ثغرات في مجال تقييم نِسَب المشاهدة تضر بصناعة الإعلام العربي

المشاهدون في العالم العربي يجدون أنفسهم اليوم أمام خيارات متنوعة من القنوات التلفزيونية.
الخميس 2024/06/06
من يهتم

الرياض - أثار الرئيس التنفيذي لشركة روتانا للخدمات الإعلانية نزار ناقرو، مسألة نسب المشاهدة في الإعلام العربي مشككا بمصداقيتها أثناء حديثه بأن “روتانا خليجية” و”روتانا سينما” تحتلان قائمة القنوات الأكثر مشاهدة على الصعيد الإقليمي، مشيرا إلى أن هناك ثغرات كبيرة جدًّا في الدراسات في مجال تقييم نِسَب المشاهدة التلفزيونية؛ وأن ذلك لا يصب في مصلحة صناعة الإعلام العربي على الإطلاق.

وأوضح ناقرو أن وجود دراسات ذات تقييمات متباينة يؤثر على قرارات المعلنين في سوق الإعلام، ويوجههم نحو الإعلام الرقمي؛ مما يُلحِق خسائر بالملايين بالقنوات التلفزيونية.

واعتبر أن الإعلام اليوم يمثل قوة ناعمة ومؤثرة في الشارع العربي، مشددًا على ضرورة التعاون مع جميع صناع المحتوى دون استثناء في تقييم أي أدوات أو دراسات أو مؤشرات لقياس نِسَب المشاهدة؛ وذلك لتحقيق المصلحة العامة في صناعة المحتوى الترفيهي.

ويشكل الجمهور السعودي للمعلنين جزءًا كبيرًا من المستهلكين في المنطقة الخليجية، لذلك أصبح قياس الجمهور أكثر أهمية للحصول على معلومات دقيقة تمكن أصحاب البث والمعلنين ووكالات الإعلان من تطوير المحتوى والتخطيط لحملات فعالة وموجهة للوصول إلى الجمهور المناسب.

ويعد القياس منهجية بحث إعلامي مكرسة لتحديد حجم الجمهور ومعرفة خصائصه مثل (الفئة العمرية، والمنطقة الجغرافية)، وقياس كيفية استخدام المستهلك للمحتوى التلفزيوني والرقمي وتقدم هذه البيانات للمسوقين ومقدمي خدمات البث فرصًا جديدة لإعداد محتوى يرفع من تفاعل المشاهدين.

نزار ناقرو: هناك تقييمات متباينة من جهات مختلفة لرصد نِسَب الجمهور
نزار ناقرو: هناك تقييمات متباينة من جهات مختلفة لرصد نِسَب الجمهور 

ويقول خبراء إن “الحاجة ملحة لمقاييس للمشاهدة التلفزيونية، في ظل الجدل الساخن الذي تشهده الساحة حالياً حول نسب مشاهدة القنوات الفضائية العربية، التي باتت معيارا مهما للوكالات الإعلانية في اختيار القنوات التي تبث إعلاناتها عليها”.

ولفت ناقرو إلى أنه حتى لو تم الاعتماد على الدراسات التقليدية التي تجريها شركات مثل: شركة “أبسوس” للأبحاث؛ فإن قنوات “روتانا” تحتل المركز الثاني بأرقام عالية ونسبة نمو أفضل من أي قناة أخرى؛ مبينًا أن بعض الدراسات، لا تشير إلى هذه الأرقام؛ وذلك لوجود مصالح وتوجهات خاصة لدى تلك الجهات في إظهار قنوات لا تحظى بمتابعة حقيقية أو لا معنى لوجودها في قائمة القنوات الأكثر مشاهدة؛ كقنوات أفريقية أو قنوات أطفال، والتي لا تحظى بمشاهدة تذكر من قِبَل الجمهور، ومع ذلك تتواجد بشكل غريب ضمن أكثر القنوات مشاهدة في قائمة العشر الأوائل.

وتلعب استطلاعات قياس نسب المشاهدة دوراً لا يمكن إنكاره في رسم وتشكيل الساحة الإعلامية العربية واللاعبين الأساسيين بها. ويؤكد الخبراء أن وجود مثل هذه الاستطلاعات لم يعد نوعا من الترف أو الرفاهية لكنه ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها، ليس فقط في توجيه ميزانيات الإعلان، وهي ضخمة، ولكن أيضا في توجيه صناعة الدراما التي أصبحت تقوم على المليارات التي تنفق سنويا في هذا المجال، خصوصا إنتاج أعمال للموسم الدرامي الرمضاني، فهذا الدور المتنامي يتطلب وجود جهات تتولى توفير معلومات وبيانات شفافة وموثوقة حول نسبة المشاهدين، وتمثل مؤشرات مهمة لإرشاد وتوجيه منتجي الدراما في الاتجاه السليم.

ويقول حسن الزرقوني المدير العام لشركة” سيغما كونساي تونس” إنه على عكس ما يعتقده كثيرون فإن الهدف الأساسي بل الأوحد من إجراء عمليات قيس المشاهدة هي معرفة الفضاءات الأكثر مشاهدة لتمكين المعلنين من حسن اختيار البرامج والأوقات التي يقومون فيها بالإعلان.

وبخصوص التقنيات المعتمدة قال الزرقوني إنها تتطور بشكل متواصل ومع ذلك فهي أحيانا لا تعكس الحقيقة مستشهدا بمثال مشاهدة مقابلات كرة القدم في المقاهي حيث جهاز التلفاز واحد في المقهى ولكن عدد المشاهدين بالمئات وهو مالا تعكسه تقنية القياس المرتبطة أساسا بالأجهزة.

وبشأن مسألة المصداقية أكد أن النتائج التي تصل إليها عملية قياس نسب المشاهدة هي ذات مصداقية بنسبة 95 في المئة لأن المنهجية المعتمدة هي منهجية علمية أثبتت جدواها وصحتها ليس فقط في هذا المجال بل حتى في استطلاعات الرأي المرتبطة بنتائج الانتخابات.

ويجد المشاهدون في العالم العربي أنفسهم اليوم أمام خيارات متنوعة من القنوات التلفزيونية. وتشهد إجمالي ساعات المشاهدة من قبل الجمهور العربي خلال شهر رمضان زيادة بنسبة 80 في المئة، وفقًا لمنصة “ايندكس.مينا.تي.في” التي توفر بيانات يومية عن الجمهور لحوالي خمسة ملايين مشاهد تلفزيوني في الإمارات مثلا.

ويظهر التحليل أن متوسط المشاهدة اليومية دقيقة بدقيقة تضاعف تقريبًا مع ارتفاع عدد المشاهدين بمقدار خمس مرات تقريبًا في وقت الذروة مقارنةً بمتوسط ساعات المشاهدة على مدار العام.

حتى مع تنافس شبكات التلفزيون وشركات القياس الناشئة على أعمال جديدة، يبدو من الواضح أن النسب في حالة تغير مستمر

وفي عالم التلفزيون، اعتاد الجمهور على المتابعة وفقًا لجدول زمني محدد. حيث ملأت شركات الإعلام جداول البرمجة وباعت مساحات إعلانية بناءً فقط على الجمهور الذي كان من المتوقع أن يظهر خلال تلك الفترة الزمنية. لذلك ليس غريبا أن شركات القياس تكتسب المزيد من الاهتمام. ويعتقد العديد من المديرين التنفيذيين المشاركين في هذا القطاع أن هناك مجالًا للازدهار، فهو سباق متعدد اللاعبين في المستقبل ولن يكون هناك فائز وحيد يتولى كل السيناريوهات.

وحتى مع تنافس شبكات التلفزيون وشركات القياس الناشئة على أعمال جديدة، يبدو من الواضح أن النسب في حالة تغير مستمر.

وأكد ناقرو أنه “يغيب عن سوق الإعلام والإعلان العربي والمحلي، مقياس حقيقي لرصد نِسَب المشاهدة، فهناك تقييمات متباينة من جهات مختلفة لرصد نِسَب الجمهور والتفاعل، مثل مقياس منصات التواصل الاجتماعي؛ كيوتيوب أو منصة إكس أو فيسبوك؛ حيث تُحقق روتانا أرقامًا مليارية ضخمة جدًّا للمتابعة والمشاهدة والتفاعل عبر هذه المنصات عالميًّا، وستظل قنوات روتانا تحافظ على حقها في إثبات تفوقها وتقدّمها في مسار نِسَب المشاهدة التلفزيونية، وهي على استعداد للتعاون مع أي جهة من أجل صناعة مقياس حقيقي ومنصف ونزيه”.

وقال إن “روتانا” تسعى جاهدة لتقديم أفضل الخدمات والحلول لعملائها، مع التركيز على الجودة والشفافية في كل ما تقدمه؛ مبينًا أهمية المصداقية في العمل الإعلامي، وشدد على أن “روتانا” لا تقبل التعاون مع الشركات التي تفتقر إلى الاحترافية والتميز في تقييم نِسَب المشاهدة التلفزيونية؛ لافتًا إلى أن المجموعة تضع الجودة والمصداقية في مقدمة أولوياتها.

وفي الحقيقية فإن ما أثاره ناقرو ليس بالجديد فقبل أعوام اندلعت أزمة في الساحة الإعلامية المصرية نتيجة تشكيك عدد من القنوات الخاصة في استطلاعات رأي المشاهدين في مصر، المعنية بترتيب القنوات حسب نسب المشاهدة، التي أجرتها إحدى الشركات المتخصصة في هذا المجال (شركة ابسوس)، وفق ما ذكره البيان الصادر باسم هذه القنوات، موضحا أن القائمين على هذه القنوات اضطروا إلى اللجوء إلى القانون للتدخل، التي وصفوها بأنها تهدد الإعلام المصري والتسويق الإعلاني.

5