازنة.

وانطلقت الجلسات المخصصة للنقاش في الموازنة العامة منذ الأربعاء الماضي، وستتواصل على مدار الأسبوع الحالي. وكانت الحكومة الأردنية، أعلنت في نوفمبر الماضي عن مشروع الموازنة للعام 2024 بعجز متوقع قيمته 812 مليون دينار (1.143 مليار دولار)، مقارنة مع عجز بـ1.862 مليار دينار (2.625 مليار دولار) للعام الماضي.

وقدر إجمالي النفقات العامة في العام 2024 بـ12.37 مليارات دينار (17.42 مليار دولار)، مقارنة مع 11.4 مليار دينار (16 مليار دولار) عام 2023. وتبلغ قيمة الإيرادات العامة المتوقعة بحسب مشروع الموازنة الجديدة، نحو 10.3 مليارات دينار (14.507 مليار دولار)، بارتفاع مقداره 8.9 بالمئة عن عام 2023.

2