ثنائية أربيل السليمانية تهدد مجددا وحدة كردستان العراق

أكراد العراق يواجهون اختبار القدرة على إدارة خلافاتهم السياسية في ظل مساعي الحزب الديمقراطي الكردستاني للهيمنة على السلطة.
السبت 2019/06/01
نتقاسم أو نقسّم

إصرار الحزب الديمقراطي الكردستاني على الهيمنة على أهم مفاصل الحكم في إقليم كردستان العراق، وعدم تسليم غريمه الاتحاد الوطني بالأمر الواقع ورفضه التنازل عن حصّته في السلطة، كلّ ذلك يشكّل وصفة انقسام حادّ في الإقليم لا أحد يضمن عدم تطوّره نحو عملية تقسيم استنادا إلى سابقة في الماضي غير البعيد.

أربيل (العراق) - وضعت مساعي الحزب الديمقراطي الكردستاني للهيمنة على أهم مفاصل السلطة في إقليم كردستان، أكراد العراق مجدّدا، أمام اختبار القدرة على إدارة خلافاتهم السياسية والحفاظ على الوحدة الهشّة لإقليمهم.

وبمجرّد انتخاب البرلمان لنيجيرفان البارزاني رئيسا للإقليم، برزت بحدّة ثنائية أربيل-السليمانية كمركزي قرار يمكن أن يتحوّلا إلى “عاصمتين” لكيانين متجاورين في حال استحال التوفيق بين مطالب الحزبين الخصمين الكبيرين المتنافسين بشراسة على السلطة، الحزب الديمقراطي بقيادة عائلة البارزاني، والاتحاد الوطني وتحديدا الشقّ الذي يقوده ورثة الرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني.

واحتجّ حزب الاتحاد الوطني بشدّة على انتخاب نيجيرفان البارزاني رئيسا في غياب أعضائه الذين انسحبوا من الجلسة البرلمانية، دون أن يؤثّر ذلك في مساعي الحزب الديمقراطي للهيمنة على قيادة الإقليم باستحواذه على منصب الرئيس، وعلى منصب رئيس الوزراء الذي سيذهب لمسرور نجل الرئيس السابق مسعود البارزاني، فضلا عن رئاسة البرلمان التي تتولاها عضو الحزب الديمقراطي فالا فريد، كأول امرأة تتولى هذا المنصب في إقليم كردستان العراق.

غياث السورجي: قد نضطر إلى التوجه نحو نظام الإدارتين لحكم الإقليم
غياث السورجي: قد نضطر إلى التوجه نحو نظام الإدارتين لحكم الإقليم

وممّا يضاعف قلق منافسي الحزب الديمقراطي، إمكانية توسيع صلاحيات رئيس الإقليم باستخدام الأغلبية البرلمانية التي يمتلكها الحزب.

وعلّق ساشوار عبدالواحد زعيم حركة الجيل الجديد على ذلك بالقول إنّ “الأغلبية النيابية في برلمان كردستان مرّرت قانونا يفضي لانتخاب رئيس إقليم بصلاحيات واسعة دون أن يتمكن (البرلمان ذاته) في ما بعد من مراقبة أداء الرئيس، وذلك في مخالفة صريحة للأعراف والقواعد الديمقراطية السائدة في الكثير من البلدان وللنظام البرلماني المعتمد”.

وأعلن برلمان إقليم كردستان العراق، الخميس، عن يوم العاشر من يونيو المقبل موعدا لأداء نيجيرفان البارزاني اليمين القانونية رئيسا للإقليم.

ودعا البرلمان في بيان جميع النواب للحضور إلى الجلسة الاعتيادية الخاصة بأداء اليمين من قبل الرئيس المنتخب، لكن مصادر كردية متعدّدة توقّعت عدم حضور نواب حزب الاتحاد الوطني البالغ عددهم 21 نائبا والذين سبق لهم أن قاطعوا إلى جانب النواب الثمانية لحركة الجيل الجديد، جلسة انتخاب نيجيرفان البارزاني رئيسا.

ويملك الحزب الديمقراطي الكردستاني 45 مقعدا في البرلمان البالغ العدد الجملي لنوابه 111 نائبا، وهو وضع يتيح له بالتحالف مع أحزاب صغيرة تمرير القرارات التي تضمن هيمنته على مقاليد الحكم في الإقليم، لكنّ مراقبين يتساءلون عن المدى الذي يمكن أن يصل إليه آل البارزاني في اكتساح مواقع السلطة ومراكز القرار، متوقّعين عدم تسليم منافسيهم من ورثة الطالباني بالأمر الواقع.

وبحسب البعض، فإنّ الصراع على السلطة في كردستان العراق في حال عدم تطويقه في اللحظة المناسبة، يمكن أن يتطوّر إلى درجة تهدّد وحدة الإقليم في ظل القسمة التاريخية بين أربيل مركز ثقل الحزب الديمقراطي، والسليمانية الموطن التاريخي للاتحاد الوطني.

ويستذكر هؤلاء الواقع الذي نشأ في الإقليم أواسط تسعينات القرن الماضي إثر الحرب الأهلية التي اندلعت آنذاك وتسببت في انقسام كردستان العراق بين حزبي البارزاني والطالباني وتشكيل حكومة للأول في إربيل ودهوك، وحكومة للثاني في السليمانية.

وفي أوضح تهديد باللجوء إلى تقسيم الإقليم، قال القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي إن “أي حكومة لا تحصل على تأييد الحزبين ستكون ذات جغرافية محدودة”، مؤكدا “سنضطر إلى التوجه نحو نظام الإدارتين لحكم الإقليم، إذا استمر تهميش الاتحاد الوطني من قبل الحزب الديمقراطي”. وأشار السورجي إلى أن “سيناريو تقسيم إقليم كردستان قد يعاد مجددا”.

ويقول قياديون في حزب الاتحاد إنّ الحزب الديمقراطي لم يلتزم بوعود كان قدّمها لهم لقاء موافقة حزبهم على رئاسة نيجيرفان البارزاني للإقليم، وعادوا يطالبون بضمانات مكتوبة تنصّ على حصول حزبهم على منصب محافظ محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الإقليم والحكومة المركزية العراقية، إضافة إلى مناصب تنفيذية أخرى أبرزها قيادة قوات البيشمركة التي تعدّ بمثابة جيش لإقليم كردستان العراق.

ويمكن للانقسامات في إقليم كردستان العراق أن تبلغ مدى أكثر تعقيدا، نظرا لبروز جناحين داخل حزب الاتحاد الوطني، تقود الأوّل هيرو أحمد أرملة جلال الطالباني، وهو الجناح الأكثر معارضة لسياسة آل البارزاني، ويقود الثاني كوسرت رسول الأميل إلى مهادنة الحزب الديمقراطي.

3