تيريزا ماي تعود إلى بروكسل بخيارات محدودة لتعديل اتفاق بريكست

قررت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي العودة إلى بروكسل لمناقشة تعديل اتفاق بريكست الذي رفضه البرلمان البريطاني الأسبوع الماضي، بعد أن نسفت أيرلندا آمالها في إبرام اتفاقية ثنائية بين لندن ودبلن بشأن الحدود كخطة بديلة لبريكست تعتقد رئيسة الوزراء أنها قادرة من خلالها على حشد تأييد نواب حزبها المتشككين. ويرى مراقبون أن ماي تعود إلى بروكسل بخيارات محدودة في ظل رفض القادة الأوروبيين إجراء أي تغييرات في اللحظة الأخيرة على اتفاقية الانسحاب.
بروكسل - أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين أنها تنوي العودة إلى بروكسل للبحث في تعديلات على الاتفاق الذي توصلت إليه مع القادة الأوروبيين الشهر الماضي رغم رفض البرلمان البريطاني للمسودة خلال الأسبوع الماضي.
وقالت ماي “سأواصل اللقاءات مع زملائي هذا الأسبوع لنرى كيف يمكننا الالتزام بواجباتنا” منها تجنب عودة حدود “بطريقة ستحظى بأكبر دعم ممكن”. وتابعت “سأعرض استنتاجات هذه المباحثات على الاتحاد الأوروبي”.
وتأتي تصريحات ماي عقب رفض أيرلندا إبرام اتفاقية ثنائية مع لندن بشأن الحدود أو مراجعة اتفاق الجمعة العظيم في إطار خطة بديلة لاتفاق بريكست تعتقد أنها قادرة على كسر جمود المفاوضات وقد تحظى برضاء نوابها المشككين.
وجددت ماي رفضها لدعوات تأجيل بريكست، فيما تشير تقارير إعلامية إلى أن بعض النواب يعتزمون طرح تعديلات تتعلق بنظام عمل مجلس العموم لعرقلة خطط ماي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويريد المشككون في الاتحاد الأوروبي تحديد مهلة زمنية لـ”شبكة الأمان”، الحل الذي تم التوصل إليه لتجنب عودة فرض حدود برية بين أيرلندا الجمهورية العضو في الاتحاد الأوروبي، وأيرلندا الشمالية، وهو ما يندّد به بشدة مؤيدو بريكست، ويريدون أيضا أن تشمل الخطة البديلة وعدا بالتفاوض على اتفاق للتبادل الحر يشبه النموذج الكندي.
وإذا لم يجدّ جديد، سيغادر البريطانيون الاتحاد الأوروبي في 29 مارس دون اتفاق على الأرجح، وهو الأمر الذي يمكن أن يعني حدوث فوضى بالنسبة للاقتصاد والسياسة والحياة اليومية للكثيرين.
ورفض وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني الاثنين، مقترحا تقدم به نظيره البولندي جاك تشابوتوفيتس بتحديد فترة زمنية مدتها خمس سنوات بشأن سريان بنود ما يطلق عليها “شبكة الأمان” التي تهدف إلى تطبيق قيود صارمة على حدود جزيرة أيرلندا، وهو أحد التعديلات التي تنوي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مناقشته مع دبلن لكسر جمود اتفاق بريكست.
وقال كوفيني في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن تشابوتوفيتس طرح هذا الاقتراح خلال لقاء ضم وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن وزير الخارجية البولندي قوله “لا أعرف ما إذا كان ذلك ممكنًا ، إذا كانت أيرلندا مستعدة لطرح مثل هذا الاقتراح،ولكن لدي انطباع بأن ذلك قد يؤدي إلى كسر جمود المفاوضات”.
وقال وزير الخارجية الأيرلندي إنه رفض هذا الاقتراح عند طرحه لأول مرة في ديسمبر الماضي، “لقد أوضحت تماما أن مسألة وضع حد زمني لآلية التأمين، وهو ما تتضمنه شبكة الأمان، قد يعني أنها لم تعد شبكة أمان”.
وذكرت صحيفة ديلي تلغراف الاثنين إن ماي بحثت أيضا في تعديل اتفاق الجمعة العظيم لعام 1998، الذي أنهى عقودا من العنف الطائفي في أيرلندا الشمالية، في محاولة للخروج من مأزق البريكست.
وأضافت الصحيفة أن تعديل الاتفاق، الذي وقعته أيرلندا أيضا، قد يكون بديلا عن شبكة الأمان، لكن ميشيل أونيل، زعيمة الحزب الجمهوري الأيرلندي “شين فين” في أيرلندا الشمالية، كتبت على تويتر الاثنين أنه “لن يكون هناك إعادة كتابة أحادية الجانب لاتفاق الجمعة العظيم من قبل تيريزا ماي”.
وتفاوضت لندن على مدى عامين تقريبا مع بروكسل للتوصل إلى اتفاق بشأن الانسحاب لكن النواب في مجلس العموم رفضوه الثلاثاء.
وردت ماي ببدء محادثات مع الأحزاب السياسية المنافسة، لكنها قاومت مطالبها باتباع نهج جديد جذري.
وبدلاً من ذلك، تركز زعيمة المحافظين مرة أخرى على إيجاد طريقة للتغلب على المعارضة داخل حزبها حول “شبكة الأمان” الأيرلندية المثيرة للجدل.
واستبعد زعماء الاتحاد الأوروبي إجراء أي تغييرات في اللحظة الأخطط ماي مقلقةخيرة على اتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لكنهم تركوا الباب مفتوحا أمام إمكانية تقديم إيضاحات في وثائق منفصلة، أو تأكيدات إضافية في بيان حول العلاقات المستقبلية، التي تصاحب اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
واقترح ميشال بارنييه كبير المفاوضين بالاتحاد الأوروبي الاثنين أن تقوم الكتلة بإعادة النظر في إعلان سياسي بشأن العلاقات المستقبلية تم الاتفاق عليه جنبا إلى جنب مع شروط الطلاق.
وصرح لإذاعة “آر.تي.أي” الأيرلندية “نحن منفتحون على العمل مرة أخرى على الإعلان السياسي وأن نكون أكثر طموحا في العلاقة المستقبلية”.
وبعد تحديد ماي خططها بشأن طريقة المضي قدما، سيطرح النواب سلسلة تعديلات ليتم التصويت عليها في 29 يناير الجاري.
وتنوي مجموعتان على الأقل من النواب المنتمين إلى الحزبين طرح تعديلات تهدف إلى تأخير أو تعطيل اقتراحات ماي.
وستعلق إحدى المجموعتين عملية الانسحاب في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد مع بروكسل بحلول نهاية فبراير القادم.
وأما الثانية، فستتيح لأعضاء البرلمان اختيار يوم واحد كل أسبوع لمناقشة المسائل المرتبطة ببريكست والتصويت عليها، وهو ما سيتجاوز التقليد الذي يمنح الحكومة الحق في التحكم بجدول أعمال البرلمان.
ووصف مكتب ماي هذه الخطط بأنها “مقلقة للغاية”. وندد المتحدث باسمها بالمناورات البرلمانية قائلا إنها “دليل على الخطر المحدق لأن البرلمان يمكن أن يوقف بريكست”.