تيكتوكر على كرسي الرئيس في سوريا: كسر لقدسية المنصب أم إهانة لرمزية قصر الشعب

السلطة الجديدة تحاول تلميع صورتها عبر استقطاب مؤثري مواقع التواصل.
السبت 2024/12/28
استعراض وضجة

انقسم السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار صورة التيكتوكر الساخر يمان نجار وهو يجلس بصورة استعراضية على كرسي الرئيس بين من اعتبرها كسرا لقدسية الكرسي وبين من رأى أنها إهانة لرمزية قصر الشعب ومحاولة من السلطة لتلميع صورتها.

دمشق - أثار التيكتوكر السوري يمان نجار جدلا بصورة نشرها عبر حسابه الرسمي على إنستغرام، من قاعة الاستقبالات الرسمية للقصر الرئاسي بدمشق، في المكان المخصص عادة لجلوس الرئيس السوري خلال استقباله للوفود الرسمية وانقسم السوريون بين مهاجم لنجار وبين من اعتبر أن الكرسي هو لخدمة لشعب في نهاية الأمر.

ونشر نجار المعروف بسخريته من رموز النظام السابق، فيديو ساخرا يصور دخوله إلى القاعة، ويتوجه للجلوس على الكرسي الذي كان يجلس عليه الرئيس السابق بشار الأسد وذلك بطريقة استعراضية واعتبر البعض أنه تصرف صبياني واستهتار برمزية المكان الذي شهد مؤخراً استقبال الوفود الرسمية التي جاءت للقاء قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.

ولم تلق الصورة استحسان العديد من المتابعين، بحسب ما عبروا في تدويناتٍ نشروها عبر صفحاتهم في فيسبوك، الخميس. وتعرّض التيكتوكر لموجة واسعة من الانتقادات، وكذلك السلطة الجديدة التي سمحت له بهذا التصرف، وكتب ناشط:

Wolveri07681751@

قصر الشعب مكان للساسة ويمثل الشعب السوري وله حرمته مش لأخذ الصور التيكتوكرية من هذا المهرج يمان نجار.

وقال آخر:

Syria_home1@

يمان نجار بعد ما حرر سورية وهو بهولندا جاء يقعد بقصر الرئاسة والله عيب يلي عم يصير صح ديمقراطية وحرية بس مثل هذا الشخص شو عمل غير كبسولي شيرولي؟

وعلق آخر:

mhdshamaa@

ما بعرف شو الصفة الرسمية للأخ أو يمكن حكومتنا الجديدة عندها اهتمام بجماعة التيك توك هي شخصية شو عم يعمل بمقر لاستقبال الوفود الرئاسية الرسمية #يمان_نجار.

ومقابل الانتقادات الحادة والهجوم اللذين تعرض لهما نجار، كان هناك من دافع عنه، معتبرا أنه مواطن سوري وجلس على كرسي في قصر الشعب فلماذا كل هذه الضجة، إذا كان هدف الثورة إسقاط النظام وليس احتلال الكرسي للمناصب، واستنكر الكثيرون الهجوم على أيّ شخص لمجرد الاختلاف في الرأي في ظل موجة من التحريض والفوضى والتخوين التي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا، وقال أحدهم:

majed899@

لا يمكننا أن نهاجم أي شخص وقف إلى جانب السوريين، ولو بكلمة واحدة. من الطبيعي أن ننتقد الأخطاء، لكن النقد يجب أن يكون بناءً لا تهجمًا. لماذا نلجأ إلى الإساءة ووصف الأشخاص بأبشع الأوصاف لمجرد زلة أو تصرف قد نراه خطأ؟ في لحظات الضعف والقوة، نحن في حاجة إلى أن نكون سندًا لبعضنا، لا أن نهدم ما تبقى من جسور بيننا. وحدتنا في هذه المرحلة هي قوتنا، وتسامحنا مع بعضنا هو ما سيبني المستقبل الذي نحلم به جميعًا.

ورأى آخر أن الحادثة لا تستحق كل هذه الضجة:

joma_lhep@

– يمان نجار تيكتور بنى نجاحه على انتقاد السلطة المخابراتية، وهذه ثورة حقيقية ليست قليلة.

– القصر الجمهوري للشعب، كل الشعب، بكل فئاته ومكوناته وتخصصاتهم.

– البعض يتحدث عن دخول المهرجين للقصر الرئاسي يجعله مسرحا.. هذا صحيح إذا أصبح رئيسا، وليس إذا دخله الشعب وقد خلعوا الأسد!

ورأى آخرون أن المحتوى الذي يقدمه نجار لافت للانتباه وقدم رسالة قوية في وقت لم يكن فيه السوريون يستطيعون رفع الصوت، وجاء في تغريدة:

AboChreffGahnum@

باختصار

نحن اليوم في مرحلة انتقالية، لا في مرحلة تصيد العثرات وصب الماء على الزيت. يمان النجار فعلًا قدم رسالة قوية، كانت بمثابة صفعة للنظام البائد، حيث أكد أن الكرسي ليس ملكًا للأشخاص، بل هو ملك الشعب، وأن السلطة المطلقة يجب أن تكون بيد الشعب. من خلال محتواه القديم، أسقط يمان رموز الأسد، وكشف حقيقتهم بأسلوبه التمثيلي الفريد، حيث جعل من نفسه ضابطًا أو رئيس قسم، مما كان بمثابة تحدٍّ بحد ذاته.

وأضاف المغرد قائلا:

“قد يعلق البعض الآن بأن ما فعله كان مجرد اتفاق أو تمثيل، لكن هذا لا يغير من الحقيقة شيئًا. رأيي ورأيك لن يغير الواقع، لكن ما يهم هو أن هذا الشاب الطموح قد نجح في جذب جمهور واسع وأصبح له جيش إلكتروني حقيقي. لقد استدرج النظام وفضحه بطريقته الخاصة، وفتح الباب لتغيير مفاهيم كانت مرفوضة لعقود.”

وألمح البعض إلى أن السلطة الجديدة تحاول تلميع صورتها عبر مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي، فقد عمل قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع المعروف سابقا بـ(أبومحمد الجولاني) خلال السنوات الأخيرة على تغيير صورته العامة، محاولاً النأي بنفسه عن ارتباطاته السابقة بالقاعدة وداعش. وأعاد تسمية قواته من جبهة النصرة إلى هيئة تحرير الشام عام 2017، مع التأكيد على أن الهيئة تتبنى أيديولوجية مختلفة “تحترم التنوع السوري.”

ومع ذلك، ما زالت هناك شكوك محلية ودولية تجاه هذه التصريحات، لذلك يرى متابعون أنه يعتمد على الجيل الشاب المعروف على الشبكات الاجتماعية للترويج لصورته الجديدة.

وقد شهد القصر الرئاسي السوري في الأيام الماضية استقبال الشرع لمؤثرين عرب بارزين التقطوا صوراً تذكارية معه، مثل جو حطاب، وقاسم الحتو المعروف بـ”ابن حتوتة”، لكن هذه الصور قوبلت بأصداء إيجابية عموماً، ووجد فيها متابعون تعبيراً عن الانفتاح والاحتفال ببداية عهد جديد لسوريا.

وتداول المتابعون مقطع فيديو ظهر فيه صانع المحتوى جو حطاب وهو يتحدث عن رفضه سابقا طلب أسماء الأسد والنظام السوري زيارة سوريا من أجل تصوير الطعام والأماكن العامة.

وقال حطاب “لدي أصدقاء كثيرون في أوروبا ومنهم سوريون، الكل يعرف أنه إذا لبيت الدعوة وجئت إلى هنا، كأنني أدعس على جراحهم عندما آتي وأصور وأروج لهذا النظام.”

وأضاف “كانوا يقولون لي تعال صور فقط الأكل ولا تتكلم بالسياسة، لكن مجرد أنك صورت وبينت جمال الدولة وأن الناس عايشة بسلام، في وقت يوجد أناس معتقلون هنا بسجن صيدنايا، كيف ستروج لهذا النظام؟ هذا واجبي كصانع محتوى.”

وقد تفاعل الكثير من المتابعين مع تصريحات جو هذه، وكان من التعليقات “جو حطاب المؤثر الحقيقي وصاحب مبدأ كسب احترام الشعب السوري كله.”

لكن في الوقت الراهن يرى محللون أنه بينما تعمل وسائل الإعلام والحكومات الغربية على إعادة تأهيل صورة الشرع، يبقى السؤال حول مدى قدرته على تحقيق الاستقرار في سوريا من دون العودة إلى نهجه المتشدد. وفي حين يحظى بدعم إعلامي غربي قوي، يظل التحدي الأكبر في إقناع الشعب السوري والعالم بأن هذا التغيير حقيقي ومستدام.

5