تونس يائسة من قدرتها على حماية الدينار

التصنيف السيادي لتونس من قبل الوكالات الدولية تراجع 5 مرات خلال 9 سنوات ليبلغ درجة المخاطر العالية.
الثلاثاء 2019/02/26
متاعب التونسيين تتزايد مع غياب الحلول الجذرية

تونس - اتسع قلق الأوساط المالية التونسية من يأس السلطات النقدية لعدم قدرتها على حماية قيمة الدينار الذي تراجع إلى مستويات قياسية أمام العملات الأجنبية.

واختزل محافظ البنك المركزي مروان العباسي ذلك الإحباط خلال جلسة استماع أمام البرلمان الاثنين بالقول إنه “ليس من السهل الدفاع عن الدينار في ظل انخفاض احتياطي النقد الأجنبي”.

وأوضح أن احتياطي النقد الأجنبي بلغ ما يعادل واردات 84 يوما بسبب تراجع الإنتاج في قطاعات حيوية مثل الفوسفات واتساع العجز بشكل حاد في قطاع الطاقة.

وطيلة الفترة الأخيرة، تزايدت التحذيرات من الانعكاسات الخطيرة لانحدار قيمة العملة المحلية، ما يعكس خللا في التوازنات المالية في ظل ارتفاع مستوى التضخم وشلل معظم محركات النمو.

وقال متعاملون إن الدينار هبط هذا الشهر إلى مستويات قياسية منخفضة مقابل اليورو الذي تجاوز 3.5 دينار، مع تنامي العجز التجاري للبلاد مما ساهم في تآكل احتياطيات النقد الأجنبي.

مروان العباسي: ليس من السهل الدفاع عن الدينار في ظل انخفاض احتياطي النقد الأجنبي
مروان العباسي: ليس من السهل الدفاع عن الدينار في ظل انخفاض احتياطي النقد الأجنبي

وأضافوا أنه جرى تداول اليورو مقابل 3.53 دينار أمس لتواصل العملة التونسية هبوطها. وتراجعت العملة المحلية حوالي 13 بالمئة مقابل اليورو ونحو 8.6 بالمئة أمام الدولار في العام الماضي.

وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء إلى أن العجز التجاري بلغ بنهاية العام الماضي مستوى قياسيا عند 19 مليار دينار (6.2 مليار دولار).

وقال محافظ المركزي “اليوم لدينا عجز طاقي كبير يصل إلى خمسة مليارات دينار والإنتاج تراجع في قطاعات حيوية مثل الفوسفات، إضافة إلى هبوط إيرادات السياحة إلى النصف مقارنة مع 2010 مثلا”. وتساءل “ما الذي يمكن فعله؟ إذا دافعنا عن الدينار فمخزون العملة سيهبط أكثر”.

وهبط إنتاج الفوسفات من حوالي 8.2 مليون طن في 2010 إلى ثلاثة ملايين طن في العام الماضي، مما ألحق خسائر بمليارات الدولارات بالاقتصاد التونسي.

وبرر العباسي زيادة نسبة الفائدة الرئيسية كإجراء للحد من استنزاف احتياطي العملة الصعبة ونسبة التضخم العالية قائلا إن “المؤشرات الاقتصادية الخطيرة التي بلغت الخطوط الحمراء، دفعت إلى اتخاذ خطوة الزيادة من 6.75 بالمئة إلى 7.75 بالمئة”.

وأوضح أنه لو لم يتخذ البنك بعض الإجراءات هذا العام والتي قبلها لسجل احتياطي العملة الصعبة تراجعا كبيرا وفي الوقت نفسه لكبح ارتفاع معدل التضخم، الذي مازال يتراجع ببطء حيث سجل خلال الشهر الماضي 7.1 بالمئة مقابل 7.3 بالمئة بنهاية العام الماضي.

وأشار إلى أن صندوق النقد الدولي، الذي منح تونس قرضا بقيمة 2.9 مليار دولار، مازال يراقب الخطوات التي ستقدم عليها تونس في الفترة المقبلة.

وقال إن “المشاورات لم تتقدم بين الطرفين منذ شهر سبتمبر الماضي عند حصول أزمة الزيادات في الأجور”.

وفي ظل الأوضاع التي تمر بها تونس وتأخر تنفيذ الإصلاحات بالشكل المطلوب فقد تراجع تصنيف البلاد في ظرف تسع سنوات خمس مرات.

وقال العباسي إن “التصنيف السيادي لتونس من طرف الوكالات الدولية شهد تراجعا بسبب الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية من درجة الخطر إلى عالي المخاطر”.

وتتفاقم محنة صنّاع السياسات المالية في تونس بين مواجهة ارتفاع التضخم وغليان الأسعار وبين حماية النموّ  الهش عبر مواجهة تحدي البطالة وزيادة الاستثمارات، في محاولات شاقة للصمود والابتعاد عن شبح الإفلاس غير المعلن، كما يؤكد محللون.

ومن المرجح أن تواجه الحكومة والسلطات النقدية قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة الكثير من المتاعب في طريق إصلاح الأوضاع.

11