جامعيون تونسيون مجهولون يحيون موجة العنصرية ضد المهاجرين الأفارقة

تعيد رسالة معنونة بـ"تونس يجب ألا تكون كبش فداء للتوترات في أفريقيا جنوب الصحراء"، وقعها صحافيون وجامعيون مجهولون من صفاقس ونشرتها صحيفة لابراس، إلى الواجهة الحملة العنصرية ضد المهاجرين الأفارقة في تونس.
تونس - أثارت رسالة "عنصرية” من جامعيين وصحافيين تونسيين من جامعة صفاقس (جنوب شرق) موجهة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد ضد المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء، نشرت في صحيفة لابراس التونسية الناطقة بالفرنسية، جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي. ودخلت جامعة صفاقس على الخط لتؤكد أن لا علاقة لها بالرسالة، مع اضطرار صحيفة لابراس إلى سحب الرسالة والاعتذار عن نشرها.
والرسالة المعنونة بـ"تونس يجب ألا تكون كبش فداء للتوترات في أفريقيا جنوب الصحراء" نشرت على الموقع الإلكتروني لصحيفة لابراس تزامنا مع زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إلى تونس.
وتتهم الرسالة المهاجرين الأفارقة المتدفقين عبر الحدود الجزائرية بأن “من بينهم كثيرون مصابون بالسل، مما تسبب في مشكلة صحية عامة حقيقية". وتضيف "من خلال القيام بجولة في صفاقس وضواحيها، كمثال على المدن التي تأثرت بشكل خطير بهذه التدفقات، يمكن للمرء أن يدرك العدد المتزايد باستمرار من المهاجرين غير الشرعيين”.
وتتابع “الأحياء الشعبية يسكنها هؤلاء الأفارقة بمعدل مرتفع للغاية. نفس الشيء بالنسبة إلى بعض المباني. ومن هنا تتأتى الصعوبة التي يواجهها التونسي في محاولة العثور على شقة للإيجار. نفس الملاحظة تنطبق أيضًا على العمل".
وتتابع الرسالة أن الوضع قد تدهور وأن الأفارقة السود مصدر للمرض والسرقة وتهريب المخدرات. وفي الختام دعا مؤلفو الرسالة المجهولون الرئيس قيس سعيد إلى طرد جميع المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين بشكل منهجي وحماية الحدود البرية والبحرية بشكل صارم. وقد اعتذرت صحيفة لابراس عن نشرها الرسالة “التي تحتوي على ملاحظات تمييزية وعنصرية".
وقال حساب جامعة صفاقس على فيسبوك:
وأضاف بيان الجامعة “مع احترامنا لحرية القول والنشر والصحافة إلا أن ما ورد بالبيان لا يلزم إلا أصحابه الذين كان من المفروض أن يكشفوا أسماءهم علنا عوض التخفي بإمضاء جماعي غير واضح، فلا معنى لكلمة جامعيين من صفاقس ومن المفروض الإمضاء بالصفة والمرتبة والمؤسسة حتى لا يحصل لدى القارئ خلط بين الانتماء إلى مؤسسات جامعة صفاقس أو مدينة صفاقس، هذا دون اعتبار الشحنة العنصرية البغيضة التي يتضمنها المقال".
واعتبر متابع:
وقال معلق:
ووجه معلقون انتقادات لاذعة للصحيفة التي نشرت الرسالة دون ثبت.
وأضاف المعلق نفسه:
ونشرت عدة مواقع ناطقة بالإنجليزية الرسالة ما زاد الجدل حولها. وكتب معلق:
وتأتي الرسالة إثر احتجاج دولي في بداية هذا العام بعد أن ألقى قيس سعيد خطابًا وصف بـ"التحريضي والعنصري"، أعلن فيه أن الهجرة إلى تونس مؤامرة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية للبلاد. ودعا الرئيس قوات الأمن إلى اتخاذ “إجراءات عاجلة” ضد “جحافل” المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين من أفريقيا جنوب الصحراء الذين اتهمهم بأنهم مسؤولون عن موجة من الجرائم.
ولاحقا أفاد الأشخاص الذين عانوا من العنف أو فقدوا منازلهم أو وظائفهم بسبب الخطاب، بأنهم سيتعرضون للاعتقال إذا تحدثوا إلى وسائل الإعلام. كما أثارت حملة مطالبة بترحيل الأفارقة جنوب الصحراء من تونس جدلا واسعا على مواقع التواصل، خاصة أنها اتخذت طابعا عنصريا اتسم بالشعبوية.
ويقسم وجود أفارقة من منطقة جنوب الصحراء في تونس الرأي العام. ويختار البعض الركون إلى نظرية المؤامرة بالتأكيد على أن هناك من يسعى إلى إحياء “مشروع استيطاني” لأفارقة جنوب الصحراء في تونس سبق أن رفضته البلاد عام 2017 إبان زيارة المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل إلى تونس، معتبرين أن الأمر بعيد كل البعد عن العنصرية، ومطالبين السلطات بتوضيح المسائل الملتبسة في هذا الملف.
◙ مواقع التواصل في تونس تشهد حالة من التجاذب بين من يدعم وجود أفارقة جنوب الصحراء في تونس ومن يرفض توافدهم
وتصاعدت الحملة مع دخول مؤثرين ووسائل إعلام على الخط. وتشهد مواقع التواصل حالة من التجاذب بين من يدعم وجود أفارقة جنوب الصحراء في تونس ومن يرفض توافدهم، وسط اتهامات لأطراف سياسية بدعم مخطط "سري".
واعترض وزير الخارجية التونسي نبيل عمّار على اتهام بلاده بـممارسة العنصرية ضدّ المهاجرين الأفارقة، وذكر أن “حملة غير بريئة ولا يعرف مصدرها تستهدف تونس”. وقال عمّار إنه “من المضحك أن توجّه مثل هذه الاتهامات إلى تونس التي تفتخر بانتمائها إلى القارة الأفريقية وعلاقاتها المتينة والضاربة في التاريخ مع دول أفريقيا".
وتابع “على من يوجه هذه الاتهامات أن يتذكر أن تونس بلد له سيادة وقانون، وإقامة الأجانب فيها ينظمها القانون الذي لا يجب أن يتم تأويل تنفيذه حسب أهواء من يريدون أن يتخذ هذا الملف منحًى آخر”. وأشار إلى أن الحملة “يوجّهها كثيرون، بحثًا عن مصالح لا نعرف ما هي، مستعملين أساليب وآليات داخل تونس وخارجها، ومُروّجين أخبارا مغلوطة ومجانبة للحقيقة".
ومنذ عام 2021 لم تنجح الإجراءات التي اتخذتها تونس في مواجهة حملة الاتهامات التي تستهدفها بسبب أزمة اللاجئين الأفارقة، وهو ما يستدعي بحسب محللين تحركا تونسيا أوسع وأكثر قدرة على الوصول إلى المؤسسات الدولية من أجل تقديم الموقف التونسي بعيدا عن حملات التوظيف والاستهداف من الداخل والخارج.
يذكر أن البرلمان التونسي صادق في سنة 2018 على قانون للتصدي للتمييز العنصري يفرض غرامة مالية بثلاثة آلاف دينار (نحو 890 يورو) والسجن مدة شهر لمرتكب جريمة التمييز العنصري.