تيزي وزو مدينة المساجد والثوار المتهمة بالزندقة

لقد واجه الأمازيغ في الجزائر الكثير لإثبات وجودهم ولغتهم، رغم أنهم مكون أصلي في البلاد، ورغم ما أبدوه من تعاون ونضال لأجل العرب والإسلام وحرمة الجزائر ومقاومة للاستعمار، فإنهم بقوا يواجهون سلطة ترفض الاعتراف بثقافتهم الأصيلة، فخاضوا نضالات طويلة لافتكاك حقوقهم في تعليم لغتهم والاحتفاء بثقافتهم. ومن بين هؤلاء أبناء مدينة تيزي وزو.
بين الأسطورة والجغرافيا الوعرة تنام مدينة تيزي وزو مشغولة بهديرها اليومي الذاهب في مديح الخسارات، بربرية الهوية، أمازيغية اللسان، عربية التمظهر، ولها في الحضارة الأوروبية جذور مشتركة. تحدث عنها إميل مارسيل وجاك مارتان ومستشرقون آخرون.
يسلمني فيها هذا الصباح الرمضاني الثقيل إلى الشوارع الخجولة، سمرة الوجوه المكوية تحت شمس يوليو الحارقة، عيون زرق وخضر وعسلية، شعور سوداء وشقراء، نساء ملتحفات بالسواد وأخريات في كامل الأناقة الأمازيغية الهادئة والبسيطة، خليط يعكس ثراء وتناقضات عاصمة جرجرة، عربات النقل الصغيرة مشغولة بالصعود والهبوط من وإلى القرى البعيدة والناس مشغولون بيومياتهم.. إيقاع ثقيل يعبر أسواقها ومحلاتها وحتى الساحة التي تحولت مؤخرا إلى واجهة للعراك العقائدي تبدو غير مبالية بخطواتي.. ولولا محلات الفضة الفاخرة والجبة المزركشة مثل وشم بربري على ساعد فلاحة لما عرفت أنني في تيزي وزو.
مدينة مناضلة
قد لا تختلف تيزي وزو عن أي مدينة جزائرية أخرى من ناحية العمران ففوضى التشييد صارت سمة لصيقة بها
قد لا تختلف تيزي وزو عن أي مدينة جزائرية أخرى من ناحية الهندسة والعمران، ففوضى التشييد صارت سمة لصيقة بها، حيث ترتفع العمارات وتتكاثر المحلات التجارية بشكل فوضوي غير مدروس، خاصة في المدينة الجديدة التي صارت قطبا تجاريا واقتصاديا يرسم بوضوح الطريقة المتوحشة التي تزحف بها الثقافة الاستهلاكية على هذا البلد، بينما تتناثر فيلات المغتربين في قمم الجبال المحيطة بالمدينة من كل الجوانب ومعها تندثر تدريجيا البيوت الأمازيغية ذات الهندسة البديعة.
ولكن تيزي وزو لم تطو تمردها، فقد ظلت على مر تاريخها تلك المدينة المشاغبة التي تشكل صداعا مزمنا في رأس السلطات المتعاقبة، وبقيت تلك المدينة التي تقول “لا” بصوت مرتفع عندما تقتنع هي بذلك.
قصة مدينة جرجرة مع الرفض ليست وليدة اليوم لكنها تعود إلى عصور غابرة، ولعل أقربها زمن الاستعمار الفرنسي، حيث بقيت منطقة القبائل الكبرى الحصن الحصين الذي لم تتمكن فرنسا من “تركيعه” إلى غاية منتصف القرن الـ19، حيث كانت منطقة القبائل آخر مكان وطأته أقدام المستعمر في شمال الجزائر عام 1871 ويكفيها فخرا أن من قادة المقاومة كانت شابة لم تكمل سنواتها الثلاثين فاطمة نسومر التي أجبرت جنرالات فرنسا على جر أذيال الخيبة، حتى أشرف المارشال روندون بنفسه على قيادة الحملة التي أحرقت قرى القبائل. وحتى قبل هذا التاريخ ظلت هي المنطقة التي لم يتمكن الأتراك من فرض السيطرة عليها، حيث كانت الحامية الانكشارية التي أقامها الأتراك عام 1542 مجرد مركز مراقبة ولم يتمكنوا من ممارسة السلطة بشكلها الفعلي على “مملكة كوكو”.
التمرد حالة تفردت بها مدينة تيزي وزو إلى ما بعد الاستقلال، حيث دخل بعض رموزها عهد السرية عندما طالبوا صبيحة استقلال الجزائر عام 1963 بالانفتاح والديمقراطية وعارضوا الاتجاه الذي اختاره بن بلة وبومدين للجزائر. وكان لهذا الموقف ثمن في سياسة بومدين الذي حكم بالنفي على كل ما له علاقة باللغة والثقافة الأمازيغية التي بقيت رغم ذلك تناضل “ثقافيا” في الجامعات والتظاهرات الثقافية.
وتكررت مطالب تيزي وزو في أحداث الربيع الأمازيغي في 1980 التي مهدت لأكتوبر 1988، والذي دشن عهدا جديدا للانفتاح السياسي والإعلامي في البلاد، على الأقل نظريا، ظلت تيزي وزو على الدوام تدفع فاتورة الحسابات السياسية للجزائر قاطبة، حيث انفجرت في 1995 في ما سمي بإضراب المحافظ، وتعطلت المدارس بها سنة كاملة مقابل ترسيم الأمازيغية وتدريسها في المدارس وميلاد “المحافظة السامية للأمازيغية” التي رفعت لواء النضال علميا لتحقيق مكاسب جديدة للغة والثقافة الأمازيغية.
أغلب سكان المنطقة مقتنعون اليوم أن التهميش الذي تعانيه هو عقاب من قبل السلطة المركزية على مواقفهم
ومرة أخرى استيقظت المدينة المشاغبة في ربيع 2001 ومرة أخرى سقط أكثر من 130 قتيلا في ما عرف لاحقا بأحداث الربيع الأسود، وآخر انتفاضة للمنطقة كانت في أبريل 2014 حيث انتفضت تيزي وزو ضد العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة وقوبلت تلك الانتفاضة بالرصاص، ما خلف عدة جرحى وموقوفين.
ما تزال تيزي وزو إلى اليوم عقدة المسؤولين المتعاقبين، حيث يحسب أيّ مسؤول ألف حساب لزيارته إلى المحافظة، حيث تسجل الزيارة في خانة الإنجازات إذا مرت دون رشق بالحجارة والطماطم.. وهذا ما يراه البعض سببا في تباطؤ معدلات التنمية في المحافظة وارتفاع نسب البطالة فيها، التي يضاف إليها سوء الأوضاع الأمنية، إذ ما تزال جبال وأحراش تيزي وزو إلى اليوم مكانا تعشش فيه بقايا الجماعات المسلحة، التي تخرج هي الأخرى لتغير على المنطقة غداة كل موعد سياسي مهم لا يمكن حسمه دون حسابات تمر من تيزي وزو، ما رسخ في أذهان الناس هنا أن التهميش الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة هو ضريبة سياسية تدفعها المنطقة التي تتذيل دائما قائمة المشاركات في الانتخابات وتتصدر معدلات النجاح في شهادة البكالوريا.
تيزي وزو هي المحافظة الوحيدة تقريبا في الجزائر التي لا توجد بها مشاريع سكنية تتباهى بها نشرات الأخبار وتصنفها في خانة الإنجازات الوطنية، وقلما يزورها وزير لتدشين مشروع بل تدين لها السلطة في هذا الجانب، حيث تعد المنطقة الوحيدة التي يعتمد أبناؤها على إمكانياتهم وسواعدهم في بناء سكناتهم، كما يعتمدون على أنفسهم في تشييد مساجدهم المتناثرة في ربوع ومناطق المحافظة التي تتصدر للمفارقة أيضا أكبر عدد من المساجد في الجزائر، لكنها تقدم دائما على أساس أنها مدينة “زنديقة”، وعكس ما يعتقده البعض أن سكان تيزي وزو مواطنون فوق العادة، يقدم أبناؤها شهادات تعكس المستوى المعيشي المتدني، خاصة لحاملي الشهادات الجامعية الذين يصير كل حلمهم الحصول على منصب عمل حتى لوكان مؤقتا، ولا يتحقق هذا إلا بـ”معارف” ووساطات، فيما الأغلبية الساحقة تعيش على معاشات الآباء والأجداد المهاجرين، حيث ارتبطت الهجرة في المنطقة بأسباب تاريخية وسوسيولوجية معقدة قد يطول شرحها.
الإحباط واليأس والحسرة.. هي التي رشحت معدلات الانتحار لتكون الأعلى في المحافظة، وحتى هذه عادة ما يتم استغلالها دينيا بتقديم أبناء المنطقة كمرتدين وكفرة وخارجين عن الملة.
التهميش المقصود
تحالف التهميش والإقصاء والبيروقراطية مع الوضع الأمني المتردي الذي بقي في تيزي وزو قائما إلى اليوم جعل أهلها يفرون إلى المناطق الأخرى بحثا عن الأمن. ورغم أن السواد الأعظم منهم لا يهتمون إلا بتوفير فرصة للحياة الكريمة والعيش المريح، لكن تبقى تهمة التسييس تطارد جبين مدينة توصف اليوم بمدينة “قانون ونص”، حيث أخطبوط الفساد والبيروقراطية يدفع القائمين على تطبيق القانون هناك إلى الإبداع في إضافة اجتهادات لم يأت بها القانون نفسه.
وحسب شهادات بعض المقاولين وصغار ملاك المؤسسات فإن التسهيلات البسيطة والمعاملات العادية في المحافظات الأخرى تصير من المستحيلات في تيزي وزو، وكعينة على ما يعاني السكان هنا من تغوّل الإدارة أن مصالحها لا تعترف بوصل فواتير الماء والكهرباء كدليل لإصدار شهادات الإقامة في بعض بلديات المحافظة، وفي بعض البلديات الأخرى أيضا لا يحق للآباء اختيار أسماء أبنائهم، حيث كانت الإدارة ترفض بعض الأسماء الأمازيغية، ما اضطر المحافظة السامية للأمازيغية إلى تقديم لائحة أسماء إلى وزارة الداخلية تطالبها باعتمادها.
وتعتبر تيزي وزو المحافظة الوحيدة التي لا تعتمد على برامج الدولة في السكن بل يعتمد أبناؤها على إمكانياتهم الذاتية وسواعدهم لبناء مساكنهم، كما يشيدون مساجدهم في القرى والبلدات المتناثرة في ربوع جرجرة دون اعتماد على السلطة أيضا.
وتعرف تيزي وزو بعقدة الرؤساء والمسؤولين، فسكان المنطقة لديهم حساسية تجاه كل ما له علاقة بالسلطة ويقفون دائما على مسافة شك معها، وكانت تيزي وزو المحافظة الوحيدة التي لم تصفق لبوتفليقة منذ عهدته الأولى، حيث زار الرئيس الجزائر شرقا وغربا وجال في مختلف الولايات ربما عشرات المرات، ولم يدخل تيزي وزو إلا 5 مرات خلال عشر سنوات من الحكم، كانت 4 منها خلال حملاته الانتخابية المختلفة التي لم تخل من منغصات، وكانت في كل مرة ترافقها ترسانة من الحراسة والاحتياطات.
تيزي وزو تعتبر المحافظة الجزائرية الوحيدة التي لا تعتمد على برامج الدولة في السكن بل على إمكانيات أبنائها
وقد تعرض موكب الرئيس في عام 1999 إلى رشق بالحجارة، كما تخلل تجمع بوتفليقة خلال ترويجه لقانون الوئام المدني تراشق لفظي مع شبان المنطقة بخصوص ترسيم الأمازيغية استدعت تدخل حرس الرئيس لإسكات الشبان المتمردين، وقد حالت أحداث 2001 دون زيارة الرئيس مرة أخرى إلى المحافظة، وكان على بوتفليقة انتظار عام 2005 ليقوم بزيارة عمل إلى الولاية، وقد جندت لتلك الزيارة ترسانة من التحضيرات والمسؤولين المحليين الذين اختارهم رجال الرئيس بعناية، ورغم ذلك لم تكن الزيارة كما يريدها بوتفليقة، حيث اضطر الرئيس إلى القفز على عدة محطات ونقاط من زيارته مثل الجامعة واختصر كلمته في ملعب أول نوفمبر بوسط المدينة بعدما واجهته عاصفة التصفير ومزقت صوره على مرأى منه وبات اليوم أغلب سكان المنطقة مقتنعين بأن التهميش الذي تعانيه ولايتهم هو عقاب من قبل السلطة المركزية على “التغنانت” التي تبديها المنطقة سياسيا، رغم أن السلطة تدين لهذه المنطقة في تسيير أمورها ذاتيا في الكثير من المجالات، مثل السكن الذي يبقى الملف الذي يشعل الاحتجاجات في الجزائر.
وأعادت حادثة الإفطار الجماعي في وسط المدينة جدل الدين والثقافة والهوية الذي طالما رافق المدينة والمنطقة، ويعتبر سكان المدينة هذا الجدل جزءا من محاولة استغلال المنطقة سياسيا، فبينما كانت مشاورات تعديل الدستور قائمة بمباركة قائد الجيش الإسلامي للإنقاذ مدني مزراق كشخصية وطنية، كان الناس مشغولين بعلي بلحاج وزيراوي الذي ذهب للرد على “منتهكي حرمة رمضان في شوارع المدينة”، في ما اعتبر من طرف البعض استفزازا لكرامة وكبرياء أهل تيزي وزو وكأنهم لا يعرفون الإسلام، بينما تؤكد الحقائق التاريخية أن للمنطقة تاريخا عريقا في الذود عن حياض الدين واللغة العربية.
ولعل ارتباط الزاوية الرحمانية بالمقاومة ضد الاستعمار الفرنسي خير دليل، فأغلب القيادات الثورية والسياسية البارزة التي لعبت أدوارا في التاريخ الحديث للجزائر خرجت من الزاوية الرحمانية، ليست أولهم فاطمة نسومر وليس آخرهم حسين آيت أحمد. وقد شكل الصوم في المنطقة على مر التاريخ حدثا اجتماعيا بارزا يرتبط ارتباطا وثيقا بالزاوية هو الآخر، و”ظاهرة اجتماعية” كان السكان يقاومون من خلالها الاستعمار ويعلنون عن تميزهم عنه، وما زالت نساء المنطقة يحتفين بالأطفال الذين يصومون لأول مرة بلباسهم اللباس التقليدي، ومنحهم خاتما من فضة يوضع في قعر كوب ماء يفطر عليه الطفل فوق سطح البيت كرمز للرفعة والسمو، وما زالت العروس تزف وفق تقاليد عائلية يحافظ عليها الأبناء أبا عن جد مهما كان المستوى المعيشي والثقافي، وفي بعض المناطق يفرض مهر موحد على الجميع إمعانا في التكافل وترسيخ مفهوم العائلة.
وهي مظاهر لا تخلو من استحضار الخلفية الدينية، كما في بعض المناسبات مثل المولد وعاشوراء. وإمعانا في تقديس كل ما له علاقة بالدين فإن سكان المنطقة لا يسمون أبناءهم محمد بل محند، وهذا حتى إذا سب الأطفال بعضهم البعض – حسبهم – لا يدنس اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، ويبقى أيضا اسم فاطمة أكثر الأسماء النسوية حضورا لدى القبائل. ولعل الشعر الأمازيغي القديم، خاصة الصوفي منه، يعطي صورة واضحة عن مكانة الدين كرمز في تسيير حياة الناس، حيث يعتبر المسجد أكثر من مكان للصلاة بل مؤسسة اجتماعية قائمة بذاتها لها أدوار كثيرة.
الاهتمام بالسياسة
للمفارقة، المحافظة فيها أكبر عدد من المساجد في الجزائر لكنها تقدم دائما على أساس أنها مدينة “زنديقة”
توصف تيزي وزو بمدينة المساجد، فلا تكاد تخلو بلدة أو دشرة (قرية) من مسجد أو مصلى أو مدرسة قرآنية يشيدها عادة السكان بأنفسهم اعتمادا على مبدأ “التويزة”، وغالبا أيضا ما يكون أجر الإمام من تبرعات السكان، وبعض القرى تضمن أيضا حتى السكن للإمام، حيث تضم تيزي وزو لوحدها ما يفوق 500 مسجد وأكثر من 50 زاوية عاملة متصدرة المرتبة الأولى وطنيا من حيث عدد المساجد (15 ألف مسجد في الجزائر) حيث يتبرع السكان بأراضيهم لبناء المساجد، مع العلم أن الأرض مقدسة عند سكان المنطقة ومن الصعب جدا إقناع القبائلي بالتنازل أو بيع أرضه لكنهم يتبرعون عن طيب خاطر لبناء المسجد.
وقد كان للمنطقة تاريخ عريق في الدفاع عن العربية والإسلام في شكله المتسامح، حيث أنجبت العديد من الأسماء المعروفة في هذا المجال، أمثال مولود قاسم، الذي يعد أحد غلاة المدافعين عن التعريب في الجزائر وأحد القلائل الذين كانت لهم شجاعة مواجهة بومدين وجها لوجه، والبشير الإبراهيمي، والفضيل الورتيلاني، والشيح عبدالرحمن شيبان، وهم جميعا من أبرز وكبار كوادر جمعية العلماء المسلمين.
ورغم الجهود الجبارة التي بذلها الآباء البيض في المنطقة، وعلى رأسهم الكاردينال لافيجري، ظل التنصير حادثا عابرا، لكن الحسابات السياسية جعلته أصلا وليس فرعا.
يقول السكان هنا تهكما إن الاهتمام بالسياسة “زائدة” يولد بها كل قبائلي، حيث يصير كل شيء ذا شأن سياسي حتى خلاف الرجل مع زوجته وحتى نقاش الشيوخ المتقاعدين يصير “بوليتيك”.. هذا التهكم يحمل شيئا من الحقيقة، فتيزي وزو لديها “أوفردوز” من السياسة، هي مدينة التناقضات متسامحة حد الانفتاح ومتعصبة حد الانغلاق، ظلت بؤرة لتصفية الحسابات السياسية منذ فجر الاستقلال منها خرج معطوب الوناس وفرحات مهني وفارس القرآن ياسين أوعمران، ومنها خرج سعيد سعدي وآيت أحمد وأحمد أويحيى والكولونيل أعمر أوعمران. لهذا بقيت تيزي وزو على مر تاريخها صداعا مزمنا في رأس السلطات المتعاقبة وظلت المدينة التي لا تتعب من ممارسة السياسة.
ينشر بالاتفاق مع "الجديد" الثقافية الشهرية اللندنية