ثلاثة عقود على اتفاق أوسلو.. حلم الدولة والسلام يتلاشى

القدس - بعد مرور 29 عاما على توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، يقول محللون إن حلم إقامة الدولة الفلسطينية والسلام مع تل أبيب يتلاشى.
ويُضيف المحللون أن حلم الفلسطينيين في الوصول إلى حل عادل للصراع القائم، وإقامة دولة فلسطينية مُستقلّة على حدود عام 1967 أجهض.
ويُرجع بعضهم فشل الاتفاق إلى “وجود ثغرات في بنود الاتفاق، وظّفتها إسرائيل لشرعنة احتلالها وتوسعة تواجدها”.
وبدلا من طرح حلول سياسية للصراع، تكتفي إسرائيل – بحسب المحللين – بوضع حلول أمنية واقتصادية، وهو ما يعتبره مراقبون تجاوزا لاتفاق أوسلو.
ومنذ عام 2014، توقّفت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لرفض إسرائيل وقف الاستيطان وتنكرها لفكرة “حل الدولتين”.

عبدالمجيد سويلم: الأداء الفلسطيني ساهم في أن يصل اتفاق أوسلو إلى النهاية
ويشير بعض المحللين إلى أن الرئيس محمود عباس ما زال يبحث عن حلول للوضع المتأزم، كان آخرها التوجّه للحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري.
وفي الثالث عشر من سبتمبرعام 1993، وقّع محمود عباس رئيس دائرة الشؤون القومية والدولية في منظمة التحرير آنذاك، بمشاركة رئيس المنظمة الراحل ياسر عرفات، ووزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحق رابين (اغتيل لاحقًا)، في العاصمة الأميركية واشنطن اتفاقية أوسلو.
وجاء الاتفاق الذي أطلق عليه اسم “أوسلو”، نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية حيث عقدت هناك 14 جولة من المفاوضات الثنائية السرية بين الطرفين.
وضم الاتفاق عددا من البنود أبرزها “إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة، لمرحلة انتقالية لا تتعدى 5 سنوات”.
كما نصّ الاتفاق على “انطلاق مفاوضات الوضع النهائي في أقرب وقت ممكن، على ألا يتعدى ذلك بداية السنة الثالثة للفترة الانتقالية بين حكومة إسرائيل وممثلي الفلسطينيين، لبحث قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والترتيبات الأمنية والحدود وقضايا ذات أهمية مشتركة”.
كما تضمنت الاتفاقية عدة بنود لها علاقة بـ”التعاون الاقتصادي والأمني المشترك”.
وفشلت مفاوضات “قضايا الحل النهائي” التي جرت نهاية عام 2000، برعاية الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وهو ما تسبب في اندلاع انتفاضة الأقصى في نهاية ذات العام.
ولاحقا، أعادت إسرائيل احتلال أراضي الضفة الغربية في عام 2002، وصعّدت من أعمال الاستيطان في الضفة، حيث يزيد عدد المستوطنين عن 600 ألف، وهو ما يجعل من إقامة دولة فلسطينية متصلة الأجزاء عملية بالغة الصعوبة.
ومع تصاعد قوى اليمين، واليمين المتطرف في إسرائيل، تغيب الأصوات التي تتحدث عن القبول بأي تسوية سياسية، أو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويتم الحديث بدلا عن ذلك حول “السلام الاقتصادي”، وتحسين أحوال الفلسطينيين المعيشية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، عبدالمجيد سويلم، أن اتفاقية أوسلو كان فيها العديد من الثغرات التي لم يولِ الفلسطينيون لها بالا.
وأضاف “الثغرة الأولى هي القبول الفلسطيني بالاعتراف بإسرائيل دون أن تعترف الأخيرة بحقّنا في دولة، واكتفينا باعترافها بالمنظمة كمُمثل شرعي ووحيد للشعب؛ وهذا أمر غير كافٍ”.
وأردف “الثغرة الثانية أن الاتفاقية أظهرت أننا مهتمّون بالأراضي المحتلّة فقط على حساب الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي أو في الشتات؛ الأمر الذي أدى إلى تشتيت الحالة الفلسطينية”.
وأما الثغرة الثالثة فهي مرتبطة، بحسب سويلم، بعدم اشتراط الفلسطينيين “وقف الاستيطان كشرط أساسي ومبدئي لقبول هذه الاتفاقية”.
من المتوقع أن تشهد الساحة الفلسطينية المزيد من الاشتباك مع الاحتلال في كافة الأراضي المحتلّة
واستكمل قائلا “استمرار إسرائيل في الاستيطان أفقدنا القدرة على المُبادرة، وتوحيد الشعب حول برنامج نضالي”.
ويعتقد سويلم أن “الأداء الفلسطيني لم يكن قويا ومتماسكا، كي يؤسس لدولة كما لعب دورا مساعدا في أن تصل إسرائيل بأوسلو إلى النهاية”.
كما ساعد في فشل هذه الاتفاقية، وفق سويلم، أنها “لم تكن قائمة على مبادئ الشرعية الدولية والحق والعدالة الدولية”.
ويصف سويلم الاتفاقية بـ”الكمين الذي نصبته إسرائيل للشعب الفلسطيني، حتى يبقى مصيرهم معلقا بالسلطة الفلسطينية فقط وإمكانياتها؛ مع تحكم الاحتلال في ذلك”.
واستكمل “منذ البداية، هذه الاتفاقية جاءت في ظروف استثنائية حيث كانت المنظّمة تعاني من حصار عربي وغيره، ووجدت نفسها مُشتّتة في بلدان كثيرة واعتقدت أنه بالإمكان حقا التأسيس لدولة فلسطينية، خلال مرحلة انتقالية لا تزيد عن 5 سنوات؛ وهو ما لم يحدث”.
وفي ظل فشل اتفاق أوسلو، يرى سويلم أنه ما زال بالإمكان تصويب البوصلة “من خلال إقرار السلطة بشكل حاسم بوقف العمل بالاتفاقية وما تبعها والعمل بما أقرّه المجلسان الوطني والمركزي”.
وبدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي هاني العقّاد، إن القيادة الفلسطينية وصلت إلى قناعة بأن اتفاقية أوسلو أوصلت الطرفين إلى طريق مسدود.
وأضاف “إسرائيل لم تلتزم بالاتفاقية ولم تستكمل مراحلها حتى تصل إلى الحل النهائي، فالقيادة الفلسطينية أدركت أن الاتفاقية لم تعد قائمة بمجملها”.
ويعتقد أن إسرائيل “غير جاهزة بعد لتصل إلى حل نهائي للصراع، لكنها تديره وتحاول فكفكته وإخراج عدد من القضايا منه كالقدس وبعض المناطق الجغرافية كقطاع غزة”.
كما تحاول إسرائيل، بحسب العقّاد، وضع حلول أمنية واقتصادية للفلسطينيين، بعيدا عن أي حل سياسي للصراع.
ويضيف “في ظل الأوضاع الحالية لا خيار أمام القيادة إلا الانفكاك من أوسلو وتطبيق قرارات المجلسين المركزي والوطني للمنظمة”. وفي ظل حالة الفشل التي لحقت باتفاقية أوسلو، يقول العقّاد إن الفلسطينيين يبحثون عن حل دولي للصراع مع إسرائيل.
ويضيف “منذ فترة يجري الرئيس الفلسطيني اتصالات مع دول أوروبية وعربية لطلب الحصول على صفة عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، الأمر الذي أغضب إسرائيل والولايات المتحدة”.
وأردف “رغم التهديدات الأميركية للفلسطينيين بفرض المزيد من الإجراءات من الكونغرس بحقّهم في حال توجهّوا للحصول على العضوية الكاملة، إلا أن الرئيس مصمم على هذا الخيار”.
ويعتبر أنه في ظل توقّع استخدام الولايات المتحدة وغيرها من الدول لحق النقض “الفيتو”، إلا أن هذه الخطوة من شأنها أن تُمهّد الطريق – على الأقل – لتحريك مسار حل الدولتين؛ والذي يعد آخر آمال الفلسطينيين في حل الصراع.
ويرى أن “السلام ليس ضمن الخيارات الإستراتيجية لإسرائيل، وطالما لا يوجد ضغط دولي والولايات المتحدة لا تتدخل بشكل عادل، فإن مسار السلام الحقيقي ما يزال بعيدا”.
ويستبعد العقّاد أن تُفضي اللقاءات التي سيعقدها عباس إلى تحرّك حقيقي في ملف الصراع، مرجعا ذلك إلى عدة أسباب منها “تراجع الإدارة الأميركية عن وعودها، وحالة الصمت التي تسود الاتحاد الأوروبي، وعقد دول عربية لاتفاقيات تطبيع علاقاتها مع إسرائيل”.
ويتوقع أن تشهد الساحة الفلسطينية “المزيد من الاشتباك مع الاحتلال في كافة الأراضي المحتلّة”.