جدية الدعم السريع في تنفيذ اتفاق جدة يقابله تجاهل الجيش

مستشار قائد قوات الدعم السريع يؤكد استعداد حميدتي لوقف إطلاق النار والأعمال القتالية لإجلاء المدنيين وإفساح المجال لجهود الإغاثة الإنسانية على يرد البرهان بالمثل.
الخميس 2023/05/18
الجيش يستمر في القصف الجوي لدرء هزائمه

الخرطوم – رد قائد الجيش السوداني الفريق الأول عبدالفتاح البرهان اليوم الخميس على دعوة قائد قوات الدعم السريع الفريق الأول محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" إلى وقف إطلاق النار لإجلاء المدنيين وإفساح المجال لجهود الإغاثة الإنسانية، بشن هجمات مكثفة بالطيران الحربي والمدفعية، في مؤشر على أن الجيش مستمر في تجاهل كل دعوات التهدئة ولا هم له سوى تحقيق مكاسب على الأرض يدرأ بها هزائمه المتتالية، لكنه كثيرا ما يخطئ الأهداف ويوجه آلته الحربية ضد المدنيين والمناطق السكنية وحتى المؤسسات الاستشفائية.

وقال شهود إن ضربات جوية مكثفة استهدفت مناطق بجنوب العاصمة السودانية اليوم الخميس تزامنا مع اندلاع اشتباكات بالقرب من معسكر للجيش في إطار الصراع الذي تسبب في نزوح نحو مليون شخص وترك سكان الخرطوم يكافحون من أجل النجاة بحياتهم..

وأضاف الشهود أنهم سمعوا دوي الضربات الجوية التي شنها الجيش على قوات الدعم السريع شبه العسكرية في عدة أحياء سكنية في جنوب الخرطوم، بما في ذلك بالقرب من معسكر طيبة، بينما كانت قوة احتياطية تابعة للشرطة متحالفة مع الجيش تقاتل قوات الدعم السريع على الأرض.

وأظهر مقطع فيديو نشرته قوات الدعم السريع عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر آثار قصف طيران الجيش على مستشفى شرق النيل والأضرار التي لحقت بالمرضى.

ويعتمد الجيش بشكل أساسي على القوة الجوية والمدفعية الثقيلة في محاولة لمنع تقدم قوات الدعم السريع التي انتشرت في مناطق واسعة من الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان اللتين يفصلهما نهر النيل عن العاصمة بعد اندلاع القتال في 15 أبريل.

وقال صلاح الدين عثمان (35 عاما)، وهو من سكان الخرطوم، "القصف والاشتباكات لا تتوقف ولا مجال حتي للهرب من المنازل، انتهي كل ما نملك من نقود ولم تُصرف المرتبات الشهرية.

وأضاف "ونخاف حتى لو تركنا منازلنا تأتي عصابات لتنهب كل ما في البيت.. نحن نعيش كابوس الخوف والفقر ولا توجد كهرباء ولا حكومة تهتم بنا".

ويأتي هذا القصف المكثف الروتيني لمقاتلات الجيش ردا على تصريحات أدلى بها يوسف عزت مستشار قائد قوات الدعم السريع، الأربعاء، أكد فيها استعداد قائد القوات حميدتي وقف إطلاق النار والأعمال القتالية، في السودان شريطة التزام الجيش بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه بمدينة جدة السعودية في 11 مايو الجاري.

وقال عزت خلال مؤتمر صحافي عقب استقباله من طرف رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت في جوبا، "اتفقنا على وقف إطلاق النار لإنهاء الصراع الذي استمر حتى الآن شهرا ويومين، ونحن في قوات الدعم السريع، علينا أن نلعب دورا في تنفيذ وقف إطلاق النار الموقع وبدء العملية السياسية". وفق وكالة "شينخوا" الصينية.

ونفى الاتهامات بأن قوات الدعم السريع تستخدم المدنيين كدروع بشرية في القتال العنيف المستمر مع الجيش السوداني منذ 15 أبريل، مضيفًا أن قوات الدعم السريع تحمي السفارات الأجنبية وتساعد المدنيين الخارجين من الخرطوم.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع شكلت قوة "لحماية المدنيين وممتلكاتهم للحد من عمليات السلب والنهب التي تشهدها أحياء وأسواق الخرطوم".

ونشرت قوات الدعم السريع  عبر صفحاتها الرسمية على فيسبو وتويتر مقطع فيديو للقبض على من سمتهم المتفلتين بمدنية بحري شمال الخرطوم.

ودعا عزت قائد الجيش السوداني إلى احترام وقف إطلاق النار الذي بدأه الطرفان مؤخرا بوساطة من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.

وأضاف "هذا سيتيح فتح الممرات الإنسانية في العاصمة الخرطوم والمناطق الأخرى".

ويرى مراقبون أن تصريحات مستشار حميدتي تثبت جدية قوات الدعم السريع في تنفيذ الاتفاق لإجلاء المدنيين وفسح المجال أمام الجهود الإنسانية، في المقابل لم يبرهن البرهان على جديته في إنهاء القتال بل استمر في تأزيم الوضع الإنساني من خلال القصف المكثف بالطيران الحربي.

ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن عدم توقف الجيش عن القتال وخرقه المستمر للهدن مرده عجزه عن تحقيق أي مكاسب ميدانية، وبالتالي فهو لا يمتلك من خيارات سوى الاستمرار بالقصف الجوي ليحدث بذلك أكبر الخسائر في صفوف المدنيين حيث قُتل حوالي ألف شخص معظمهم في الخرطوم ومحيطها وفي ولاية غرب دارفور، بحسب مصادر طبية.

ويعتمد الجيش بشكل أساسي على القوة الجوية والمدفعية الثقيلة في محاولة لمنع تقدم قوات الدعم السريع التي انتشرت في مناطق واسعة من الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان اللتين يفصلهما نهر النيل عن العاصمة بعد اندلاع القتال في 15 أبريل.

وعمد الجيش أكثر من مرة إلى خرق الهدنة وحاول شن هجوم على قوات الدعم السريع لاجبارها على الانسحاب من مواقعها القريبة من وسط الخرطوم، مما أجبر قوات حميدتي على الرد على تلك الاستهدافات.

ورحبت قوات الدعم السريع بجهود الوساطة التي تبذلها دولة جنوب السودان المجاورة لإنهاء القتال المستمر منذ شهر مع القوات المسلحة السودانية.

وأضاف عزت خلال المؤتمر "نرحب بجنوب السودان، ونعلم أن الرئيس سلفاكير لديه فهم أكبر للأزمة في السودان بشكل عام، وله دور يلعبه لوقف الحرب. ونرحب بمساهمة جنوب السودان في وقف القتال وتحقيق السلام في السودان".

من جانبه، قال دينغ داو دينغ، وزير الخارجية والتعاون الدولي بالوكالة في جنوب السودان، الأربعاء، إن كير دعا الطرفين إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

وأضاف أن جيران السودان مثل جنوب السودان ومصر وتشاد وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وإريتريا وليبيا يكافحون حاليا مع التدفق الهائل للاجئين عبر حدودهم.

وأوضح أن رئيس جنوب السودان يتواصل مع البرهان، ويبحث من طرفي النزاع فتح ممرات إنسانية خاصة في الخرطوم.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل الماضي، اشتباكات عنيفة بين الجيش بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، شملت العاصمة الخرطوم وعدة مدن شمالي وغربي البلاد، وأوقعت العديد من القتلى والجرحى، وتسببت بأزمة إنسانية حادة.

ووفقا لأحدث التقديرات، نزح أكثر من 840 ألف شخص داخل السودان وفر ما يربو على 220 ألفا إلى دول الجوار.

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه يعكف على تكثيف عملياته في ست ولايات على الأقل في السودان لمساعدة 4.9 مليون شخص معرضين للخطر، فضلا عن مساعدة أولئك الذين يفرون إلى تشاد ومصر وجنوب السودان.

على الرغم من توقيع الفصيلين المتحاربين في جدة على إعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة وضمان الإجلاء الآمن للمدنيين، إلا أن القتال العنيف وكذلك القصف الجوي والمدفعي مستمر في العاصمة السودانية الخرطوم.

وطالب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان طرفي النزاع في السودان إلى ضرورة الحوار بشكلٍ جاد مشيرا الى أهمية بذل كافة الجهود لترسيخ اتفاق إعلان جدة وعدم خرقه.

وأفادت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها عبر تويتر الأربعاء، بأن الأمير فيصل بن فرحان وخلال اجتماع عقدته مجموعة الاتصال العربية الوزارية المعنية بتطورات الوضع في السودان، حث "طرفي النزاع في السودان على الحوار بشكلٍ جاد، مما يسهم في تخفيض معاناة الشعب السوداني الشقيق وضمان سلامة ووحدة أراضيه".

وبحسب الوزارة، فإن الاجتماع الذي شارك فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط استعرض أهم ما تضمنه إعلان جدة، ومنه الالتزام بحماية المدنيين في السودان".

وأشارت الخارجية السعودية إلى أن الاجتماع بحث أيضا "مواصلة مجموعة الاتصال العربية الوزارية جهودها ومساعيها الحميدة مع جميع الأطراف السودانية، لتغليب صوت الحكمة وإعلاء المصالح العليا للسودان، والتوصل إلى حلول تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني نحو الأمن والاستقرار والتنمية".

كانت وزارة الخارجية المصرية ذكرت في بيان لها في وقت سابق الاربعاء أن مجموعة الاتصال التي تضم مصر والسعودية والأمين العام للجامعة العربية أكدت خلال الاجتماع الذي عقد في جدة على أهمية التوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار في السودان.