جدل في العراق حول قانون التجنيد الإلزامي قبيل مناقشته في البرلمان

التشريع اعتبره عضو في لجنة الأمن البرلمانية ضروريا لوجود مخاطر تتعلق بالإرهاب، بينما رآه مدونون يفتح بابا جديدا للفساد.
الأحد 2022/11/06
وزارة الدفاع العراقية مستعدة لاستيعاب الشباب المجند في حال إقرار المشروع

بغداد – أثار مشروع قانون إعادة الخدمة العسكرية الإلزامية في العراق، الذي من المقرر مناقشته الأحد في البرلمان كقراءة أولى، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية، فبينما أكد عضو في لجنة الأمن البرلمانية ضرورة هذا التشريع لوجود مخاطر تتعلق بالإرهاب في البلاد، اعتبره مدونون بابا جديدا للفساد.

ومن المقرر أن يعقد البرلمان العراقي الأحد جلسة اعتيادية، أدرج ضمن جدول أعمالها القراءة الأولى لقانون الخدمة الإلزامية، أو ما يعرف بقانون خدمة العلم التي توقف العمل بها منذ عشرين عاما.

وطُرح نصّ القانون أول مرة في العام 2021 خلال ولاية الحكومة السابقة. لكن مذاك أصبحت للعراق حكومة جديدة برئاسة محمد شياع السوداني، وغالبية برلمانية جديدة يقودها الإطار التنسيقي، وهو تحالف أحزاب سياسية شيعية موالية لإيران.

وليس واضحا بعد ما إذا كان مشروع قانون "خدمة العلم" سوف يحظى بتأييد غالبية النواب.

وبدأت الخدمة العسكرية الإلزامية في العراق في العام 1935 في الحقبة الملكية، ثمّ توقف العمل بها في العام 2003، أي بعد سقوط نظام صدام حسين إثر الغزو الأميركي. مذّاك، مرّ العراق بحرب طائفية (2006 - 2008)، واحتل تنظيم الدولة الإسلامية جزءا من أراضيه (2014 - 2017).

وفي حين أعلن العراق انتصاره على الجهاديين منذ نحو خمس سنوات، إلّا أن عناصر تنظيم الدولة الإسلامية ما زالت تحتفظ بخلايا في مناطق نائية وتشن من وقت إلى آخر هجمات ضدّ الجيش والحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة باتت منضوية في الأجهزة الرسمية.

ورأى النائب سكفان سندي، العضو في لجنة الدفاع النيابية، في حديث لوكالة الأنباء العراقية أن "تشريع قانون 'الخدمة الإلزامية' ضروري لوجود مخاطر تتعلق بالإرهاب في البلاد".

ويرغم القانون، في حال إقراره، كلّ عراقي شاب يتراوح عمره بين 18 و35 عاما، على أن يلتحق بالتجنيد الإلزامي لمدّة أقصاها 18 شهرا، وأدناها 3 أشهر، بحسب التحصيل العلمي للشخص المعني، كما أوضح النائب في لجنة الأمن والدفاع ياسر إسكندر وتوت.

وقال وتوت إن "تطبيق مشروع قانون خدمة العلم 'التجنيد الإلزامي' سيتم بعد تشريعه وبعد سنتين على نشره بجريدة الوقائع العراقية"، مضيفا أن المنضمين إلى الخدمة يحصلون على راتب شهري يتراوح بين 600 و700 ألف دينار (نحو 480 دولارا).

في المقابل، يعفى منه بعض الأشخاص، وفق شروط معينة، لاسيما الابن الوحيد للعائلة أو المعيل الوحيد لها.

وأكد المتحدث باسم رئيس الوزراء اللواء يحيى رسول أن "وزارة الدفاع هي التي بادرت برفع القانون إلى مجلس الوزراء والتصديق عليه، ومن ثم رفعه إلى البرلمان لإقراره".

وأوضح في حديث لصحيفة الصباح الرسمية الأحد، "نمتلك البنى التحتية، وقادرون على استيعاب الشباب العراقي في حال التصويت على القانون، كذلك هناك خطط استيعابية، حيث نمتلك مراكز تدريب وكليات عسكرية ومراكز تطوع، فضلا عن الكليات والمعاهد العسكرية"، مشيرا إلى أن "وزارة الدفاع مهيّأة جيدا للقانون في حال إقراره".

وما إن طُرح القانون، حتى خرجت العديد من الانتقادات ضدّه حتى من قبل نواب.

واعتبر النائب الإيزيدي صائب خدر أن "عسكرة المجتمع لن تخلق محبة للوطن".

وفي بلد يعاني أربعة شباب فيه من أصل عشرة من البطالة، رأى وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب في تغريدة أن الأجدى، بدل إقرار قانون الخدمة الإلزامية، "توفير مراكز التدريب المهني للشباب وجعلها ملزمة، ليكتسبوا مهارات تعينهم في تطوير كفاءاتهم، وزجهم في مشاريع إعادة إعمار العراق".

وفي المقابل، يعتبر النائب عن تحالف تقدم السني فهد مشعان تركي أن "خدمة العلم... ستمكننا من القضاء على البطالة، وستجعل الشاب يشعر بالولاء للوطن".

وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، أثار ناشطون ومدونون جدلا بشأن القانون، وقال الإعلامي صالح الحمداني عبر حسابه على تويتر "لو يصرفون فلوس التجنيد الإلزامي على المدارس، سيخرج جيل أفضل من اللي راح يخرج من جوه أيد العرفاء (الجنود الذين يقومون بمهام التدريب)!"، مستدركا "ما دام هناك مشرعون يفكرون بعقود إطعام الجيش أكثر مما يفكرون بمصلحة البلد، فسينتصر معسكر التدريب على المدرسة".

وأكد الخبير بالشأن السياسي عبدالجبار أحمد أن "الهوية الوطنية التي تريدونها عبر 'خدمة العلم' لن تتحقق، لأنكم أصلا ضربتم المواطنة والهوية الوطنية بسلاح المحاصصة، ومن يريد الهوية الوطنية فطريقها واضح، اعدلوا في توزيع الثروات، وامنحوا فرص العمل، وافتحوا المنتديات للشباب، وتنازلوا عن مسمياتكم الفرعية، عندها تتحقق الهوية الوطنية".