تونس توقف محام بارز بتهمة التحريض ضد قضاة في قضية "التآمر"

تونس – تصاعدت حدة التوتر السياسي في تونس مع إقدام الشرطة التونسية، الاثنين، على اعتقال المحامي البارز والناقد الشرس للرئيس قيس سعيد، أحمد صواب، بعد مداهمة منزله.
ويأتي هذا الاعتقال على خلفية اتهامات بالتحريض على العنف ضد القضاة، وذلك بعد أيام قليلة من إصدار أحكام بالسجن طويلة المدة بحق قادة معارضين كان صواب أحد محاميهم، في قضية "التآمر على أمن الدولة".
وأفاد محامون بأن قوات الأمن اقتادت صواب إلى قطب مكافحة الإرهاب، ثم إلى الوحدة الوطنية الأولى للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم الماسة بسلامة التراب الوطني، حيث تقرر الاحتفاظ به لمدة 24 ساعة.
وقد أوضحت المتحدثة باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، حنان قداس، في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، أن النيابة العامة أذنت بفتح تحقيق ضد المحامي بتهم "إرهابية وجرائم حق عام مرتبطة بها"، شملت "التهديد بارتكاب جرائم إرهابية بهدف إرغام شخص على القيام بفعل أو الامتناع عنه وتعريض حياة شخص مشمول بالحماية للخطر والتهديد بما يوجب عقابا جنائيا".
واستندت السلطات في فتح التحقيق إلى تداول مقطع فيديو يعود تاريخه إلى 19 أبريل 2025، يظهر فيه المحامي أحمد صواب وهو يدلي بتصريح أمام مقر دار المحامي، وقد اعتبرته النيابة العامة تحريضاً على العنف.
وذكرت أنه تم "معاينة تلك الواقعة من قبل الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب"، وأن الإحالة إلى الوكيل العام جاءت نظراً لصفة صواب كمحام، مؤكدة على "خطورة الأفعال المرتكبة".
ويظهر مقطع الفيديو المذكور صواب خلال مؤتمر صحفي لهيئة الدفاع عن الموقوفين، ينتقد فيه بشدة وضع السلطة القضائية ويصفها بأنها "في وضعية دمار شامل".
كما وجه تهديدا ضمنيا للقاضي الذي أصدر الأحكام في قضية "التآمر على أمن الدولة"، قائلا "السكاكين يجب ألا تكون على المعتقلين وإنما على رئيس الدائرة التي أصدرت الأحكام"، مصحوباً بإشارة ذبح على رقبته، وهو ما اعتبرته السلطات "تهديدا بالذبح وتحريضا على القتل".
ودفع اعتقال صواب العشرات من النشطاء للخروج للشارع في مسيرة انطلقت مساء الاثنين من ساحة الباساج بوسط العاصمة تونس في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة، ورفع المحتجون شعارات تطالب بالإفراج عن صواب.
وعبرت حركة النهضة الإسلامية عن "تضامنها المطلق مع أحمد صواب، الذي يدفع ثمن مواقفه المشرفة في الدفاع عن دولة القانون واستقلالية القضاء".
ودعت في بيان على فيسبوك "السلطة إلى الكف عن محاولات تحريف التصريحات وتلفيق التهم" ضد المحامين، وطالبت بإطلاق سراح صواب.
وبدوره، قال الحزب الجمهوري (وسط يسار) في بيان إنه يدين "بشدّة هذا الإيقاف التعسفي، ويحمّل السلطة القائمة مسؤوليتها القانونية والسياسية".
من جهته، أعرب حزب "التكتل" (يسار اجتماعي) عن "تضامنه التام مع أحمد صواب وكل المسجونين بسبب مواقفهم السياسية"، وطالب في بيان "بإطلاق سراح جميع موقوفي الرأي، سواء بصفة تحفظية أو نتيجة أحكام جائرة".
ويأتي اعتقال أحمد صواب في سياق سياسي وقضائي متوتر تشهده تونس منذ أشهر، خاصة بعد إصدار الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب أحكاماً أولية بالسجن تتراوح بين 4 و66 عاما بحق 40 متهماً في "قضية التآمر على أمن الدولة"، من بينهم قيادات بارزة في حركة النهضة وشخصيات معارضة بارزة.
وكان صواب أحد محامي هؤلاء القيادات، وقد انتقد بشدة سير المحاكمة واصفاً إياها بـ"المهزلة"، معتبراً أن "القضاء قد تم تدميره بالكامل".
وتأتي تصريحاته التي استندت إليها تهمة التحريض على العنف بعد أيام قليلة من هذه الانتقادات اللاذعة والأحكام القضائية التي لاقت استنكارا واسعا من قبل منظمات حقوقية وسياسية.
وتعود القضية إلى فبراير 2023 عندما تم إيقاف عدد من السياسيين المعارضين والمحامين وناشطي المجتمع المدني ورجال الأعمال، ووجهت إليهم تهم تشمل "محاولة المساس بالنظام العام وتقويض أمن الدولة"، و"التخابر مع جهات أجنبية"، و"التحريض على الفوضى أو العصيان".
وأكدت السلطات التونسية في مناسبات عدة أن جميع الموقوفين في البلاد يُحاكمون بتهم جنائية تتعلق بأمن الدولة، مثل "التآمر على أمن الدولة" أو "الفساد"، ونفت وجود محتجزين لأسباب سياسية.
وكان سعيد قد قال في عام 2023 إن هؤلاء السياسيين "خونة وإرهابيون"، وإن القضاة الذين قد يبرئونهم شركاء لهم.
وفي 25 يوليو 2021، بدأ سعيد، فرض إجراءات استثنائية شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.