جراخ عراقي يصون مهنة أجداده في ورشة عمرها قرن

النرجيلة تمثل بالنسبة إلى البعض عادة يومية وتمثل للبعض الآخر متعة عرضية، لكن لها على أي حال جذور متعمقة في الثقافة العراقية.
الخميس 2021/06/17
صناعة النرجيلة الخشبية مهنة محفوظة في كربلاء

تنقل ورشة رابضة في مدينة كربلاء منذ نحو قرن ونصف القرن أسرار صناعة النرجيلة الخشبية من جيل إلى جيل، ورغم تزايد استيراد النراجيل بأصنافها المتنوعة من الخارج، فإن صاحب الورشة يحاول حفظ إرث أجداده وتعليمه للشباب من عائلته.

كربلاء (العراق) – يحافظ علي الجراخ في ورشته التي تعاقبت عليها أجيال من عائلته منذ نحو قرن ونصف القرن، على مهنة صنع النرجيلة (الشيشة) في مدينة كربلاء العراقية.

ويعتبر تدخين النرجيلة وسيلة رائجة للتسلية وتمضية الوقت وعادة يحرص عليها الكثيرون عندما يتجمعون في المقاهي ويمضون الساعات الطويلة يدخنون ويتسامرون.

وتمثل النرجيلة بالنسبة إلى البعض عادة يومية وتمثل للبعض الآخر متعة عرضية، لكن لها على أي حال جذور متعمقة في الثقافة العراقية. ورغم تزايد استيراد النرجيلة من الخارج تنقل ورشة علي أسرار صناعتها من جيل إلى آخر.

وتعاقبت أجيال من عائلة الجراخ على نحت النرجيلة من الخشب، ويقول إنها تقدم تجربة تدخين أفضل من نظيرتها المستوردة المصنوعة من المعدن والزجاج لأن خشب الصفصاف المستخدم في صناعتها يتشرّب برائحة التبغ ولأن الدخان يقل حرارة مع الخشب.

ويستخدم الجراخ الآن الأدوات الكهربائية لنحت الشيشة التي تعلم تصاميمها المتنوعة من الأجيال السابقة من الحرفيين.

وكان العمال عندما افتتحت الورشة قبل حوالي قرن وربع القرن من الزمان، يصونون النراجيل ويشكلونها يدويا دون الاستعانة بالكهرباء.

ويطلق على الحرفي الذي يقوم بصناعتها اسم “الجراخ”. وأوضح علي أنه ورث المهنة عن جده ووالده، ويحرص في الوقت الحالي على تعليمها لأبناء أخيه، فهي مهنة تنتقل بينهم من جيل إلى آخر.

ويجتهد العمال الصغار في تعلم المهنة والتشرب بكل أسرارها حتى لا يخبو ألقها وينطفئ بريقها أمام إغراق الأسواق والمقاهي بالنراجيل الزجاج والنحاس المستوردة.

Thumbnail

وأشار علي إلى أن “عمر الورشة يفوق القرن ونصف القرن تقريبا، عندما كانت تعتمد قبل وصول الكهرباء، على الأدوات اليدوية لصنع هيكل النرجيلة أي القطعة الوسطية المسماة محليا بـ’البكار”.

ويشكّل البكار صلة الوصل بين رأس النرجيلة المصنوع من الطين والقاعدة الزجاجية، حيث توضع المياه ويجري وصل الخرطوم لسحب التبغ.

وتضم الورشة التي ورثها علي نراجيل من صنع جده مزيّنة بنقوش كربلائية وأخرى إسلامية، وتتراوح أحجامها من 30 إلى 60 سنتا، لكنها غير معروضة للبيع، وإنما تقبع شاهدا على عراقة المكان والمهنة.

ويحاول علي السير على خطى جده فيحفر الخشب في ورشته الممتلئة بالنثارة، لصنع تصاميم تروق لزبائنه وتحمل في الآن نفسه بصمة توثق لتأصل النرجيلة الخشبية في الفلكلور العراقي.

ويشتهر أهل مدينة كربلاء الواقعة على بعد 120 كلم من العاصمة العراقية، بصناعة النراجيل يدويا من خشب الصفصاف المنتشر في الغابات المحيطة بنهر الفرات.

وأكد علي أن “إتقان أهل الكار لصناعتهم دفعهم إلى بيع ما ينتجونه مع ضمان يخول للمشتري إرجاعها في حل وجد بها أي عطب، على عكس بقية النراجيل”.

وعلى الرغم من تفضيل جل أصحاب المقاهي لاقتناء النرجيلة المصنوعة من خشب الصفصاف لاعتقادهم الراسخ أنه يحافظ على نكهة المعسل بمختلف أنواعه، مقارنة بالنراجيل المصنوعة من النحاس أو الزجاج والتي لا تعطي إلا دخانا، فإن أسعارها تراجعت لفائدة بقية الأنواع الأخرى المستوردة.

وقال مقتدى ثامر وهو صاحب متجر لبيع النرجيلة، إن سعر الأنواع الخشبية تراجع بسبب الأشكال والأنواع المستوردة من الخارج.

وأوضح أن “الخشب الكربلائي تراجعت قيمته في السوق وسجل هبوطا في أسعاره لفائدة النراجيل المصنوعة في ألمانيا وعدة أنواع أخرى بدأت تظهر تبعا في الأسواق وتلقى رواجا كبيرا”.

ويرى زبون يدعى سيف أحمد أن الفرق بين النرجيلة الخشبية والمعدنية يكمن في أن الأولى مناسبة جدا لاسيما صيفا لأنها تحتفظ بالبرودة، في حين أن الثانية المستوردة تحتفظ بالحرارة ولا تصلح إلا شتاء.

Thumbnail
Thumbnail
24