جرعة تصعيد جديدة من الجزائر ضد إسبانيا بحظر التجارة

قرار الجزائر حظر عمليات التصدير والاستيراد مع إسبانيا يأتي بعد ساعات على إعلان تجميد معاهدة الصداقة، عقب تغيير الموقف الإسباني من نزاع الصحراء، وذلك في إطار مواصلة الضغط الجزائري على مدريد.
الخميس 2022/06/09
التقارب المغربي - الإسباني يثير حفيظة الجزائر وغضبها

الجزائر - تواصل الجزائر سياسة التصعيد ضد إسبانيا على خلفية مواقفها المؤيدة للمغرب في ما يتعلق بالحكم الذاتي للصحراء المغربية.
وقررت الجزائر تجميد عمليات التصدير والاستيراد مع إسبانيا ابتداء من الخميس، وذلك بعد ساعات على إعلان تجميد معاهدة الصداقة مع مدريد، عقب تغيير موقفها من نزاع الصحراء، وذلك في إطار مواصلة الضغط على مدريد.
وحسب قرار أرسلته جمعية البنوك (حكومية) لمسؤولي المؤسسات المالية في البلاد، فإنه "تقرر تجميد عمليات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا.. ووقف أي عملية توطين بنكي لإجراء عمليات تجارية مع إسبانيا".
وحسب المصدر نفسه، فإن القرار سيكون ساري المفعول ابتداء من الخميس التاسع من يونيو.
وحسب إحصاءات رسمية لعام 2021، بلغت صادرات إسبانيا إلى الجزائر 2.107 مليار دولار، والواردات 2.762 مليار دولار.
وتعليقا على القرار الجزائري صرّح وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس للصحافيين الخميس بأن الحكومة الإسبانية "ستدافع بقوة" عن مصالحها الوطنية، في ضوء قرار الجزائر إلغاء معاهدة صداقة وتعاون منذ 20 عاما.
وقال ألباريس للصحافيين "نحن نحلل نطاق وعواقب ذلك الإجراء على الصعيدين الوطني والأوروبي بطريقة هادئة وبناءة، ولكن أيضا بحزم في الدفاع عن إسبانيا ومصالح المواطنين الإسبان والشركات الإسبانية"، وأضاف أن إسبانيا تراقب تدفقات الغاز من الجزائر، أكبر مورد لها، والتي لم تتأثر في الوقت الحالي بالخلاف الدبلوماسي بين البلدين.
وعلّقت الجزائر معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها مع إسبانيا قبل 20 عاما، وألزمت الجانبين بالتعاون في السيطرة على تدفقات الهجرة.
وأوردت الخبر وسائل الإعلام الحكومية الجزائرية دون إبداء أي أسباب، لكن الجزائر سحبت في مارس الماضي سفيرها إلى إسبانيا للتشاور بسبب الخلاف المتعلق بالصحراء المغربية.
وأكدت مصادر دبلوماسية إسبانية قرار الجزائر، قائلة إن حكومة مدريد تأسف للقرار وتؤكد التزامها بمضمون ومبادئ المعاهدة.
ودعت المعاهدة المبرمة في عام 2002 الجانبين إلى "تعميق تعاونهما في السيطرة على تدفقات الهجرة ومكافحة الاتجار بالبشر"، بحسب النص المسجل في الجريدة الرسمية الإسبانية.
ووصل 113 مهاجرا غير شرعي الأربعاء إلى جزر البليار الإسبانية، وهو طريق تقول السلطات الإسبانية إن القوارب القادمة من الجزائر تميل إلى استخدامه.
وزادت تدفقات المهاجرين بشكل حاد عبر البحر المتوسط هذا العام، بعد أن أثر وباء كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا على الاقتصاد العالمي.
وغضبت الجزائر عندما قالت إسبانيا في مارس الماضي إنها تدعم خطة المغرب التي تمنح الحكم الذاتي للمستعمرة الإسبانية السابقة. وتدعم الجزائر جبهة بوليساريو التي تسعى إلى الاستقلال الكامل للإقليم، الذي يعتبره المغرب جزءا من أراضيه ويسيطر عليه في الغالب.
وقال مسؤول جزائري سابق إن الجزائر تعتقد أن الحكومة الإسبانية قررت عدم الحفاظ على العلاقات الجيدة مع الجزائر، فيما يبدو أنه توجه للتصعيد وتحميل مدريد مسؤوليته.
ويظهر جليا أن الجزائر باتت أكثر عزلة بسبب مواقفها، حيث دخلت في خلافات مع العديد من دول المنطقة سواء فرنسا أو إسبانيا أو المغرب، ناهيك عن الغضب في الداخل التونسي بسبب تصريح للرئيس عبدالمجيد تبون من إيطاليا تدخل عبره في الشأن السياسي التونسي، بالحديث عن مأزق في تونس والمطالبة بعودة الديمقراطية.
والجزائر مورد رئيسي للغاز لإسبانيا. وقال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في وقت سابق إنه لن يفسخ عقد التوريد بسبب هذا الخلاف.
وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إنه لا يوجد مؤشر على حدوث تغيير. وقالت وزيرة الطاقة الإسبانية تيريزا ريبيرا إن موقف الجزائر المتعلق بإمدادات الغاز نموذج يحتذى به.
وقال مصدر مطلع إن من المتوقع أن تراجع الجزائر أسعار أي عقد جديد للغاز مع شركات إسبانية. وأضاف المصدر نفسه، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن العقد الحالي طويل الأجل والأسعار أقل بكثير من المستوى السوقي الحالي.
ومنذ تجدد الصراع حول الصحراء المغربية مرة أخرى في عام 2020، بعد ما يقرب من ثلاثة عقود من وقف إطلاق النار، تدهورت العلاقات بين الجزائر والمغرب بشكل حاد.
وأنهى التحول في موقف مدريد إزاء الصراع في الصحراء المغربية، ليصبح أكثر قربا من الموقف المغربي، خلافا بين مدريد والرباط العام الماضي حول الإقليم المتنازع عليه وقضية الهجرة.