ثقافة مواعدة ناشئة في السعودية الأكثر انفتاحا

عمليات المواعدة السرية في السعودية تبرز نوعا من الحياة المزدوجة لدى البعض سعيا إلى الحصول على قدر من الحريات الاجتماعية.
الجمعة 2020/02/14
كسر للحواجز

الرياض- أجرت المملكة العربية السعودية تغييرات اجتماعيّة كبيرة قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث سمح للنساء بقيادة السيارات وبدخول ملاعب كرة القدم، وأعيد فتح دور السينما، كما سمح بإقامة حفلات غنائية ضخمة، ووضع حدّ لاعتراضات رجال دين على مناسبات مثل عيد الحب.

وكان رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعوديون قبل سنوات قليلة، ينقضون على بائعي الورود في يوم عيد الحب، لكنّ المملكة الأكثر انفتاحا الآن، تشهد أيضا ثقافة مواعدة ناشئة وإن كانت محفوفة بالعراقيل.

وكانت إقامة علاقات خارج إطار الزواج في المملكة المحافظة تعدّ خطوة خطرة للغاية. وكان بعض الشباب يجازفون بكتابة أرقام هواتفهم المحمولة على أوراق ويضعونها على نوافذ سياراتهم على أمل التواصل مع فتيات. وشهدت المملكة منعا للاختلاط بين الذكور والإناث لعقود عديدة.

ويشكّل الشباب بين 20 و40 عاما نحو 40 في المئة من عدد السكان في السعودية البالغ 20.7 مليون نسمة، حسب الإحصاءات الرسمية للعام 2018. واليوم، تقلّصت إلى حد كبير صلاحيات الهيئة التي كانت تعتبر بمثابة شرطة دينية، ويلاحظ اختلاط غير مسبوق بين الجنسين، ويلتقي الشباب والفتيات في المقاهي والمطاعم علنا.

ويبحث الشباب عن صداقات من الجنس الآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا “تويتر” و”سناب شات”، وتطبيقات مثل “سوورم” المخصص لتسجيل الأماكن التي يزورها مستخدمو التطبيق، لكنها باتت تستخدم غالبا لتنسيق المواعيد.

تغييرات اجتماعيّة كبيرة في السعودية قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان
تغييرات اجتماعيّة كبيرة في السعودية قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان

ويقول مخرج سينمائي سعودي شاب لوكالة فرانس برس بينما يجلس في مقهى يضج بالموسيقى في الرياض مع صديقته “كان بيع الورود الحمراء يشبه بيع المخدرات” في السعودية. وتقول صديقته العاملة في مجال الإعلام “لم يكن من الممكن التفكير من قبل في رؤية امرأة تجلس بجوار رجل لا تربطها به صلة قرابة في مكان عام”.

وتتابع “الآن النساء يطلبن من الرجال الخروج معهن”. لكن رغم التغييرات الاجتماعية، تبقى العلاقات ما قبل الزواج بمثابة حقل ألغام في بلد يطبّق الشريعة الإسلامية ويشرف فيه الرجال على اختيار الأزواج لبناتهم وقريباتهم.

وأحيانا، يضطر الشبان والشابات إلى كبت مشاعرهم وعواطفهم والدخول في زيجات لا تقوم على الحب.

وتبرز عمليات المواعدة السرية نوعا من الحياة المزدوجة لدى البعض، سعيا إلى الحصول على قدر من الحريات الاجتماعية تتجاوز قدرة شريحة واسعة من المجتمع على التفهم والقبول.

وكان أمر سميرة (27 عاما) التي تعمل في مجال الإدارة المالية في الرياض، على وشك أن يفتضح حين عثرت أم صديقها على بطاقة مكتوبة بخط يدها كانت قدمتها له هدية. وفي المجتمع المحافظ، كان افتضاح أمر الحبيبين اللذين لم يكن مر على علاقتهما بضعة أشهر، سيثير غضب أسرة سميرة ويعرّض العلاقة للانهيار. لكن الصديق نجح في تشتيت انتباه أمه.

وتقول سميرة التي اختارت استخدام اسم مستعار كباقي من التقتهم فرانس برس حول هذا الموضوع، “المجتمع السعودي بات أكثر انفتاحا لكن الجميع يكذبون بشأن العلاقات لأن الناس يصدرون أحكاما”.

وفي الأماكن العامة، يمكن رؤية نساء ورجال جنبا إلى جنب. فيما شهدت بعض الحفلات نساء رقصن بعضهن دون عباءاتهن وأغطية رؤوسهنّ، مع الرجال، في الهواء الطلق. إلا أنه إذا كان دور الشرطة الدينية تراجع في الشارع، لم تتوقف الرقابة الذاتية داخل الأسر السعودية والمجتمع الذي لا يزال محافظا إلى حدّ كبير.

21