تيريزا ماي تلجأ إلى جيرمي كوربين لحسم بريكست

لجأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى التعويل على المعارضة العمالية لتجاوز مأزق بريكست العالق في مجلس العموم، وهي أخر أوراقها لضمان تمرير اتفاق بريكست الذي تستعد لطرحه على التصويت للمرة الرابعة. وأثارت الخطوة امتعاض نواب حزبها المحافظ الذين اعتبروا أن التعويل على أصوات الغريم يعدّ استخفافا بإرادة الناخبين.
لندن - التقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين في محاولة للتوصل لتسوية بشأن اتفاق بريكست، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي أن 12 أبريل سيكون الموعد النهائي لانفصال لندن عن التكتّل، ما لم يصادق مجلس العموم البريطاني على اتفاق بريكست.
وتأتي مباحثات ماي وزعيم حزب العمال البريطاني المعارض بعد إعلانها أنها ستطلب من بروكسل تأجيل “قصير” لبريكست لتفادي خروج بلا اتفاق.
وأغضبت الخطوة التي تم اتخاذها بعد اجتماع طويل للحكومة الثلاثاء، أعضاء حزبها المتشددين حيال بريكست، إذ يفتح اللقاء إمكانية أن تسعى البلاد إلى علاقات اقتصادية أوثق مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست.
ودعا حزب العمال مرارا إلى بقاء بريطانيا في الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، فيما استبعدت الحكومة حتى الآن حدوث ذلك، مشددة أنّ بريطانيا يجب أن تكون لها سياسة تجارية مستقلة بعد بريكست.
واحتجاجا على عقد اللقاء، استقال عضو الحكومة من الصف الثاني نايجل أدامز، مبلّغا ماي في خطاب الاستقالة، أنّها ترتكب “خطأ كبيرا”.
وكتب أدامز “من الواضح أننا سينتهي بنا الأمر في الاتحاد الجمركي، هذا ليس بريكست الذي وعدنا به ناخبينا”.
وعلى ماي أنّ تعد خطة قابلة للتنفيذ لإنهاء علاقة بلادها المستمرة منذ 46 عاما مع الاتحاد الأوروبي، قبل قمّة مقرّرة مع قادة الاتحاد في بروكسل الأربعاء المقبل، حيث ستطلب منهم تأجيلا جديدا لتطبيق الاتفاق.
وكان من المقرّر أن تخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في التاسع والعشرين من مارس الماضي، إلا أن ماي حصلت خلال قمة أوروبية عقدت في 21 و22 مارس على إرجاء حتى الـ12 من أبريل في حال لم يتم إقرار اتفاق الطلاق، وحتى الـ22 من مايو في حال تمّت الموافقة على الاتفاق في مجلس العموم.
وحذّّر رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، من أن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على تمديد آخر لبريكست، ما لم يمرّر اتفاق الخروج. وجاء ذلك غداة طلب رئيسة الوزراء البريطانية منحها تمديدا إضافيا قصيرا إلى ما بعد 12 أبريل الجاري، حتى تتمكّن من إيجاد مخرج لمأزق بريكست.
وجاءت الاستراتيجية الجديدة لرئيسة الوزراء بعد أشهر من انسداد الأفق السياسي بشأن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وصوّتت بريطانيا بنسبة 52 بالمئة لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي في تصويت مثير للانقسام في العام 2016. لكن عملية الخروج نفسها فاقمت الانقسامات بين المواطنين والسياسيين، بل حتى حكومة ماي نفسها التي شهدت استقالة عدد من أبرز الوزراء المؤيدين لبريكست احتجاجا على الاتفاق.
ورفض البرلمان البريطاني ثلاث مرات اتفاق بريكست الذي توصّلت إليه مع الاتحاد الأوروبي، لكن بعد إحكامهم السيطرة على العملية، فشلوا في التوصّل لخطة منفصلة.
وبعد معارضتها محاولة البرلمان التوصل لغالبية لدعم خطة بديلة، أشارت ماي الثلاثاء إلى أنها مستعدة للتعاون مع النواب.
وقالت ماي إنه في حال اتفق حزبها وحزب العمّال على خطة، فإنها ستطلب تأجيلا “قصيرا بقدر الإمكان ينتهي بمجرد تمريرنا لاتفاق” عبر البرلمان، متعهدة بالسماح للنواب بإدارة العملية إذا عجزت عن التوصّل لاتفاق مع حزب العمال.
وذكرت تقارير صحافية أنّ العديد من مؤيّدي بريكست في حزبها يعارضون التفاوض مع حزب العمّال ويفضّلون عوضا عن ذلك مغادرة التكتّل من دون اتفاق، إلا أنّ كثيرين أيضا أيّدوا علنا نهج ماي الجديد.
وقال وزير بريكست ستيفن باركلي لهيئة الإذاعة البريطانية الـ”بي.بي.سي” إنّه “أمر غير مرغوب فيه، لكن هذا هو المنطق القاسي للأرقام في مجلس العموم”.
وتفاعل بعض نواب حزب ماي المحافظ المشكّكين بالاتحاد الأوروبي بغضب مع النهج الجديد.
وقال النائب واسع النفوذ جاكوب ريس-موغ إنّ “العملية الآن أصبحت في شكل كامل تحت سيطرة المؤيدين للبقاء” في الاتحاد الأوروبي. وتابع ريس-موغ “ينبغي أن نغادر الاتحاد الأوروبي في 12 أبريل من دون اتفاق”.