جائحة كوفيد - 19 أضرت بقطاع الثقافة لكنها أيقظته

تقرير مشترك لدائرة الثقافة والسياحة أبوظبي واليونسكو لإرساء قطاع ثقافي مستقبلي.
الثلاثاء 2022/06/28
من الضروري تجديد سبل الثقافة والمعرفة

لن ينسى العالم حالات الحجر الصحي والظروف المأساوية والمخيفة التي خيمت على جل قاراته جراء انتشار فايروس كورونا الذي تحول إلى جائحة عالمية شلت كافة القطاعات، وأبرزها قطاع الثقافة بكل تفرعاته، الذي وجد نفسه أمام تحديات كبرى، وأمام ضرورة التجديد وهو ما يقدمه تقرير مشترك جديد بين دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي ومنظمة اليونسكو.

أبوظبي - نشرت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي واليونسكو الاثنين تقريراً مشتركاً بعنوان “الثقافة في زمن كوفيد-19.. الصمود والتجدد والنهضة” قدم لمحة عالمية عن تأثير الجائحة في قطاع الثقافة منذ مارس 2020 وحدِّد مسارات لإعادة إحياء هذا القطاع.

و‎بحث التقرير في تأثير جائحة كوفيد-19 في جميع القطاعات الثقافية، وهي التي أصيبت بحالة شلل في الفترة الأولى من الجائحة قبل أن تعود لتتعافى تدريجيا.

تجاوز الجائحة

ما يقترحه التقرير من توجيهات واستراتيجيات ستعيد رسم ملامح القطاع الثقافي ليكون مرناً ومستداماً لأجيال وأجيال

أشار التقرير المشترك إلى أنَّ الثقافة كانت من أكثر القطاعات تأثراً بالجائحة على صعيد العالم إذ فقد القطاع أكثر من 10 ملايين وظيفة في عام 2020 بمفرده وشهد انخفاضاً في الإيرادات بنسبة تترواح بين 20 و40 في المئة . كما تراجع إجمالي القيمة المضافة للقطاع بنسبة 25 في المئة عام 2020.

 وعلى الرغم من معاناة قطاع الثقافة من تراجع كبير فإنَّ منصات النشر عبر الإنترنت والمنصات السمعية البصرية شهدت نمواً ملحوظاً بسبب زيادة الاعتماد على المحتوى الرقمي أثناء فترة تفشي الجائحة.

وحدد التقرير أيضاً الاتجاهات العالمية الرئيسية التي تعيد رسم ملامح قطاع الثقافة ويقترح توجيهات واستراتيجيات متكاملة جديدة للسياسة العامة من أجل دعم نهضة هذا القطاع واستدامته في المستقبل.

‎وقال إرنستو أوتوني راميريز مساعد المديرة العامة لليونسكو للثقافة “حددنا الإصلاحات الرئيسية التي تبرز حاليا في جميع أنحاء العالم من باب التصدي للأزمة العالمية، ومن الضروري الاعتراف بقدرة قطاع الثقافة على دعم حدوث التحول المجتمعي وتعافي المجتمع على صعيد شتى أهداف التنمية، ودعم اتباع نُهج متكاملة لإعادة إحياء قطاع الثقافة”.

‎وقال محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي “على الرغم من أنَّ التقرير يسلط الضوء على تداعيات الجائحة على قطاعات الثقافة في العالم فإننا متفائلون بقدرتنا على المضي قدما كمجتمع دولي ثقافي”.

وأضاف “إن ما يقترحه التقرير من توجيهات واستراتيجيات ستعيد رسم ملامح القطاع ليكون مرناً ومستداماً لأجيال وأجيال يتجاوز في أهميته النتائج التي توصَّل إليها”.

وقال “إن شراكتنا مع اليونسكو ودور أبوظبي في إعداد هذا التقرير يوطِّدان التزامنا بالمساهمة في إيجاد الحلول ووضع السياسات التي من شأنها أن تعزز قطاع الثقافة في الإمارات العربية المتحدة والعالم”.

‎ تقرير مشترك

الرقمنة من بين الاستراتيجيات الثقافية الضرورية
الرقمنة من بين الاستراتيجيات الثقافية الضرورية

أكد التقرير - الذي استند إلى بيانات مستقاة من أكثر من 100 تقرير في مجال الثقافة ومن مقابلات أجريت مع 40 خبيراً ومحللين اقتصاديين - الحاجة إلى اتباع نهج متكامل من أجل تعافي قطاع الثقافة ويدعو إلى إعادة صياغة قيمة الثقافة ودعمها بوصفها أساساً هاماً لمجتمع يتسم بقدر أكبر من التنوع والاستدامة.

‎وسلط التقرير الضوء أيضا على التحولات الكبيرة التي طرأت على الإنتاج الثقافي ونشره ولاسيما بسبب تسارع رقمنة المنتجات الثقافية في أثناء تفشي الجائحة، حيث بلغ إجمالي إيرادات الاقتصاد الإبداعي الرقمي في عام 2020 ما يقارب 2,7 مليار دولار أميركي على صعيد العالم أي أكثر من ربع إجمالي إيرادات القطاع الثقافي ككل.

جاء في التقرير “لقد ثبت أنَّ الجائحة تمثل تهديدا للتنوع الثقافي فتراجع استقرار سبل عيش العاملين المستقلين والمهنيين العاملين في المجال الثقافي، إلى جانب تفاقم أوجه عدم المساواة المتجذرة أصلاً والمتعلقة بالجنس والفئات المحرومة في المجتمع، ما دفع العديد من الفنانين والعاملين في القطاع الثقافي إلى ترك هذا المجال مما قوَّض تنوع أشكال التعبير الثقافي”.

الجائحة رغم سلبياتها أدت إلى تعزيز الاعتراف بالقيمة الاجتماعية لقطاع الثقافة وبإسهامه في تحقيق الرفاه الجماعي والفردي

وأدت أوجه عدم المساواة هذه جنبا إلى جنب مع التفاوت الإقليمي إلى إلحاق ضرر كبير بإنتاج السلع والخدمات الثقافية وتوزيعها وفقد 64 في المئة من العاملين المستقلين في قطاع الثقافة في أميركا اللاتينية أكثر من 80 في المئة من دخلهم بسبب تفشي جائحة كوفيد-19.

‎وأكد التقرير أنَّ نهاية الجائحة تمثِّل فرصة مهمة لإعادة تحديد مكانة الثقافة في الخطة العامة ولتعزيز قيمتها كمنفعة عامة. مشيرا إلى أن الجائحة أدت إلى تعزيز الاعتراف بالقيمة الاجتماعية لقطاع الثقافة وبإسهامه في تحقيق الرفاه الجماعي والفردي وفي إنجاز التنمية المستدامة، فقد أُدرجت الثقافة بالفعل لأول مرة في مناقشات السياسات لمجموعة العشرين في عام 2020 ويذهب التقرير إلى أنه من الضروري اغتنام هذا الزخم العالمي.

جاء ذلك خلال جلسة نقاشية عقدت الاثنين في منارة السعديات بأبوظبي قدم خلالها كل من إرنستو أوتوني راميريز ومحمد خليفة المبارك هذا التقرير المشترك، وذلك بعد عام من إعلان اليونسكو ودائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي عن عملهما المشترك على الدراسة العالمية.

وخلال الجلسة استعرض راميريز والمبارك كيف أنَّ قطاع الثقافة لم يكتفِ بالتعافي بل قام بالتحول بالاستفادة من الدروس التي تعلمها من أزمة الجائحة، وسيساهم نشر التقرير وإقامة هذه الجلسة أيضاً في التحضير لمؤتمر اليونسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة الذي سيعقد في المكسيك في أواخر سبتمبر 2022.

‎ويمثل التقرير بالنسبة إلى اليونسكو ودائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي استمرار التعاون في سلسلة من المبادرات الاستراتيجية التي تدعم الالتزام المشترك للنهوض بالثقافة كمنفعة عامة وحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

13