تونس تُراهن على الشركات الأهلية للحدّ من البطالة وإنعاش الاقتصاد

مع تزايد التكهنات بشأن إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن مراسيم رئاسية جديدة في الأسابيع المقبلة يتصاعد الحديث عن الشركاء الأهلية التي سبق وأن أعلن عزمه المضي في إنشائها في محاولة تستهدف الحد من البطالة المرتفعة في البلاد وإسعاف الاقتصاد التونسي المُنهك أصلا.
تونس - يسود الترقب في تونس لإعلان الرئيس قيس سعيد عن مراسيم لتنظيم إنشاء الشركات الأهلية التي سبق وأن أعلن عنها لحلحلة معضلة البطالة التي تعانيها البلاد وكذلك إنعاش الاقتصاد الوطني المُنهك.
ولطالما شدد الرئيس سعيد الذي يقود مسارا سياسيا انتقاليا منذ الخامس والعشرين من يوليو الماضي في البلاد على أهمية هذه الشركات لهدفين؛ الأول استعادة الأموال المنهوبة، والثاني تشغيل العاطلين عن العمل والمساهمة في دوران العجلة الاقتصادية.
وفشلت الحكومات التونسية المتعاقبة في إيجاد حل جذري لمعضلة البطالة على الرغم من المقترحات التي تقدمت بها والتي كان آخرها القانون عدد 38 المتعلق بانتداب أصحاب الشهادات العليا ممن فاقت بطالتهم العشر سنوات.

رضا قويعة: الشركات الأهلية يُمكن أن تمثل حلا جزئيا لمعضلة البطالة
وكان الرئيس سعيد قد أعلن في التاسع عشر من نوفمبر الماضي أنه “من المقاربات التي يجب العمل عليها لتشغيل الشباب المعطل عن العمل وأصحاب الشهادات العليا الذين طالت بطالتهم، استعادة أموال الشعب المنهوبة”.
ويريد الرئيس سعيد بعد استعادة الأموال المنهوبة، تأسيس شركات جديدة بنظام الشركات الأهلية، يكون فيها المساهمون من سكان المنطقة وتتوفر فيهم صفة الناخب في الانتخابات البلدية.
وبحسب بيانات المعهد التونسي للإحصاء (حكومي)، فقد ارتفعت نسبة البطالة إلى 18.4 في المئة في الربع الثالث 2021، صعودا من 17.9 في المئة في الربع الثاني من العام نفسه، و17.8 في المئة في الربع الأول.
ووفقا للبيانات، فإن نسبة البطالة كانت تبلغ 15.1 في المئة في الربع الأول 2020، و18.0 في المئة في الربع الثاني، و16.2 في المئة في الربع الثالث، و17.4 في المئة في الربع الرابع من نفس العام، و14.9 في المئة في الربع الرابع 2019.
وتتباين المواقف والآراء بشأن نجاعة الشركات الأهلية في الحد من البطالة والمساهمة في تخطي الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعانيها البلاد في ظل تراكم الديون الخارجية وغيرها.
ويرى أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية رضا قويعة، أن مقترح الشركات الأهلية يُمكن أن يمثل حلا جزئيا لمعضلة البطالة في البلاد.
وأكد قويعة في تصريحات الاثنين “أعتقد أنه حلّ ممكن ولكن في نفس الوقت صعب، نظرا للصعوبات التي تعترض تكوين مثل هذه الشركات”.

عزالدين سعيدان: يجب وضع قانون ينظم إنشاء الشركات التي لا تساهم في حل المشكلة
وتابع “من الصعب خلق هذه الشركات في تونس، في ظل ما يحدث الآن من تجاذبات سياسية أو أمنية.. هذا النوع من الشركات الأهلية يكون وسيلة لتنشيط الاقتصاد خاصة في الجهات الداخلية حيث نسب البطالة مرتفعة جدا”.
وأردف “هذا الحل يجب أن يتزامن مع جملة من الحلول الأخرى أهمّها إعطاء أكثر ما يمكن من التحفيز للمستثمر التونسي والأجنبي، وتقليص المشاكل الإدارية لبعث أكثر شركات في الجهات الداخلية”.
وفي المقابل، يرفض خبراء اقتصاديون آخرون فكرة أن يحد هذا النوع من الشركات المذكور من البطالة وإنعاش الاقتصاد لأسباب عدة أبرزها غياب التشريعات التي تُنظم عملية إنشائها.
واعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن “المقترح لا يمكن أن يساهم في حل معضلة البطالة، باعتبار أن هذه الشركات غير موجودة أساسا في القانون التجاري التونسي”.
وأكد سعيدان أنه “لخلق هذه الشركات لا بد من وضع إطار قانوني جديد وهذا يتطلب الوقت”.
وأضاف “ما الفائدة من هذه الشركات التي هي غير موجودة أساسا في العالم، باستثناء عمان والبرازيل وبعض البلدان الأخرى.. نحن لدينا إطار قانوني وهو شركات الاقتصاد التضامني والاجتماعي التي تفي بالحاجة وأيضا، لدينا الإطار القانوني للتعاضديات، على الرغم من أن التونسيين لديهم تجربة غير ناجحة في الستينات مع التعاضد، ولكن في ذلك الوقت كانت مفروضة من طرف السلطة”.
وتساءل سعيدان عن جدوى اقتراح هذا الحل الآن، مشددا “هذا لن يخلق الثروة أو مواطن الشغل بالسرعة والكمية المطلوبة الآن في تونس”.
وأكد الخبير الاقتصادي أن الحل لهذه المعضلة هو أشمل من ذلك بكثير، مشيرا إلى أن “الأطر القانونية الموجودة حاليا ممكن أن تعطينا نتيجة أفضل بكثير من التفكير في أنواع أخرى من الشركات غير موجودة أساسا في القانون”.
واستنتج أنه “نحن في حاجة إلى إصلاح الاقتصاد التونسي والمالية العمومية والمؤسسات العمومية، وكل هذه الإصلاحات التي تحدثنا عنها منذ سنوات عديدة ولم ندخل فيها إلى حد الآن، هي الطريق الوحيد الذي يُمكّن تونس من الخروج من هذه الأزمة”.