تونس والسعودية تفتحان آفاقا جديدة للشراكات الاقتصادية

إبرام 7 اتفاقيات تشمل مجالات الصناعة والسياحة والزراعة خلال الدورة الـ11 للجنة الأعمال المشتركة.
الأربعاء 2023/12/27
إليكم الفرص وأنتم قرروا!

اعتبرت أوساط اقتصادية أن المساعي التونسية لتقوية الشراكات مع السعودية وتنويعها خلال المرحلة المقبلة ستتيح فرصا كثيرة لتحقيق نمو أكبر في مسار التعاون الاقتصادي وستعزز تبادل المنافع في العديد من المجالات الحيوية والإستراتيجية مستقبلا.

تونس- تسعى تونس إلى تعزيز أوجه العلاقات الاقتصادية المثمرة مع السعودية من خلال استكشاف فرص دعم التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، والذي يعد ببناء مرحلة جديدة أكثر انفتاحا من بوابة عقد الشراكات لتبادل المصالح المشتركة.

وينظر المسؤولون التونسيون إلى الشراكات السعودية على أنها أحد مفاتيح إنعاش الاقتصاد، الذي يعاني من تراكم الأزمات، بينما يرى نظرائهم في البلد الخليجي أن تونس مليئة بالفرص التي يمكن الاستفادة منها في سياق إستراتيجية التحول الطموحة.

ولتقوية أسس التعاون بينهما توج البلدان استئناف اجتماعات اللجنة المشتركة الثلاثاء بعد انقطاع منذ أربع سنوات بتوقيع 7 مذكرات تفاهم في مجالات مختلفة، من بينها الصناعة والسياحة والمناخ والبحث العلمي الزراعي والمياه والعمل.

وكانت اللجنة قد عقدت أعمال دورتها العاشرة في العاصمة السعودية الرياض خلال أواخر شهر أبريل من عام 2019. وتشدد السعودية على أهمية وضع آليات عمل واضحة تتم من خلالها متابعة كافة القضايا التي تطرح في أعمال اللجنة ومتابعة تنفيذها ومواجهة التحديات والمعوقات التي تعترض تنفيذها.

بندر الخريف: السعودية تتطلع لأن تكون شريكا فاعلا للتنمية في تونس
بندر الخريف: السعودية تتطلع لأن تكون شريكا فاعلا للتنمية في تونس

وقال بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي إن هذه “الاتفاقيات تأتي تجسيدا لحرص حكومة البلدين على فتح آفاق أوسع للتعاون”.

وأكد في كلمته خلال ترؤسه وفد بلاده أن السعودية تتطلع إلى أن تكون شريكا فاعلا في الحراك الاقتصادي الذي تشهده تونس، من خلال بحث الفرص الاستثمارية، ومشاركتها مع القطاع الخاص، بما يحقق مستهدفات رؤيتي البلدين.

وأوضح أن هذا التعاون سيسهم بشكل مباشر في نمو التبادل التجاري إلى مستوى التطلعات، مشيرا إلى أن السعودية تنظر “بإعجاب لما يتحقق في تونس من تطور وتنمية على كافة الأصعدة”.

وتأتي تونس في المرتبة 15 كشريك تجاري للسعودية في المنطقة العربية، بحجم مبادلات تجارية سنوية تصل في المتوسط إلى 310 ملايين دولار، وفق بيانات رسمية.

ويبدو حجم التجارة البينية قليل وهو ما يتطلب القيام بشراكات أوسع مع زيادة الاستثمارات في سوقي البلدين بما يتيح تنميتها على نحو أكبر خلال السنوات المقبلة خاصة وأن السعودية تراهن على رؤية 2030 لزيادة نشاط صناعة الشحن البحري وإدارة الموانئ.

ولفت الخريف إلى أن ما يجمع السعودية وتونس من إرث ديني وثقافي واجتماعي يُمثل قاعدة صلبة للبناء عليه والمضي قدما في ترسيخ وتعميق هذه العلاقات وتعزيزها، في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية.

وقال “نطمح من خلال اجتماعات هذه اللجنة إلى أن نبني على الإرث الراسخ للعلاقات بين بلدينا، لنرتقي بها في كافة المجالات، والوصول بها إلى آفاق أرحب وأوسع، لتسهم في تحقيق تطلعات قيادتي البلدين”.

وأضاف “نظرا لما تتمتع به تونس من ثروات معدنية هامة كالحديد والنحاس والرصاص، واحتياطات كبيرة من خام الفوسفات، فإننا نؤكد على أهمية بحث الفرص الاستثمارية في هذه المجالات، والحصول على امتيازات تشغيلية في تونس”.

سهام البوغديري: تحدونا رغبة في توطيد التعاون المشترك والارتقاء به أكثر
سهام البوغديري: تحدونا رغبة في توطيد التعاون المشترك والارتقاء به أكثر

ويرافق الوزير السعودي في زيارته إلى تونس ممثلون عن عدد من الوزارات والهياكل الحكومية والمؤسسات المالية، إضافة إلى مجموعة من رجال الأعمال ومسؤولي عدد من الشركات السعودية الناشطة في قطاعات مختلفة.

ومن المتوقع أن تحظى هذه الانطلاقة الجديدة بالمزيد من الزخم مع انعقاد منتدى الاستثمار والشراكة السعودي – التونسي الأربعاء، وذلك بحضور أكثر من 300 مشارك من القطاع الخاص السعودي يمثلون مجموعة من القطاعات المهمة.

وسيتم تنظيم المنتدى بالتعاون مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، وهو منظمة تجمع أرباب الأعمال، والهيئة التونسية للاستثمار ووكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، ومركز النهوض بالصادرات التونسي.

وأبدت وزيرة المالية التونسية المكلفة بتسيير وزارة الاقتصاد والتخطيط سهام البوغديري في كلمة لها رغبة بلدها في توطيد التعاون البنّاء والعمل المشترك لتحقيق أهداف الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي واستتباب الأمن والسلم في المنطقة العربية.

وشددت على أن الدورة الحادية عشرة لاجتماعات اللجنة تشكل فرصة للتشاور ورسم برامج التعاون البيني لتحقيق الشروط المثلى لتعاون مثمر بين البلدين.

وقالت البوغديري “نريد تعزيز استفادة الفاعلين الاقتصاديين من فرص الاستثمار وتنمية الأعمال التجارية وتبادل الخبرات للارتقاء ضمن سلاسل القيمة العالمية وتثمين الميزات التفاضلية والواعدة للاقتصاد التونسي والسعودي”.

ولم تغفل الوزيرة عن الإشادة بالدعم السعودي لتونس لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، حيث تنوعت مجالات التعاون لتشمل كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأفرزت اجتماعات اللجنة التونسية – السعودية المشتركة في السنوات الأخيرة توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف الميادين بما من شأنه أن يرتقي بالعلاقات الثنائية إلى أعلى المراتب.

ووفق مجلس الأعمال المشترك، فإن مجمل الاستثمارات السعودية في تونس تجاوز الأربعة مليارات دولار في العقود الماضية، بينما لا توجد أرقام عن حجم الاستثمارات التونسية في السعودية.

وتستثمر الشركات السعودية حاليا في قرابة 38 مشروعا تشمل فندقا ومنتجعات سياحية خاصة في منطقة البحيرة شمال العاصمة بقيمة مالية تقدر بنحو 400 مليون دولار.

200

مليون دولار خصصت من بنك التصدير والاستيراد السعودي لتمويل واردات تونسية من المشتقات النفطية للمملكة

واكتسبت العلاقات الاقتصادية بين البلدين زخما إضافيا الأسبوع الماضي بعد دخولهما في شراكة جديدة لتعزيز التعاون في مجال النقل البحري، في ظل تأكيد البلدين على عزمهما على تذليل كافة العقبات أمام حركة التبادل التجاري بينهما.

وأبرم ديوان البحرية التجارية والموانئ التونسية في تونس مذكرة تفاهم مع شركة محطة بوابة البحر الأحمر الدولية السعودية لتطوير الشراكات في النقل البحري.

وفي دليل على مدى عمق العلاقات قدمت السعودية الصيف الماضي قرضا ميسرا لتونس بقيمة 400 مليون دولار ومنحة مالية بقيمة 100 مليون دولار لدعم توازناتها المالية.

وفي مارس 2023 أكد وزير التجارة السعودي ماجد القصبي على استعداد بلاده لتعزيز الاستثمار في تونس ودعم المشاريع المشتركة.

وقال خلال زيارته إلى تونس حينها إن السعودية منفتحة على مختلف المقترحات المقدمة من الجانب التونسي “قصد تطوير التعاون”، مشيرا إلى ضرورة مأسسة التواصل من خلال إحداث فرق عمل مشتركة.

وتلقت تونس قبل اندلاع الحرب في شرق أوروبا دفعة قوية من أكبر اقتصاد عربي في طريق تأمين إمدادات الوقود، إذ تشكل فاتورة الطاقة سنويا أحد عوامل الضغط على الموازنة السنوية للدولة.

وخصص بنك التصدير والاستيراد السعودي حوالي 200 مليون دولار لتمويل واردات تونسية من المشتقات النفطية السعودية. وأكد عبدالعزيز الخلب الرئيس التنفيذي للبنك مطلع 2022 أن مؤسسته مستعدة لزيادة التعاون مع الشركات التونسية في القطاعين العام والخاص عبر تقديم خدمات مالية متكاملة تعزز قدرتها على لعب دور أكبر في الاقتصاد التونسي.

11