جثث متفحّمة لمهاجرين أفارقة تسلط الضوء على فظاعة شبكات تهريب البشر في ليبيا

طرابلس - سلطت جريمة القتل البشعة التي راح ضحيتها مهاجرون أفارقة في مدينة صبراتة (70 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس) الضوء مجددا على شبكات تهريب البشر المنتشرة في ليبيا، والتي ترتبط بشكل وثيق بقادة مجموعات مسلحة.
وهزت الجريمة الرأي العام الدولي الذي تداعى مطالبا بضرورة محاسبة الجناة، ووضع حد لهذه الشبكات التي استغلت حالة اللااستقرار في ليبيا، ونفوذ بعض الجماعات لتعزيز نشاطها في تهريب المهاجرين باتجاه إيطاليا.
وتمّ العثور على 15 جثة لمهاجرين بعضها متفحّم الجمعة على ساحل صبراتة، التي تشكل نقطة انطلاق مهمّة للآلاف من الأشخاص الذين يسعون للوصول إلى السواحل الإيطالية كلّ عام.
العثور على 11 جثة متفحمة داخل قارب راس في سواحل صبراتة وعلى أربع جثث أخرى عليها آثار جروح خارجه
وأدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الجريمة التي وصفتها بـ”الشنيعة”. وقالت البعثة في بيان “تمّ العثور على 11 جثة متفحّمة داخل قارب راسٍ وعُثر على أربع جثث أخرى عليها آثار جروح خارجه”.
وأضافت “على الرغم من أنّ الظروف لم تُحدد بعد، يُعتقد أنّ عمليات القتل نتجت عن اشتباكات مسلّحة بين متاجرين بالبشر متنافسين”، داعية السلطات إلى “ضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل لتقديم الجناة إلى العدالة”.
وشجبت البعثة هذه المأساة التي “تذكّر بشكل وحشي بنقص الحماية الذي يواجهه المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، فضلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق التي ترتكبها شبكات قوية من المتاجرين والمجرمين”.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فقد لقي هؤلاء المهاجرون حتفهم بطلقات نارية بعد مشادّة بين المهرّبين. وذكرت المصادر نفسها أنّ إحدى مجموعات التهريب المتورّطة في النزاع أشعلت النار في الزورق الجمعة.
وشهدت عمليات تهريب المهاجرين نسقا تصاعديا في الأشهر الأخيرة، بعد أن تراجعت نسبيا خلال العامين الماضيين.
وهناك منافسة شرسة بين المجموعات المهربة التي ينشط معظمها في مدن الغرب الليبي على استقطاب المهاجرين بالنظر إلى الأموال الطائلة التي يجنونها من خلال هذا العمل، فضلا عن توفر البيئة الملائمة في غياب سلطة فعلية قادرة على فرض القانون.
وأدانت السفارة الأميركية في ليبيا حادثة قتل المهاجرين. ودعت في تغريدة على تويتر الأحد “السلطات الليبية إلى التحقيق بصورة عاجلة في هذا الهجوم المروع، ومحاكمة المجرمين الضالعين فيه وتكثيف الجهود لمكافحة تهريب البشر إلى أقصى حد”.
من جهتها طالبت المملكة المتحدة السلطات الليبية بضرورة العمل على تفكيك “الشبكات الإجرامية” التي تستغل المهاجرين وطالبي اللجوء في البلاد.
وغردت السفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هورندال عبر تويتر بعد مشاركة بيان بعثة الأمم المتحدة بشأن الحادث المأساوي، قائلة “تؤيد المملكة المتحدة هذا البيان تمامًا”.
وشددت السفيرة البريطانية على أنه “يجب التحقيق في هذا الحادث البغيض وتقديم الجناة إلى العدالة”.
وتتمركز شبكات تهريب المهاجرين ضمن نطاق سيطرة حكومة عبدالحميد الدبيبة المنتهية ولايتها، ويتشكك كثيرون في إمكانية أن تتحرك الأخيرة بشكل حازم لمواجهة هذه الشبكات بالنظر إلى علاقاتها مع قيادات فصائل مسلحة.
ويقول مراقبون إن حكومة الدبيبة التي تخوض صراعا مع حكومة أخرى يرأسها فتحي باشاغا والتي تتخذ من سرت شرق طرابلس مقرا لها، لا تريد إغضاب تلك الفصائل أو إثارتها، وبالتالي فإنه من غير المنتظر رؤية أي رد فعل، أو استجابة للمطالب الدولية.
وحوّلت الفوضى التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011 ليبيا إلى طريق مفضّل لعشرات الآلاف من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء والدول العربية وجنوب آسيا، الذين يتوقون للوصول إلى أوروبا عبر إيطاليا.
ويعدّ هؤلاء فريسة للمتاجرين عندما لا يقضون أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط المحفوف بالمخاطر، فيما تتعرّض ليبيا بانتظام لانتقاد المنظمات غير الحكومية بسبب سوء المعاملة التي تلحق بالمهاجرين.
ومنذ بداية العام، تمّ اعتراض 14157 مهاجرا وإعادتهم إلى ليبيا، وفقاً لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة نُشر الاثنين الماضي. وأشارت المنظمة إلى أنّ ما لا يقل عن 216 شخصاً لقوا مصرعهم أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط، كما فُقد 724 شخصاً يُرجح أنهم لقوا حتفهم.