جدعون ساعر الحالم بإنزال نتنياهو من عرش السلطة في إسرائيل

تل أبيب - أحدث انشقاق جدعون ساعر الوزير الإسرائيلي الأسبق عن حزب الليكود وتشكيله حزبا جديدا، رجة في الأوساط السياسية الإسرائيلية لاسيما وأن الرجل ومنذ تمرده بات يتصدر نوايا التصويت.
ويثير صعود ساعر مخاوف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الحالي وصاحب أطول مدة في الحكم في إسرائيل، والذي يطمح لولاية جديدة من خلال الفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في مارس المقبل.
ولد ساعر البالغ من العمر 53 عاما في تل أبيب، من أب طبيب أطفال، في عائلة تعود أصولها إلى بخارى في أوزبكستان، وسمي جدعون موشي سيرشينسكي، وهو متزوج من مذيعة الأخبار التلفزيونية الإسرائيلية جيولا إيف، ولديه طفلان صغيران منها، كما لديهما أطفال من زيجات سابقة.
والتحق ساعر بحركة "هتحيا"، التي تحولت فيما بعد إلى حزب الليكود، عندما كان عمره 15 عاما وكان ناشطا وقياديا شبابيا، ثم انتخب عضوا في الكنيست عام 2003، حيث تفوق في الانتخابات التمهيدية لليكود في عامي 2009 و2013، متقدما على قائمة المرشحين في كل مرة كزعيم للحزب، ولم يكن نتنياهو مدرجا للتنافس معهم.
وبعد أن عمل كمحام وصحافي ومساعد للمستشار القضائي للدولة بين 1997 و1998، شغل منصب سكرتير مجلس الوزراء في الأشهر القليلة الأخيرة من أول حكومة لنتنياهو عام 1999.
واستقال من منصب وزير الداخلية عام 2014 ليتفرّغ لعائلته ثم عاد إلى الحياة السياسية عام 2017، وانتُخب في المكان الرابع ضمن قائمة مرشحي الليكود سنة 2019.
ويُنظر إلى ساعر على نطاق واسع على أنه أيديولوجيا على يمين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة، لكن بنهج موحد بخلاف نتنياهو المسبب للانقسام.
وفي مسار ترشحه لمنافسة زعيم حزب الليكود على رئاسة الحزب، حرص الوزير الإسرائيلي السابق على إظهار نفسه بمظهر القيادة الشابة القادرة على إبعاد قيادة نتنياهو المعمرة التي تربعت على رأس الحزب والحكومة الإسرائيلية لسنوات طويلة.
وفي الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، لن تكون المرة الأولى التي يقف فيها ساعر وجها لوجه أمام نتنياهو، ففي أواخر العام الماضي، وقف ساعر ندا لنتنياهو في انتخابات داخلية لحزب الليكود، لكن الأخير تمكن من هزمه بسهولة بفوزه بنحو 71.5 في المئة من الأصوات مقابل 28.5 في المئة.
وكتب ساعر تغريدة مهنئا منافسه قائلا "أهنئ رئيس الوزراء بالفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب. سنقف أنا وزملائي في الحزب خلفه في الحملة الانتخابية لخوض الانتخابات العامة وتحقيق الفوز".
ولئن لم يجد الوزير الإسرائيلي السابق لنفسه موطئ قدم لمزاحمة نتنياهو في المشهد الداخلي لحزب الليكود، فإنه على ما يبدو قد يجده من قبل الناخبين الإسرائيليين، إذ يتمتع بدعم ناخبي الوسط وحتى اليسار اليهودي، حيث أصبح نتنياهو منبوذا، كما أن نصف ناخبي زعيم حزب "أمل جديد" على الأقل دعموا في السابق حزب "أزرق - أبيض" أو أحزاب اليسار الوسط.
إضافة إلى ذلك، فهو يعيش في تل أبيب، معقل يسار الوسط منذ فترة طويلة، بينما يعيش نتنياهو في القدس ذات الاتجاه اليميني. ولدى ساعر علاقات ممتازة مع صحافيين من المستويات العليا، في حين أن علاقات رئيس الوزراء الإسرائيلي مع وسائل الإعلام كانت دائما شائكة.
ويحرص ساعر على المحافظة على كرامة المؤسسات الحكومية منتقدا هجمات نتنياهو على القضاء أو ما يطلق عليه "الدولة العميقة" على طريقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتبقى لهجة ساعر حتى عند مهاجمته اليسار، أكثر اعتدالا بكثير من تحريض نتنياهو الذي كان يصف المتظاهرين في القدس بـ"ناشري الأمراض"، ويحذر المواطنين الفلسطينيين من "إغراق صناديق الاقتراع بالحافلات"، فيمثل ساعر نوعا من العودة إلى الحياة الطبيعية.
وكشف استطلاع جديد للرأي في إسرائيل أنه في حال أجريت الانتخابات اليوم، فسوف يتمكن حزب ساعر لأول مرة من تشكيل حكومة دون الحاجة إلى الليكود أو الأحزاب الدينية (الحريديم).
ويستمر الليكود كأكبر حزب في إسرائيل بحصوله على 28 مقعدا (من أصل 120 بالكنيست)، بحسب الاستطلاع الذي أجراه معهد "كنتر"، لصالح قناة "كان" ونشرته الأربعاء.
وحصل حزب "أمل جديد" الذي شكله ساعر مؤخرا على 18 مقعدا، بينما حصل حزب "يمينا" برئاسة نفتالي بينت على 14 مقعدا، وتحالف "هناك مستقبل - تيلم" بزعامة يائير لابيد على 13 مقعدا.
وحسب الاستطلاع، الذي أجري على عينة 563 إسرائيليا في عمر 18 عاما فما فوق، حصلت القائمة المشتركة (تحالف 4 أحزاب عربية) على 11 مقعدا، بينما حصل حزب "الإسرائيليون" الذي أعلن رئيس بلدية تل أبيب - يافا رون حولداي تأسيسه الثلاثاء على 8 مقاعد، فيما حصل الحزبان الدينيان المتحالفان مع نتنياهو "شاس" و"يهدوت هتوراه" على 8 و7 مقاعد على التوالي لكل منهما، وحصل حزب "ميرتس" اليساري على 4 مقاعد.
أما حزب "أزرق - أبيض" الذي يترأسه وزير الدفاع بيني غانتس، ويواجه تفككا متزايدا، فقد وصل إلى 4 مقاعد فقط، بينما حصل حزب "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان على 5 مقاعد، حسب الاستطلاع الذي أجري بهامش خطأ 4.4 في المئة.
ولم تتجاوز بقية الأحزاب الإسرائيلية، حسب الاستطلاع، نسبة الحسم، والتي تقضي بضرورة حصول أي قائمة انتخابية على نسبة 3.25 في المئة، من أصوات الناخبين كي تدخل إلى الكنيست.
ولتشكيل حكومة في إسرائيل يتطلب الحصول على 61 مقعدا من أصل 120 بالكنيست. وحسب الاستطلاع، يمكن لساعر تشكيل ائتلاف مكون من 62 مقعدا، مع بينت ولابيد وليبرمان وحولداي وغانتس.
وفي 22 ديسمبر الجاري، حل الكنيست نفسه تلقائيا، بعد انقضاء مهلة أخيرة لتمرير الميزانية، لتذهب إسرائيل بذلك إلى انتخابات مبكرة جديدة في مارس المقبل، ستكون الرابعة خلال أقل من عامين، ضمن أزمة سياسية غير مسبوقة.
ولم يتمكن الكنيست (البرلمان) من تمرير ميزانية بسبب خلافات بين نتنياهو وغانتس، إذ أرادها الأول لعام واحد، فيما أصر الأخير على ميزانية لعامين.