جبران باسيل يواصل لعبة السذاجة: سلاح حزب الله ضمن سياسة الدولة من دون نزعه

جدد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هجومه على حليفه حزب الله، مهددا بفك التحالف معه وذهب إلى حد طرح أسئلة حول سلاح الحزب. إلا أن مراقبين يصنفون هذه التهديدات ضمن الحملة الانتخابية المبكرة التي يحاول فيها التيار انتزاع تعهدات تحصنه سياسيا حال تراجع كتلته النيابية في الانتخابات التشريعية المرتقبة.
بيروت – قالت أوساط سياسية لبنانية إن تصعيد التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل ضد حزب الله لا يعكس تصدعا حقيقيا بين الحلفاء وإنما مناورة انتخابية بهدف تحصيل مكاسب انتخابية.
وأكدت المصادر ذاتها أن رفض حزب الله تزكية باسيل رئيسا للجمهورية، خلفا لميشال عون الذي تنتهي ولايته في أكتوبر القادم، هو السبب الرئيسي وراء تكثيف التيار انتقاداته لحليفه الاستراتيجي.
وقال باسيل الخميس إن اتفاق “مار مخايل” بين تياره وجماعة حزب الله “فشل في بناء الدّولة”، داعيا إلى وضع سلاح الجماعة ضمن سياسة الدولة من دون أن يكون الهدف هو نزعه.
وأضاف أن “الخلاف واضح وكبير مع حزب الله في ما يخص الأمور الداخلية، وإن حُلّت فعلى أساسها يتحدد موضوع التحالفات الانتخابية”، مشددا على أنه ليس لديه حاليا “أي مخطط أو هدف” بشأن انتخابات الرئاسة.
باسيل يسعى للحصول على تعهد مسبق من حزب الله بتزكيته رئيسا للجمهورية حتى وإن تراجعت كتلة حزبه النيابية
واعتبر مراقبون أن التصريحات الصادرة عن باسيل بمثابة افتتاح رسمي للسباق الانتخابي، في مسعى من رئيس التيار الوطني الحر لتعزيز موقعه في الخارطة السياسية بعد انتخابات مايو القادم.
ويقول هؤلاء إنه خلال الانتخابات المقبلة، إذا فقد باسيل دعم حزب الله فسيخسر الكثير من كتلته النيابية، خصوصًا أن التحالف يملك أكبر كتلة نيابية بالانتخابات الماضية، وهو ما يعلمه باسيل جيدًا ويدفعه إلى تعزيز حظوظه ليس من أجل الانتخابات البرلمانية فقط وإنما أيضا من أجل الرئاسة التي يصبو إليها.
وتؤكد دوائر سياسية مقربة من التيار أن الحزب والرئيس عون تبلغا رسميا برفض حزب الله تزكية باسيل لرئاسة الجمهورية حتى لو تطلب الأمر الذهاب إلى فراغ رئاسي في نوفمبر القادم.
وبات معروفاً أن هوية رئيس الجمهورية المقبل تشغل حيزاً كبيراً من اهتمامات الرئيس عون، وذلك انطلاقاً من رغبته -التي لم تعد خافية على الوسط السياسي اللبناني، وحتى دوائر القرار الخارجي المعنية بلبنان، والتي تلعب تاريخياً دوراً تقليدياً في اختيار الرئيس اللبناني- في انتخاب وريثه السياسي، صهره باسيل، رئيسا.
وينفي باسيل نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، لكنه قال “طالما الرئيس ميشال عون في القصر الجمهوري لن أتناول هذه النقطة”.
وينظر حزب الله إلى باسيل على أنه عنصر توتر ولا يمكن الاعتماد عليه، فيما تشير دوائر مقربة من الحزب إلى أن إسم رئيس حزب تيار المردة سليمان فرنجية بات مطروحا بشدة لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء عهدة عون في أكتوبر القادم.
وكانت حركة أمل، حليفة التيار، قد دعمت تولي فرنجية رئاسة الجمهورية بدل عون خلال عهدته الأولى، إلا أن أجندة تحالف حزب الله فضلت عون على فرنجية في نهاية المطاف.
وعما إذا كانت حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرتفعة ليكون رئيس الجمهورية المقبل، قال باسيل إن “موضوع الرئاسة يشمل اعتبارات عدة، منها التمثيل الشّعبي بعد الانتخابات المقبلة، وموضوع الخيارات السياسية، كمعرفة الجهات التي ستدعمه، وتمكّنه من تشكيل أكثرية بالبرلمان، بالإضافة إلى برنامجه الانتخابي”.
وتمثل مواقف باسيل المتناقضة منذ تولي عون الرئاسة واندفاعه إلى مهاجمة الحلفاء قبل الخصوم في كل حين وفي كل أزمة تمر بها البلاد، عائقا أمام حصوله على دعم الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) لتوليه الرئاسة.
ويتوقف دعم المرشح الرئاسي المنتظر على نتائج الانتخابات النيابية، فعند تزكية حزب الله لعون كان الأخير رئيس أكبر كتلة نيابية.
ويتوقع مراقبون أن يخسر التيار الوطني الحر بقيادة باسيل في الانتخابات النيابية المزمع عقدها في الخامس عشر من مايو القادم عددا كبيرا من المقاعد بعد خسارة شعبيته في الشارع المسيحي لصالح حزب القوات اللبنانية وسمير جعجع.
وتدفع هذه المخاوف الحقيقية، وفق محللين، باسيل إلى تصعيد الضغوط على حزب الله أملا في الحصول على تعهد مسبق لخلافة عون حتى لو تراجعت كتلته النيابية في البرلمان القادم.
اللبنانيون يحمّلون عون وصهره جزءا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد
ويشير هؤلاء إلى أن حزب الله يريد التعامل ببراغماتية مع نتائج الانتخابات التشريعية القادمة التي من المتوقع أن يحافظ فيها على حجم كتلته النيابية بينما من غير المرجح أن يحافظ حليفه التيار على نفس وزنه الانتخابي.
وعززت تصريحات عون مؤخرا، التي تحدث فيها عن طموحات صهره باسيل لخلافته في رئاسة الجمهورية والتذكير باعتراض حركة أمل على ولايته الأولى، ما ذهبت إليه أوساط سياسية لبنانية من أن جوهر الخلاف بين الثنائي الشيعي حزب الله – حركة أمل والتيار يتمثل في رفض الثنائي دعم باسيل وتزكيته رئيسا للجمهورية، ما يدفع لبنان نحو فراغ رئاسي متوقع.
وقال عون “إذا كان باسيل طامحاً للرئاسة فيجب أن يكون كفؤا، ولكنهم يخافون منه لأنه تربيتي ولا يقايض”.
وتساءلت أوساط سياسية لبنانية هل أن مشكلة لبنان في تزكية باسيل أم في البحث عن حلول لأزماته المستفحلة التي إن تواصلت ستؤدي إلى تلاشيه؟
وقالت تلك الأوساط إن ورود تلميحات عون في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية حادة ارتفعت معها البطالة ودفعت اللبنانيين إلى حالة الفقر المدقع، تعكس انشغال رئيس الجمهورية بتحصين صهره بدل إنقاذ البلاد من أزمة كان جزءا منها.
ويحمّل اللبنانيون عون وصهره جزءا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، فيما تشارف عهدة عون على النهاية دون إنجازات تذكر.